منع تعدد الزوجات والمساواة في الإرث... مطالب حملة نسوية في المغرب
مع مرور 18 عاماً على إصدار مدونة الأسرة في المغرب، تستمر جمعيات نسائية ومنظمات حقوقية بالمطالبة بإقرار تغييرات جذرية وشاملة تضمن المساواة بين الجنسين
المغرب ـ .
تحت شعار "من أجل قانون أسري يضمن الملائمة والمساواة"، أطلق اتحاد العمل النسائي في المغرب، خلال ندوة صحفية أمس الخميس 10 شباط/فبراير في العاصمة الرباط، الحملة الوطنية الثانية للمطالبة بتغيير شامل وجذري لقانون مدونة الأسرة بعد مرور 18 عاماً على صدورها.
وقالت رئيسة اتحاد العمل النسائي عائشة الحيان خلال مداخلتها، أن "السياق الذي يعيشه المغرب اليوم، بات يفرض علينا تغييراً جذرياً للأسرة"، مشيرةً إلى أنه "منذ عام 2004 إلى غاية اليوم، كانت هناك تطورات كبيرة شهدها المغرب على المستويات القانونية والاقتصادية والسياسية، لهذا لا يمكن أن يظل قانون مدونة الأسرة متخلفاً عن كل هذه الأمور".
وأوضحت أن وضعية النساء والأطفال تطورت وبناءً عليه ووفق كل المستجدات التي عرفتها الأسرة والمجتمع المغربي، فإن قانون الأسرة أصبح لا يجاريها، لهذا وجب ملاءمتها مع الدستور المغربي الذي ينص على المساواة.
وينادي اتحاد العمل النسائي باعتماد المرجعية الحقوقية ومبدأي المساواة وعدم التمييز وملاءمة المدونة مع مقتضيات الدستور واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل اللتين التزم المغرب بإعمالهما، والقطع التام مع المقاربة الذكورية التي تؤطر المدونة الحالية والاستناد إلى منظور حديث للأسرة المغربية يناسب القرن 21، ويتوافق مع التطورات السوسيولوجية الحاصلة، ويرتكز على المساواة التامة بين أفرادها وعلى بنية تكافلية غير تراتبية، ويهدف إلى ضمان حقوق النساء وحمايتهن من التبعية والحيف والتفقير والتشريد، ويمكن بنجاعة من حل معضلات الأسر والمجتمع.
ومن بين التعديلات الأخرى التي يطالب بها الاتحاد، حظر تعدد الزوجات الذي يمثل في العصر الحالي أقصى درجات امتهان كرامة وحقوق النساء والأطفال وأيضاً حظر تزويج الطفلات واعتماد السن القانونية للزواج المحددة في 18 سنة للذكر والأنثى دون أي استثناء، مع إلغاء الفقرات 2 و3 و4 من المادة 16 التي تفتح الباب للالتفاف على القانون.
ودعت عضوات اتحاد العمل النسائي خلال الندوة الصحفية إلى اعتماد إلزامية عقد تدبير ممتلكات الأسرة واشتراطه ضمن الوثائق اللازمة لملف الزواج، والتنصيص صراحة على اعتبار دور العمل المنزلي وتربية الأطفال في تقويم مساهمة النساء، وإسناد الولاية على الأبناء إلى الأم والأب دون تمييز أثناء قيام الزوجية وعند انحلالها، وتوحيد مسطرة انحلال الزوجية بالنسبة للطرفين معاً والاقتصار على مسطرة الطلاق الاتفاقي ومسطرة التطليق الذي تكون من موجباته استحكام النزاع بين الزوجين أو الضرر أو الغيبة، إضافةً إلى إلغاء التمييز الحاصل في مواد الحضانة وعدم اعتبار زواج الأم المطلقة عاملاً لإسقاطها عنها كما هو الحال بالنسبة للأب المطلق.
كما شدد اتحاد العمل النسائي على مراجعة شاملة للمواد المتعلقة بالنفقة وواجب الحضانة وتكاليف سكن المحضون بما يجعلها تضمن بفعالية حق المرأة والمحضون في السكن اللائق والحياة الكريمة وفي الحفاظ على نفس مستوى العيش، واعتماد التحليل الجيني كوسيلة علمية يقينية لتحديد الأبوة والنسب، وضمان حقوق الأبناء دون تمييز بغض النظر عن شروط النشأة إعمالا للمصلحة الفضلى للطفل وحماية له وللأم، علاوةً على تفعيل دور النيابة العامة بشكل ناجع وفعال وخاصة في حالات الطرد من بيت الزوجية.
ومن بين الفصول الأخرى التي يراها الاتحاد لابد من أن يشملها التغيير مراجعة منظومة الإرث بما يضع حداً للإجحاف في حق النساء ولهضم حقوقهن وتفقيرهن، وبما يتجاوب مع التحولات المجتمعية وأدوار النساء، وذلك بإقرار المساواة في الإرث بين المرأة والرجل في كل المستويات، وإلغاء المادة 400 التي تترك الباب مفتوحاً لاجتهادات قضائية قد تتعارض مع مبادئ المساواة وعدم التمييز.
وأجمعت الناشطات المشاركات في الندوة على أن مراجعة مدونة الأسرة هي ضرورة وليست اختياراً، حيث أصبحت هذه الخطوة تفرضها التغيرات التي لحقت بالمجتمع المغربي.
يشار إلى أن مدونة الأسرة الحالية صدرت سنة 2004، لكن رغم المستجدات التي حملتها، إلا أنها لم تكن وفق طموحات الحركات النسائية في المغرب.
وتعد حملة تغيير قانون مدونة الأسرة التي يطلقها الاتحاد اليوم هي الثانية من نوعها، حيث سبق وأن بادر سنة 1992 إلى إطلاق حملة أولى تحت شعار "حملة المليون توقيع لتغيير المدونة".