'مساعي الجهاديين لإظهار لغة ناعمة وشاملة تمثيلية مؤقتة'

قالت منسقة مركز SAMER"" يوكسل جينتش خلال تقييمها للتطورات في سوريا، أن جهود "الجهاديين" لإظهار لغة ناعمة وشاملة هي "تمثيلية مؤقتة"، لافتةً إلى أن "نظام روج آفا الذي أسسته الشعوب يجب أن يُحمى بوحدة الصف".

مدينة مامد أوغلو

آمد ـ في سوريا، تمت الإطاحة بالنظام السوري الذي دام 54 عاماً بعد سيطرة ما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" على حلب ثم حماة وحمص في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وأخيراً العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/ديسمبر.

يواصل الاحتلال التركي ومرتزقة الجيش الوطني السوري التابع له هجماته على إقليم شمال وشرق سوريا، ومن ناحية أخرى، تدعو الإدارة الذاتية مراراً وتكراراً إلى الحوار من أجل السلام والهدوء في المنطقة.

وقد قامت منسقة مركز البحوث الاجتماعية والسياسية الميدانية (SAMER) يوكسل جينتش بتقييم التطورات في سوريا والشرق الأوسط، حيث لفتت الانتباه إلى ممارسات هيئة تحرير الشام في البلاد، مؤكدةً أن الذين يسلمون سوريا للتحالف الذي تقوده الهيئة يريدون إضعاف إرادة الميدان الذي يهيمن عليه الإدارة الذاتية.

 

"سيتم تجاهل المكونات الديمقراطية في البلاد"

تقول يوكسل جينتش إنه "في سوريا، القوى منقسمة ويراد خلق توازن لا يخلق إرادة قوية، في التوازن الذي يحرص على عدم خلق إرادة وسيادة مشتركة ومستقلة، يبدو أن الإرادة الرئيسية ستكون في الدول التي في الخارج، وهناك حالة أخرى هي أن القوى والهياكل التي لها نفوذ محلي في أجزاء مختلفة من سوريا لديها تصورات مختلفة تماماً عن العالم".

وأضافت "يبدو أن الهياكل التي ظهرت في سوريا ستكون معزولة عن بعضها البعض خارج مناطق سيادتها وستعاني من الضعف الطبيعي الذي تجلبه هذه العزلة، كما أن مؤهلاتهم كمكونات ديمقراطية في البلاد سيتم تجاهلها أو الحد من مؤهلاتهم كمكونات ديمقراطية في البلاد، كما أن الوضع الحالي يشير على الأقل إلى أن هذه الاحتمالات قائمة".

وأشارت إلى أن هناك حاجة إلى بيئة ديمقراطية لإعادة إعمار سوريا "من أجل ذلك تحتاج الهويات القومية والدينية والطائفية المختلفة في البلاد إلى نظام يمكنهم من خلاله إدارة وتمثيل أنفسهم في أماكن عيشهم، وهم بحاجة إلى خلق الآليات الديمقراطية".

 

"إنهم مصممون على عدم ترك القرار للسوريين"

ولفتت يوكسل جينتش إلى أن مستقبل سوريا تقرره توازنات أخرى غير الشعب السوري "النظرة الحالية بعيدة كل البعد عن فكرة سوريا الجديدة التي تجمع مختلف معتقدات السوريين وهوياتهم الفكرية، دول الخليج ودول الجوار حريصة على كسب النفوذ على سوريا وتقاسمه، فمن ناحية، يبدو أن دول الخليج من جهة وتركيا وإسرائيل من جهة أخرى، إنهم مصممون جداً على عدم ترك القرار بشأن مستقبل سوريا للسوريين".

وأضافت أن "الاستراتيجية التي رسمتها إسرائيل منذ عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حماس والعلاقة التي أقامها الغرب مع هذه الاستراتيجية تتضمن إعادة تصميم الشرق الأوسط بما يتوافق مع أمن إسرائيل وتطورها إلى حد كبير، كما أن التصميم الذي يركز على احتياجات إسرائيل هو المطلوب في سوريا".

