ملتقى الفن التشكيلي في قامشلو... كل لوحة تُجسد شعوراً مختلفاً

تجتمع مواهب نساء شمال وشرق سوريا في مجال الفن التشكيلي تحت سقف ملتقى واحد، وتجسد كل لوحة من لوحاتهنَّ مشاعرهنَّ وأفكارهنَّ.

سيلين محمد 
قامشلو ـ
تحت شعار "تنوعنا مصدر جمالنا وقوتنا، معاً لنجعل الفن ربيع قلوبنا" نظمت هيئة الثقافة والفن في شمال وشرق سوريا، ملتقى روج آفا الثالث للفن التشكيلي، بمرحلته الثَّانية، الثلاثاء 18 أيار/مايو 2021، والذي يبدأ من الساعة التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءاً، وذلك في صالة محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو.
وانطلق الملتقى في مرحلته الأولى في السادس من شهر أيار/مايو في مدينة الطَّبقة بمشاركة 25 فنان/ة، بهدف التقاء الفنانين وتبادل الخبرات، واستمر لمدة ست أيام، ويضم المعرض الخامس للفن التَّشكيلي، وكانت فعاليات الملتقى الأول قد بدأت في عام 2016، والثاني عام 2018 بمدينة كوباني.
"المرأة هي ملهمتي"
فاطمة جولو (26) عاماً، تشارك في المعرض من مدينة كوباني مع 128 فنان/ة، وتقول لوكالتنا أنها لا تزال مبتدئة في الرسم، فقد درست الفنون منذ ثلاث سنوات "في كل يوم أتعلم شيء جديد، واللوحة التي أشارك فيها رسمتها عام 2020، واستغرقتُ لإنهائها شهرين كاملين".
شاركت فاطمة جولو بلوحة لامرأة تعزف على القيثارة، استخدمت فيها الألوان الزّيتيَّة "اخترت ألواناً متناسقة كالأزرق والأخضر، والأحمر، والبني والبنفسجي، والشَّال في لوحتي جزء من التراث الكردي". 
وعبر هذه اللوحة سعت لإيصال فكرتها "الموسيقا هي الأكثر إبرازاً لإحساس المرأة، ولها مجالات متعددة وواسعة ومساحة فنية خاصة". وترى أن المعارض تفيد في تبادل الخبرات والاطلاع على المواهب الفنية المختلفة "كان التفاعل جيداً، فالرسم موهبة متجددة يجب إبرازها أمام أنظار العالم خلال الفترة التي تمر بها البلاد حالياً، ولا سيما المواهب الصاعدة". 
وتؤيد فاطمة جولو وجود المرأة ومشاركتها الفعالة في مختلف المعارض، إذ أن لديها سبع لوحات عن المرأة "وصلت النساء بفضل تحرر فكرهنَّ ومحاربتهنَّ من أجل انتزاع حقوقهنَّ إلى مرحلة متقدمة، ولهذا هنَّ من ألهمنني".
ووسط اعجاب المحيطين بلوحاتها وقدرتها على التعبير والتصوير عبر لوحاتها، تؤكد على أن التشجيع هو حافز الفنان للوصول "إن امتلكنا الدعم سنتخطى جميع المعوقات، لهذا يجب ألا نتوقف ونستمر بالطريق الذي اخترناه".
"أردت أن أعبر عن أهمية وجود شخص ما يدعمك"
أما فاطمة محمد (17) عاماً، من مدينة عفرين، فهذه المشاركة الأولى لها في معرض خارج مدينة الشهباء "أردت أن أعبر في لوحتي عن الحياة وضرورة وجود شخص يدعمك ويقف إلى جانبك من أجل تخطي مصاعبها، فجمالية المشاعر أن نتقاسمها مع الآخرين".
وعن دلالات الألوان التي استخدمتها، تقول "الأحمر يرمز إلى الحب والأسود فيمثل الحرب والحزن، والكواكب في اللوحة تدل على الموطن، لذا أبرزت كوكب الأرض، لأنه المكان الوحيد للحياة والمشاعر الإنسانية الفياضة، والأشواك أسفل اللوحة هي الصعوبات التي نواجهها في حياتنا".
وتضيف "بالرغم من أني لا أزال في بداية الطريق، إلا أنني أرى مستقبلي في مجال الرسم، لأنني أشعر بالراحة عندما أمارسه، لهذا تابعت تعلمه".
بالنسبة لفاطمة محمد المعرض فرصة لاكتساب المهارات والتعلم من الآخرين، وعدم اعتماد أسلوب واحد في الرسم "اللوحات الموجودة هنا تجسد الواقع الاجتماعي، وأغلبها عن المرأة، لأنها البنية الأساسية للحياة".
وتشجع جميع الفتيات لدعم مواهبهنّ وتقول "يجب ألا يدفنَّها، بل أن يسرنَّ نحو أحلامهنَّ للوصول إلى أهدافهنَّ". 
 
"16 متراً تصور مأساة أهالي عفرين"
وبين اللوحات المعروضة، كان هنالك سلسلة من اللوحات المرتبطة مع بعضها البعض للفنانة التشكيلية صباح علي، المهجرة من عفرين، تقول إن إنجاز هذا العمل تطلب مجهود 15 فنان/ة "هذه اللوحة تدل على بداية الحرب على عفرين في عام 2018، وتستمر بتصوير لحظات النزوح، لتنتهي بانتشار المهجرين في المخيمات، طولها 16 متراً، واستغرق رسمها ثلاثة أيام، عشنا خلالها من جديد المعاناة السَّابقة".  
أما عن بداية تعلمها للرسم فتقول "منذ كنت طفلة أرسم عندما أشعر بالحزن، وتلقيت التشجيع من أسرتي وأصدقائي، واليوم وصلت لهذه المرحلة بفضلهم".
وتأمل صباح علي العودة القريبة إلى عفرين وتؤكد على المقاومة حتى تحريرها، "رغم جميع المآسي التي نعيشها إلا أننا سنعود".
ويستمر الملتقى حتى نهاية أيار/مايو الجاري، وفي الختام سيتم اقتناء اللوحات من المعرض وتكريم الفنانين/ات.