معرض "تراثنا" حلم صعب المنال غير واقع الكثير من ممتهنات الحرف اليدوية
تعد المعارض جزء هام من العملية التسويقية لأرباب الحرف اليدوية، ولها طابع خاص ومختلف عن غيرها خاصة "تراثنا" الذي يتوافد عليه العارضين من مختلف أنحاء العالم
أسماء فتحي
القاهرة ـ معرض "تراثنا" يعد من أهم المعارض التي تقام في مصر ويشمل مختلف الحرف اليدوية ويحقق حالة من الثراء المعرفي والإبداعي في المناخ العام طوال فترة إقامته.
للمعرض أهمية كبيرة حيث أنه يعد حلقة وصل بين العارضين من ممتهني الحرف اليدوية ليست في الداخل المحلي فقط بل وفي مختلف أنحاء العالم، وهو الأمر الذي يعزز من حجم العلاقات ويفسح المجال أمام التسويق ويفتح الباب على مصراعيه لتبادل الخبرات بين الحضور.
ورغم أن هناك عدد من النساء الممتهنات للحرف اليدوية يرون أن به قصور واضح ومغالاة في أسعار الرسوم ومساحات العرض، إلا أن هناك أخريات أكدن على أهميته وما حققه لهن من إنجاز في مستواهن الإبداعي والتسويقي، فضلاً عن مساهمته في تطويرهن على عدة مستويات منها جودة المنتج ذاته.
المعرض حلم بعيد المنال لارتفاع رسومه
قالت مصممة المشغولات اليدوية سها صبحي، إن المعرض واحد من أهم الفاعليات الخاصة بالحرف اليدوية يجمع العارضين من داخل وخارج البلاد وله خصوصية وأفضلية لدى أغلب من يمتهنون الحرف.
واعتبرت أن واحد من أهم الإنجازات التي قد تتحقق هو اكتساب الثقة في النفس وإقامة علاقات واسعة في المجال، فضلاً عن الخبرة وما لها من أهمية لكل العارضين، ولكنها وصفته بـ "الحلم صعب المنال" نتيجة ارتفاع قيمة رسوم المشاركة به.
وأكدت مصممة الهاند ميد سها صبحي، أنها وصديقاتها من صغار العاملين في الحرف اليدوية يتطلعون لليوم الذي يتمكنون فيه من المشاركة بالمعرض دون تكبد نفقات تفوق امكانياتهم، فهناك نحو 28 حرفة يحتويها المعرض ويشارك به نحو 1500 عارض، لذا فهو حدث هام، ولكن على حد تقديرها المبتدئين مازالوا ينتظرون مد يد العون لهم وإشراكهم فيه.
عوائق تحول دون نجاح المنتجات الصغيرات في مجال الحرف اليدوية
اعتبرت سها صبحي أن واحد من أبرز المعوقات التي تصادفها تكمن في التسويق الجيد للمنتجات سواء على المستوى المحلى أو الخارجي خاصة أن هناك منتجات إبداعية وتراثية ذات طابع خاص وفريد ولكن لا تجد من يسلط الضوء عليها.
وتأتي في المرتبة الثانية بحسب سها صبحي، ارتفاع أسعار الخامات على من يعملون في الحرف اليدوية، فمازال الكثيرون لا يدركون قيمة الجهد المبذول في هذه المنتجات، وبالتالي فحجم المبيعات لا يغطي التكلفة، معتبرةً أن الدولة عليها مسؤولية الاهتمام بتلك المشاريع وينقصهم الدعم سواء باستثناء صغار العارضين من رسوم المعارض الكبرى ومنها "تراثنا" أو تقديم الدعم المادي بالمساهمة في توفير خامات بقيمة مخفضة تتناسب وقدرة المبتدئات.
ولفتت إلى أن قدومها من مدينة السحر والجمال "دهب" إلى القاهرة جعلها تبحث عن العمل الأقرب لتلك الطبيعة وهو عمل الأحجار الكريمة والتعرف عليها، معتبرةً أنه أقرب ألوان الفنون للطبيعة التي كانت تحيا بها، وأن هذا العمل كان أشبه بالعلاج لمختلف حالات الاكتئاب والحزن التي انتابتها منذ قدومها وحتى تمكنت من تجاوز محنتها به، مشيرةً إلى أن العمل اليدوي علاج للأزمات المادية والنفسية.
ارتفاع رسوم المعارض يعيق الحرفيات ويزيد من خسائرهن
قالت مصممة الكروشيه والحرف اليدوية حنان الطيب، إن لها تجربة مع معرض "ديارنا" الذي أضاف لها الكثير ورسومه أقل من تراثنا، لكونهم يتابعون العارضين كل ثلاثة أشهر، ويتواصلون معهم وهو الأمر الذي أثر على عملها بالإيجاب.
