مريضات السرطان في غزة تواجهن معركة مزدوجة تحت نيران الحرب

يعتبر "أكتوبر الوردي" محطة أمل ودعم للنساء المصابات بسرطان الثدي إلا أن هذا الأمل يبدو شاحباً في قطاع غزة، ففي هذا العام يتزامن "أكتوبر الوردي" مع الهجمات المتبادلة المستمرة على القطاع المحاصر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

نغم كراجة

غزة - تواجه النساء المصابات بسرطان الثدي في غزة تحدياً مزدوجاً بين محاربة المرض وتحمل تبعات الحرب المستمرة التي تعيق حصولهن على العلاج اللازم، مما جعل من معركتهن أكثر قسوةً وتعقيداً.

وسط القصف المستمر وتدمير البنية التحتية، تواجه مريضات سرطان الثدي في غزة تحديات جسيمة، تبدأ بنقص العلاج والخدمات الصحية والضغوط النفسية الهائلة والخوف الدائم من الموت.

تواجه المصابات بسرطان الثدي في غزة منذ أعوام صعوبة في الوصول إلى العلاج اللازم، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر الذي أدى إلى نقص الأدوية والمعدات الطبية، مع الوضع المزري الذي تفاقم بشكل مأساوي، إثر الهجمات الإسرائيلية التي أدت إلى تدمير أو خروج المستشفيات والمراكز الطبية من الخدمة، حيث استهدفها بالقصف المباشر، فأصبح من الصعب على المريضات الحصول على العلاج الكيميائي والإشعاعي الضروري لمكافحة مرضهن.

وقالت الطبيبة رقية ساق الله "الوضع الطبي في القطاع بات كارثياً فنحن لا نملك الإمكانيات لتقديم الرعاية الصحية اللازمة لجميع المرضى، بسبب النقص الحاد في الأدوية، وفي بعض الأحيان نعجز حتى عن إجراء الفحوصات الأساسية التي تحتاجها المريضات".

وأوضحت أن العديد من المستشفيات والمرافق الصحية تعرضت للقصف المباشر وهو ما جعل الأطباء في غزة يعملون في ظروف شبه مستحيلة، ووفقاً لتقارير محلية فقد تم استهداف مجمع الشفاء الذي يعد أكبر مستشفى في القطاع، مما تسبب بأضرار كبيرة بأقسامه المختلفة، بما في ذلك قسم الأورام، "هذا الوضع ترك المئات من النساء المصابات بسرطان الثدي دون إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية اللازمة، مما زاد من معاناتهن وخطورة حالتهن".

إلى جانب التحديات الصحية، تعاني مريضات سرطان الثدي من ضغوط نفسية هائلة جراء الهجمات المستمرة، والخوف الدائم من القصف وفقدان الأحبة يزيد من تفاقم حالتهن النفسية على حد قول رقية ساق الله "الضغط النفسي يعتبر من العوامل التي قد تزيد من احتمالية تدهور صحة المريضات، مع العلم أن الجهاز المناعي يكون أقل قدرة على مقاومة المرض في ظل التوتر والقلق المستمرين".

وحتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة كان قطاع غزة يعاني من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، ولكن مع استهداف المستشفيات والمرافق الصحية، بات الوضع أكثر حرجاً، وأن الأدوية الضرورية لعلاج السرطان، مثل أدوية العلاج الكيميائي والهرموني، أصبحت نادرة، مما يهدد حياة مئات النساء المصابات بسرطان الثدي، وحتى المعدات اللازمة للفحص المبكر والكشف الدوري أصبحت شبه معدومة، مما يجعل اكتشاف الحالات الجديدة أو متابعة الحالات القائمة صعبة، بحسب ما قالته رقية ساق الله.

وذكرت أن الكثير من المصابات بسرطان الثدي تجدن أنفسهن غير قادرات على الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية حتى في الحالات التي تتوفر فيها بعض الخدمات الصحية، بسبب المخاطر الأمنية، واستهداف الطرق والقصف العشوائي على المناطق السكنية مما يجعل التنقل داخل القطاع خطراً على الحياة.

ولفتت إلى أنه على رغم من كل هذه التحديات والصعوبات تظل النساء في غزة يتمتعن بروح الصمود والإرادة القوية "هناك مبادرات فردية ومجتمعية صغيرة تهدف إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمريضات، وتجتمع بعض النساء في مجموعات صغيرة داخل المنازل لتبادل النصائح والدعم العاطفي، محاولات تجاوز الألم والخوف من خلال التضامن مع بعضهن البعض".

وبجهود فردية أطلقت رقية ساق الله فعالية توعوية خلال شهر "أكتوبر الوردي"، حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي والتوعية بمخاطره، وذلك من منطلق واجبها المهني والإنساني تجاه نساء غزة.

وشددت على ضرورة تنظيم سلسلة من المبادرات والأنشطة حول سرطان الثدي خاصة خلال حالات الطوارئ حيث تصبح الرعاية الصحية أكثر تعقيداً وصعوبة، ويزداد التحدي أمام المريضات في الوصول إلى الفحوصات والعلاج الضروري.