وأوضحت "الدول التي تطمح إلى أن تكون قوة إقليمية تريد الاستفادة من الفوضى وضعف القوة الذي حدث بعد تفكك النموذج القديم ومراكز القوى، ونحن نفهم من المواقف والتصريحات وطبيعة الجهود المبذولة أن تركيا هي إحدى الدول التي لديها هذه الرغبة".

 

"تركيا منخرطة في العملية كراعٍ"

وفي لفت الانتباه إلى وجود لاجئين في تركيا، ذكرت يوكسل جينتش أن تركيا ترى لنفسها الحق في أن يكون لها رأي في مستقبل سوريا، "في الوقت الذي تشارك فيه تركيا في عمليات تأسيس هيمنة هياكل مثل هيئة تحرير الشام في سوريا وتصميم سوريا الجديدة كأخ أكبر وراعٍ، فإنها تفسر وجود أكثر من 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا على أنه الحق في أن تكون الدولة الرئيسية التي لها رأي في مستقبل سوريا".

وأضافت "بعبارةٍ أخرى، باعتبارها دولة مجاورة لها مقعد قوي على الطاولة السورية، فهي من جهة تقول أنا أيضاً حاضر في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى تستكشف احتمالات محاولة منع الكرد من الصعود كقيمة جيوسياسية في النموذج الجديد".

 

"هيئة تحرير الشام شكل جديد ومتحول جزئياً من داعش"

وحول دور هيئة تحرير الشام في التطورات الأخيرة على الساحة السورية قالت يوكسل جينتش إنه "لديها شراكة أيديولوجية مع الهياكل السلفية الشرعية"، مشيرةً إلى أن جهود "الجهاديين" لإظهار لغة ناعمة وشاملة هي "تمثيلية مؤقتة".

ونوهت إلى أن هيئة تحرير الشام ستسعى إلى إقامة دولة وفقاً لرموزها الأيديولوجية مع وصولها إلى السلطة، "في حين أنها غيرت نفسها كشكل جديد من أشكال داعش التي خضعت لتحول جزئي، فإن قاعدتها الأيديولوجية تتوخى إقامة دولة إسلامية، ولا ينبغي أن ننسى أن البعثيين قد يرغبون في الانتقال من الاستبداد العلماني إلى استبداد إسلامي، والواقع أن التجربة أثبتت أن الإسلام السياسي يخلع زي الديمقراطية أو التعددية الديمقراطية بمجرد أن يشتد عوده".

ولفت الانتباه إلى الاحتمالات التي ستشهدها سوريا إذا وصلت هيئة تحرير الشام إلى السلطة "يمكننا أن نتوقع أنها ستسعى إلى تحقيق رؤيتها لدولة تتوافق مع الشريعة في أول فرصة ستجدها، مثل هذه الهياكل ليس لديها رؤية للديمقراطية، وهناك خطر كبير في أن تكون الديمقراطية بالنسبة لها محطة تنزل فيها عندما تسير الأمور على ما يرام".

وأوضحت أنه "في النهاية، لم تفز هيئة تحرير الشام والتحالف المرافق لها بسوريا بقواتها وحركاتها الشعبية، فسوريا أُهديت لهذه الهياكل، ولا شك أن الذين قدموا سوريا كهدية فعلوا ذلك بشرط أن يحكموها وفقاً لمصالحهم، ومن طبيعة الأشياء أن تعمل القوى في هذا الوضع على تشغيل الديناميات الديمقراطية وتعزيز إمكانيات الديمقراطية، ولذلك، فإن قدرتهم على تقديم حياة أكثر ديمقراطية وحرية للشعب السوري أكثر من الأسد مشكوك فيها أيضاً".

 

"التقاسم في سوريا يجري سياسياً"

وحول سياسة التقاسم في سوريا من قبل إسرائيل وتركيا، قالت يوكسل جينتش إن "تركيا تستهدف إقليم شمال وشرق سوريا، وقد أوضحت هذا الهدف من خلال ممارساتها وخطاباتها على حد سواء"، مضيفةً "ما يحدث في سوريا يمكن أن يكون في الواقع مثالاً للبحث عن نموذج في المنطقة، حيث أنها تمثل فرصة تشاركية ونشاط للبلدان المجاورة مثل دول الخليج وتركيا، حيث يمكنهم التخلص من الأزمات والمآزق، وبشكل أدق، يبدو أن هذه هي الطريقة التي يبدو أنهم يتعاملون بها مع هذه العملية".