وعن سبب عدم مشاركتها بمعرض تراثنا أرجعته حنان الطيب، للمبالغ الكبيرة التي يدفعها العارضين من أجل المشاركة وهو الأمر الذي لا يتم تعويضه من بيع المنتجات أثناء فترة التواجد فيه.
وأكدت على أن توقف المعارض ذات الرسوم الأقل أثر سلباً على العارضين والحرفيين الجدد الذين لا يتوفر معهم قيمة الاشتراك بـ "تراثنا" وغيره من المعارض ذات الرسوم المرتفعة.
وهناك حالة كساد في عملية البيع بشكل عام اعتبرتها حنان الطيب مؤشر خطر لأن الكثير من ممتهني الحرف اليدوية يعانون والبعض وضع إنتاجه بالمخازن على أمل تغير الوضع، لافتةً إلى أن بعض المعارض تخرج معلنة أنها حققت مكاسب ومبيعات وهذا أمر غير حقيقي بشهادة من حضروها، فالحالة العامة في تقديرها تتجه نحو الأسوأ بسبب تراجع المبيعات.
المعرض يساهم في التواصل والتطوير ودعاية لا يحلم بها العارض
قالت الفنانة التشكيلية ومصممة المصغرات والمجسمات عبير سعد الدين، أن التقديم على معرض تراثنا غير صعب على الإطلاق، فقط الراغب في الحضور يقوم بإرسال بياناته والعاملين على التنسيق متعاونين للغاية، مؤكدة أنهم يستمرون في التواصل مع الحضور عقب انتهاء المعرض متيحين الفرص التي يرونها مناسبة سواء على مستوى المعارض أو التدريبات.
وأضحت أن هناك دعم كبير للأعمال المتميزة، لافتةً إلى أن الايجار قد يكون مرتفع نسبياً ولكن مقارنة بالعوائد الناتجة عن حضوره أو بما يتم طرحه من أسعار في المعارض الخارجية الموازية فالمبلغ مناسب جداً.
وروت تجربتها مع معرض تراثنا قائلة "أرسلت لهم على صفحة مشاريع مصر وكان ردهم سريع جداً وطلبوا بيانات أكثر وتفاصيل لأني أرسلت بشكل عشوائي ورأوا نمازج من عملي ووفروا لي دعاية لم أكن أحلم بها يوماً، كما أنهم يضعون أرقام هواتف العارضين والمنتجات الخاصة به واسم البراند وهذا سمح للتواصل مع جمهور من خارج البلاد وبات لدي عملاء في العديد من الدول عن طريق تراثنا، وكانت هناك تغطيات صحفية واهتمام وتشجعهم ونقطة انطلاقي وحضور الجماهير تعود للمعرض".
العلاقات والخبرة والأفكار المكتسبة من المعرض أكبر من الرسوم المدفوعة
اعتبرت مدربة المشغولات اليدوية والمشروعات الصغيرة حنان متري، أن معرض تراثنا أضاف لها الكثير وغير من تطلعاتها وأسلوب عملها، مضيفة أن وجودها وسط كوكبة من العارضين جعلها تعمل على تنمية مهاراتها وتطور من عملها.
وأكدت على أن الهدف الأساسي من حضور هذا المعرض على وجه التحديد هو بناء شبكة علاقات قوية داخل أو خارج البلاد فالبعض يتمكن من التصدير للخارج والآخرون يتبادلون الخبرات المتنوعة، وتأتي مسألة حجم المبيعات في المرتبة التالية.
أما عن ارتفاع رسوم الاشتراك فترى حنان متري، أن حجم الاستفادة أكبر بكثير من القيمة المدفوعة خاصة على صعيد الخبرات والمعرفة والتطوير والعلاجات العامة بجانب التسويق للبراند ذاته محلياً ودولياً.
وكشفت عن وجود مؤسسات وجمعيات يمكن تمثيلها في تلك المعارض بدون رسوم، وأنها فعلت ذلك من خلال مؤسسة أضواء المستقبل وشاركت دون أن تتكبد أي تكلفة لذلك، وعن حجم استفادتها الشخصية من المعرض قالت "كنت مبتدئة عندما شاركت وهناك رأيت أفكار جديدة وجنسيات مختلفة أحدثت بداخلي طفرة، وطورت عملي وتعلمت التسويق فأنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وقناة على اليوتيوب، وبدأت انتشر إلى أن أصبحوا يطلبون مشاركتي في برامج بل وتطور الأمر لمستوى عملي بالتدريب داخل وخارج البلاد".