مسؤولين أمميين: السلام والأمن اللذين نتطلع إليهما لن يكونا ممكنين إلا عندما تعلب المرأة دوراً مركزياً
في الوقت الذي تتكاثر فيه الأزمات، دعا مجموعة من المسؤولين الأمميين المجتمع الدولي إلى اتباع استراتيجيات مثبتة من أجل إحلال السلام والاستقرار.
مركز الأخبار ـ خلال جلسة مناقشة في مجلس الأمن، أكد مجموعة من المسؤولين الأمميين على ضرورة إشراك النساء على قدم المساواة كجزء لا يتجزأ من إيجاد الحلول السلمية والتعافي وآليات الوقاية، مؤكدين على أن السلام والأمن اللذين يتطلعون إليهما لن يكونا ممكنين إلا عندما تعلب المرأة دوراً مركزياً.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن خلال مناقشة عامة، ضمت العديد من المسؤولين الأمميين، أمس الأربعاء 15حزيران/يونيو، أن جدول أعمال المرأة والسلام والأمن هو "أحد أفضل آمالنا" من أجل مستقبل أكثر سلاماً وكوكب صالح للعيش.
وأوضح أن حماية وتعزيز حقوق المرأة هما عنصران مهمان لاستراتيجية من هذا القبيل، مسلطاً الضوء على الدور الإيجابي الذي لعبته المنظمات الإقليمية في حماية الأجندة الرئيسية والنهوض بها.
"نتحرك في الاتجاه المعاكس"
وبالرغم من أن المساواة بين الجنسين توفر طريقاً للسلام المستدام ومنع الصراع، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لاحظ أننا "نتحرك في الاتجاه المعاكس".
وقال "صراعات اليوم تضخم عدم المساواة بين الجنسين، والفقر، واضطرابات المناخ، وأشكال أخرى من عدم المساواة"، مضيفاً أن النساء والفتيات يتأثرن بشكل غير متناسب بالعنف، وعواقب هذه الأزمات المتتالية.
وأشار إلى أن "الملايين من الفتيات خارج المدرسة في ظل عدم وجود أمل في الاستقلال المالي، بينما تعاني أعداد متزايدة من النساء والفتيات من العنف في المنزل، كما أن المتطرفون والقادة العسكريون الذين يستولون على السلطة بالقوة يتجاهلون المساواة بين الجنسين ويضطهدون النساء"، مبيناً أن كراهية النساء والاستبداد يعززان بعضهما البعض، ويتعارضان مع فكرة المجتمعات المستقرة والمزدهرة "تحقيق مساواة المرأة بالرجل هي مسألة سلطة".
وأضاف "في الآونة الأخيرة، أجبر الغزو الروسي لأوكرانيا ملايين النساء والأطفال على الفرار حفاظاً على حياتهم، مما عرضهم لخطر الاتجار والاستغلال بجميع أنواعه".
وأشار الأمين العام إلى أنه "في كل هذه النزاعات، لدينا رجال في السلطة ونساء مستبعدات، وحقوقهن وحرياتهن مستهدفة عمداً".
"تعيدنا عقوداً إلى الوراء"
من جهتها سلطت رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، الدكتورة سيما بحوث، الضوء على تأثير النزاع على النساء والفتيات، بما في ذلك تعطيل التعليم والزواج القسري المبكر، والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وانعدام الأمن الغذائي، ونقص سبل العيش، بالإضافة إلى محدودية الوصول إلى المأوى والصرف الصحي، والكرامة، قائلةً "تعيدنا عقوداً إلى الوراء".
وذكّرت سيما بحوث أعضاء المجلس باتفاقاتهم من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1325 لحماية النساء والفتيات في النزاع ولضمان أن تكون النساء في الصدارة في إيجاد السلام.
وأضافت أن العديد من الدول الأعضاء قد قطعت التزامات وطنية، كما فعلت المنظمات الإقليمية "لعبت المنظمات الإقليمية أيضا دوراً رئيسياً في تطوير شبكات الوسيطات"، مشيرةً إلى أنه في كل منطقة تقريبا هناك واحدة من هذه الشبكات على الأقل، ومع كل هذا التقدم المؤسسي، تقريباً في كل مرة تجري فيها مفاوضات سياسية ومحادثات سلام، نتساءل: "أين النساء؟"، قائلةً "السبب ببساطة هو أننا لم نفِ بالتزاماتنا".
وأكدت سيما بحوث أنه يجب إشراك النساء على قدم المساواة "كجزء لا يتجزأ من إيجاد الحلول السلمية والتعافي وآليات الوقاية".
وحثت أعضاء المجلس والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية على ضمان أن تشمل جميع جهود الاستجابة أصوات القيادات النسائية بالكامل "تأكدوا من وجود النساء هناك. بتجاربهن المعيشية. ومعرفتهن ورؤيتهن لمستقبلهن"، مشددةً على أن "السلام والأمن اللذين نتطلع إليهما لن يكونا ممكنين إلا عندما تلعب المرأة دوراً مركزياً".
"العالم يعيش أوقاتاً صعبة للغاية"
وقالت الأمنية العامة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، هيلغا ماريا شميد، أمام المجلس إن العالم "يعيش أوقاتاً صعبة للغاية". وسلطت الضوء على حرب روسيا على أوكرانيا، مشيرةً إلى أن "تأثيرها مدمر على المدنيين الأبرياء والبنية التحتية وتعارضها بشكل مباشر مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الأمني الأوروبي والعالمي".
وقالت هيلغا شميد "كانت النساء والفتيات ضحايا الاغتصاب وهن أكثر عرضة للإتجار والعنف. إن عواقب الحرب في أوكرانيا تهدد أيضاً الأمن الغذائي وأمن الطاقة".
"المساواة بين الجنسين هي المؤشر الأول للسلام"
وأشارت المبعوثة الخاصة لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي المعنية بالمرأة والسلام والأمن بينيتا ديوب إلى البحث الذي يثبت أن "المساواة بين الجنسين هي المؤشر الأول للسلام وأن المشاركة الكاملة لجميع المواطنين، رجالاً ونساء، هي أفضل طريقة لبناء ديمقراطيات مستدامة، والحد من الصراع وتحقيق التنمية".
وقالت ممثلة الاتحاد الأوروبي، سفيرة النوع الاجتماعي والتنوع، ستيلا رونر-غرواتشيتش، أن المجتمع الدولي "يقف حالياً عند مفترق طرق مع اتجاهات مختلفة للاختيار".
وترى رونر-غرواتشيتش أن هناك خيارين إما الاستمرار على طريق الكلام أكثر من العمل، أو الموافقة على تسريع العمل، بما في ذلك في أوقات الأزمات الراهنة والاستيلاء غير القانوني على البلدان.
من جهتها، أشارت الأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية، هيفاء أبو غزالة، إلى أن منطقتها "لا تزال تشهد أزمات وصراعات وأن إمكانات المرأة لبناء السلام لا تزال غير مستغلة في المنطقة".
وعلى الرغم من هذه التحديات، لفتت هيفاء أبو غزالة الانتباه إلى "تقدم متقطع" مشيرةً إلى أنه يتم حالياً "توجيه دعوات من أجل وقف تصعيد النزاعات ومشاركة المرأة على قدم المساواة وبشكل هادف في حلها السلمي".