وأوضحت أنه "هناك مسألة أخرى مهمة وهي أن الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان منذ بضعة أشهر خلال هذه العملية، والتي كنا نعتقد أنها تهدف إلى إضعاف حماس وحزب الله وتوريط إيران في الحصار، بدت وكأنها محاولة لإضعاف إيران وجرها إلى الحرب، ولكننا ندرك اليوم أن الهدف المباشر لجهود إسرائيل هو سوريا بالإضافة لخلق الظروف التي تتيح لدول المنطقة الجلوس على طاولة تقسيم سوريا وتحولها بمطالب معينة".

 

"النظام الجديد سيحدد اتجاه حل القضية الكردية"

وفي إشارة إلى أن تركيا هي إحدى الدول التي لديها رغبة في القضاء على الكرد، قالت يوكسل جينتش "ترى تركيا أن مستوى نشاطها في سوريا هو مفتاح التخلص من القضية الكردية، وإن جهودها التي تستهدف بنية مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا هي أكبر قوة منفردة في سوريا، والأمثلة كثيرة على ذلك، فإن النظام الذي سيتم تأسيسه في سوريا وسياق نشاط تركيا في هذا النظام سيحدد أيضاً اتجاه حل القضية الكردية".

 

"يجب الحفاظ على النموذج الديمقراطي بالوحدة والتضامن"

وترى يوكسل جينتش أن "روج آفا التي بُنيت بوحدة الشعوب يجب أن تُحفظ اليوم بوحدة الشعوب نفسها ولا يجب أن تُترك في وسط حسابات السلطة، كما أن سوريا اليوم معرضة لخطر التقسيم بين حكام المنطقة والعالم، ولا ينبغي أن يُترك النموذج الديمقراطي الذي تم تأسيسه بإقليم شمال وشرق سوريا في وسط هذه الحسابات الكبيرة، وبعبارة أدق، يحتاج هذا النموذج إلى دعم قوي من القوى الكردية واليسارية والديمقراطية من أجل حمايته، وقد مكنت وحدة القوة هذه من تشكيل تلك المقاطعات، ومرة أخرى، يمكن لوحدة القوة هذه أن تحميها في خضم كل هذه الأطماع الإمبريالية الكبيرة والصغيرة".

وأشارت إلى أن بناء "سوريا الجديدة" يمكن أن يكون ممكناً بمشاركة كافة الشعوب، "يجب أن نتذكر أن حماية هيكل المقاطعات، وهو النموذج الأكثر استقراراً وديمقراطية في سوريا، يشكل مثالاً لسوريا مستقرة وشرق أوسط مستقر وسلمي، الأمر متروك للشعوب وليس للدول، لتحويل الوضع الجديد في سوريا إلى فرصة لحل المشاكل".

 

"يجب تحمل مسؤولية الحل"

وقالت يوكسل جينتش في ختام حديثها أنه "في سوريا، يجب تحمل مسؤولية إيجاد حل وليس حلاً في سوريا"، داعيةً الديناميات الإقليمية إلى عدم التزام الصمت في مواجهة العملية "الوضع الحالي في سوريا، العلويون والدروز والكرد هم الطوائف التي تتعرض لتهديد وشيك، وإن أكثر الوسائل فعالية للقضاء على هذه الأخطار ومنع حدوث مآسٍ إنسانية جديدة هي الديناميكيات الديمقراطية في الدول المجاورة والشعوب المجاورة وبالطبع الكرد، لهذا السبب، فإن الجهود المبذولة لضمان إعادة إعمار سوريا من قبل السوريين، وليس رغماً عن السوريين، تقع على عاتق الديناميكيات الديمقراطية في المنطقة، ربما أكثر من أي وقت مضى".