مشاركات تطالبن بمدونة أسرة عادلة وملائمة للدستور المغربي
بمشاركة ناشطين سياسيين وحقوقيين وأكاديميين، نظّمت التنسيقية النسائية للتغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة ندوة وطنية بالرباط، ناقشت خلالها دور البرلمان في سن قانون أسري ينسجم مع الدستور والاتفاقيات الدولية.

حنان حارت
المغرب ـ في خطوة تؤكد على تصاعد المطالب النسائية بالمغرب، طالبت مجموعة من ناشطات البرلمان المغربي بسن قوانين أسرة جديدة تكرس المساواة وتحمي الحقوق.
نظمت التنسيقية النسائية للتغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، أمس الجمعة 19 أيلول/سبتمبر، بنادي المحامين بالرباط، ندوة وطنية تحت شعار "دور المؤسسة التشريعية في سن قانون أسري ملائم للدستور والالتزامات الدولية" وجمعت الندوة ناشطين سياسيين وحقوقيين وأكاديميين وممثلي المجتمع المدني، في سياق استمرار النقاش العمومي حول مراجعة مدونة الأسرة بالمغرب.
وأكدت المشاركات أن مراجعة مدونة الأسرة لا تقتصر على الجانب القانوني أو الفقهي فحسب، بل تمثل ورشاً مجتمعياً يرتبط بمسار التنمية وبناء مجتمع قائم على المساواة والعدالة، واستعرضت الندوة المسار الطويل لتطور التشريعات الأسرية بالمغرب، من صدور مدونة الأحوال الشخصية عام 1957 في سياق الاستقلال، مروراً بتعديلات 1993 التي رافقت دخول أول امرأتين إلى البرلمان، وصولاً إلى اعتماد مدونة الأسرة في 2004، التي اعتُبرت متقدمة مقارنة بالقوانين السابقة، لكنها واجهت تحديات تطبيقية، خصوصاً في مسائل مثل تزويج القاصرات.
ورغم التقدم الذي حققته مدونة 2004، أشارت المتدخلات إلى استمرار سوء التطبيق في بعض القضايا، وزيادة حالات الطلاق، الأمر الذي يثير قلق الحقوقيات، كما ذكرت أن الدستور المغربي لعام 2011 ورفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة يضع البرلمان أمام التزام واضح بملاءمة النصوص القانونية مع المرجعيات الدستورية والدولية.
وقالت عاطفة تمجردين منسقة التنسيقية "نحن أمام لحظة تاريخية والبرلمان يحمل مسؤولية كبرى تجاه النساء والأطفال في المغرب، وترى التنسيقية أن مهمتها الأساسية هي سن قوانين عادلة تراعي المساواة وتلغي كل أشكال التمييز ضد النساء، لم يعد النقاش مجرد تعديل قانوني، بل مسألة عدالة وكرامة، لقد سبق أن قدمنا مذكرة شاملة تتضمن مطالب واضحة، تشمل حماية الطفل، ومساواة كاملة بين الجنسين في الزواج والطلاق والميراث، وإلغاء أي استثناءات قانونية تمس حقوق النساء، هذه المطالب ليست مجرد رغبات سياسية بل تعكس انتظارات المجتمع المدني والحركة النسائية بأسرها، نحن نطالب البرلمان بأن يستجيب لهذه المطالب ويحوّل التزامات المغرب الدستورية والدولية إلى قانون متقدم وفاعل، يحمي الحقوق ويكرّس المساواة".
وأضافت "نعلم أن العملية التشريعية قد تواجه تعقيدات وربما مفاجآت، لكن هذا لا يقلل من مسؤولية المؤسسة التشريعية في الارتقاء بالنقاش نحو مستوى اللحظة التاريخية، الإصلاح لا ينفصل عن مشروع مجتمعي أشمل لبناء مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً".
هذا واختتمت الندوة بالتأكيد على أن إصلاح مدونة الأسرة والذي يمثل اختباراً حقيقياً لالتزام المغرب بحقوق النساء والأطفال، وأن النقاش البرلماني المقبل سيكون حاسماً في تحديد ما إذا كانت المكتسبات القانونية ستترجم إلى واقع ملموس أم ستبقى حبيسة الحسابات السياسية والثقافية الضيقة.