مسلسل يتناول "الزواج العرفي" يثير غضب التونسيات
أثارت الحلقات الأولى من مسلسل "براءة" التونسي جدلاً واسعاً لتناوله موضوع "الزواج العرفي"
زهور المشرقي
تونس ـ أثارت الحلقات الأولى من مسلسل "براءة" التونسي جدلاً واسعاً لتناوله موضوع "الزواج العرفي" وطريقة الطرح المثيرة التي تناقض ثوابت المجتمع التونسي الذي لا يخلو من بعض السلوكيات على غرار المجتمعات الأخرى في العالم.
هذه الدرجة من التضخيم عبر المسلسل تثير موضوعاً لا يمثل اهتماماً بالنسبة لجل التونسيين خصوصاً أن القانون الذي تم إقراره عام 1957 يتعامل مع الزواج العرفي بصفته غير قانوني، ويعاقب مرتكبوه بالسجن لمدة 5 سنوات، كما أن تعدد الزوجات ممنوع قانوناً في البلاد.
وانتقد الكثير من التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي المسلسل، مشيرين إلى أن العودة إلى الوراء بطرح قضايا محسومة بالقانون تدل على سقوط الإعلام المروج لذلك في دائرة الإثارة لكسب أعلى نسبة من المشاهدات سعياً وراء الربح المادي عبر الحصول على الإعلانات المدفوعة.
وقد أثار طرح هذا الموضوع الناشطات النسويات اللواتي عبرن عن غضبهن من دس السم والتطبيع مع سلوكيات خطيرة تجاوزتها تونس منذ إعلان مجلة الأحوال الشخصية عام 1956، مشيرات إلى أن مشاكل المواطن التونسي والتحديات التي تواجه المجتمع تتمثل في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية وفي خلق مجلات التنمية وتطوير القطاعات الصحية والتربوية والبيئية.
فكرة المسلسل التي أكّدت أن الزواج العرفي قد يكون الحل لبعض الرجال حين تكون زوجته عاجزة، يوحي بأهداف غير سليمة للتطبيع مع سلوكيات دخيلة على المجتمع التونسي ولا تمثل ظاهرة في حد ذاتها، ويروج المسلسل إلى فكر يحركه الجنس لا العقل أو الضوابط الأسرية.
واعتبرت العديد النسويات عبر لقاءات إذاعية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، إثارة هذا الموضوع بمثابة المسّ من كرامة النساء والتحريض على ضرب مختلف الإنجازات التي حققتها الحركة النسوية منذ عقود من الزمن، فقد قالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي، في مداخلة إذاعية أنه سيتم معاقبة كل شخص يروج لفكرة الزواج العرفي، معتبرة أن ما تضمنه مسلسل "براءة" هو تمييع للمكاسب، وعبرت عن استيائها من طرح هذا الموضوع وما يحمله من تعد على كرامة النساء.
من جهتها اعتبرت المحامية أمل طعم الله، في تصريح لوكالتنا، أن الزواج العرفي تجاوز قانوني يعاقب عليه بالسجن، واصفةً المسألة بالخطيرة، وعبرت عن غضبها إزاء تمرير هكذا أفكار في الدراما التونسية.
ولفتت إلى أن طريقة طرح الفكرة في المسلسل بتلك الكيفية من شأنها أن تدفع إلى ارتفاع حالات الزواج العرفي الذي يضرب بأسس الدولة المدنية ويصيب تماسك المجتمع ويمسّ كرامة النساء اللواتي ناضلن منذ الاستقلال من أجل محاربة مثل هذه الأفكار الرجعية المتخلّفة التي تتنافى وما بلغته التونسية اليوم من تطور ووعي.
وحول الموقف الحقوقي من القضية، قالت "حُسمت القضية منذ عقود وتُرجمت عبر مجلة الأحوال الشخصية حيث منع المشرّع منعاً باتاً تعدد الزوجات، قضية حسمتها التشريعات ضمن إطار الدولة المدنية".
ولفتت إلى أن الزواج العرفي عقوبته سنة سجن مع دفع غرامة مالية، وهو جريمة لا تتسامح فيها الدولة ولا القانون، مشيرة إلى أنّه لا يمكن إنكار كون الزواج العرفي موجوداً في تونس كغيرها من الممارسات التي تنتهك حقوق النساء المسكوت عنها في جميع أنحاء العالم.
ودعت الجهات المعنية إلى معالجة المسألة بطرق علمية لا عبر طرق بدائية تروج كون المرأة سلعة وجسد إرضاءً لشهوات.
بدوره أصدر الحزب الدستوري الحر، بياناً ندد فيه بمسألة تناول قضية الزواج العرفي في تونس، معتبراً أن الزواج العرفي جريمة وفق مجلة الأحوال الشخصية، ويعاقب مرتكبوها بالسجن، مؤكداً على أن هذه المواضيع تم حسمها منذ عام 1956، ويدخل منع هذه الممارسات ضمن الحقوق المكتسبة للمرأة التونسية ولا مجال للتراجع عنها أو طرحها للنقاش مجدداً.
واعتبر أن المشاهد المعروضة بالمسلسل تمثل صافرة إنذار للمرأة التونسية لتنتبه لما ينتظرها من إهانة في صورة استئثار القوى المسيطرة على مواقع صنع القرار، داعياً إلى اليقظة والتجند لحماية مكاسب المرأة وحفظ كرامتها.