مجموعة من التوصيات والقرارات في البيان الختامي لمؤتمر اتحاد المرأة الكردية
جاء في البيان الختامي لمؤتمر منصة اتحاد المرأة الكردية "إن نضال النساء بقوتهن الداخلية وفلسفة Jin Jiyan" Azadî" ضد قمع وظلم هذا النظام يمكن أن يوقف الحروب والعنف ويمهد الطريق للسلام".

آمد ـ عقدت منصة اتحاد المرأة الكردية مؤتمرها الثالث في قاعة غرفة تجارة وصناعة دياربكر (DTSO) بمدينة آمد بشمال كردستان، تحت شعار "بوحدة نساء كردستان، نحو الوحدة القومية".
في ختام مؤتمر اتحاد المرأة الكردية الثالث، أُعلن عن البيان الختامي، حيث قرأته عضوة المنصة ديفرِم دمير، وجاء فيه "عقدنا مؤتمرنا الثالث في آمد بمشاركة 101 مندوبة، تحت شعار "بوحدة نساء كردستان، نحو الوحدة القومية"، ويهدف مؤتمرنا إلى تقييم دور ومهمة المرأة الكردية في بناء الوحدة القومية، وحماية الثقافة واللغة الكرديتين، والحفاظ على القيم الاجتماعية، وبناء السلام والمجتمع الديمقراطي، ووضع خارطة طريق للنضال المشترك بإرادة جماعية".
ولفتت إلى أن "المرأة كانت دائماً هدفاً للعقليات السلطوية"، مؤكدةً أن التاريخ اكتسب معناه من خلال مقاومة النساء، وأن الأرض تحولت إلى مصدر للإنتاج بأيديهن.
وأضافت "النساء هن من سمعن صوت الطبيعة، وغذين الحياة بمشاعر لا نهاية لها، وحمين السلام، وإن الحقيقة المخبأة في ذاكرة النساء الكرديات أصبحت اليوم شرارة طريق الإنسانية نحو الحرية، العلاقة التي أقمنها مع الطبيعة ليست فقط من أجل استمرارية الحياة، بل هي أيضاً أساس للمعنى والخصوبة والوجود الجماعي، وفي هذا الكون حيث تُعد الأرض أماً، والماء حياة، والنار روحاً، والهواء كلمة، أصبحت النساء لغة الجميع، ولهذا السبب كانت النساء أولى أهداف الذهنيات السلطوية وأنظمة السيطرة، وأصبحن أكبر مخاوف السلطة الذكورية بسبب قوتهن في تنظيم الوجود والحياة الحرة".
وجاء في البيان أيضاً "لقد ناضلت النساء الكرديات عبر التاريخ ضد الاستعمار والحكم الأبوي؛ ودافعن عن أجسادهن وهويتهن وطبيعتهن، وقُدن مسيرة شعوبهن نحو الحرية، لذلك يدعو هذا المؤتمر إلى حمل الإرث العريق القادم من الماضي إلى المستقبل، وإلى تعزيز دور النساء في بناء السلام والتنظيم المجتمعي، فنحن نعلم جيداً أنه لا يمكن أن يكون هناك مجتمع حر دون حرية النساء، ولا يمكن بناء حياة أو تحقيق السلام بدون النساء".
ولفتت ديفرم دمير في البيان إلى أن "تنظيم هذا المؤتمر في وقت يُعاد فيه تشكيل الشرق الأوسط، وتُخاض فيه حروب وصراعات على أساس الأديان والمعتقدات والهويات، يزيد من آمال نسائنا بالمستقبل، وكما أن السلطات العالمية والإقليمية على مرّ قرون ارتكبت إبادة بحق ثقافات ولغات وهويات ومعتقدات الشعوب في المنطقة، خصوصاً في كردستان، فإنها اليوم تواصل سياساتها بالأدوات ذاتها ومن أجل المصالح ذاتها".
كما تطرق البيان إلى الحرب الإيرانية الإسرائيلية "الحرب التي تشارك فيها الولايات المتحدة تُعدّ من أكثر الحروب سخونة اليوم، وموضع تركيز أنظار العالم بأسره، بما في ذلك تركيا، وإن المشهد في الشرق الأوسط، الذي وصفه القائد عبد الله أوجلان قبل سنوات من خلال رؤيته السياسية وأطلق عليه اسم "الحرب العالمية الثالثة"، هو اليوم من أكثر القضايا التي تثير قلق تركيا، كما أنها تدرك جيداً أنها إذا لم تنهِ سياسات الضغط والاضطهاد التي تمارسها بحق الشعوب، وإذا لم تعترف بالحقوق والحريات ضمن إطار ديمقراطي، فلن تتمكن من الخروج من حالة الحرب، بل ستنحدر إلى وضع أشد خطورة".
وأضاف "كما هو الحال بالنسبة لجميع الدول القومية التي تسعى للحفاظ على بقائها، فإن الدولة التركية تناقش سياساتها المتّبعة منذ قرن بحق الكرد من إبادة وتهميش ضمن سياق مختلف في محاولة لتجنيب نفسها آثار هذه الحرب المتمركزة في الشرق الأوسط، وتجري حوارات مع القائد عبد الله أوجلان، لذلك يمكننا القول إن خارطة الطريق التي تضمن حقوق الشعوب وحقها في الحياة المشتركة المتساوية، لا سيما للشعب الكردي وجميع الشعوب والمعتقدات، هي خارطة الطريق التي أعلنها القائد أوجلان في 27 شباط تحت عنوان "السلام والمجتمع الديمقراطي".
وأشاد البيان بـ "نضال النساء الكرديات في المجالات الوطنية والثقافية والاجتماعية هو امتداد لإرث من المقاومة التاريخية ونتاجٌ للحاجات السياسية الراهنة، واليوم، فإن تأسيس اتحاد المرأة الكردية لم يعد خياراً بل أصبح مسؤولية تاريخية يجب أن تتحملها كل امرأة كردية، في مواجهة سياسات الإنكار والإبادة والاضطهاد الموجهة ضد الشعب الكردي، وقد قرر المؤتمر إنشاء هذا الاتحاد على أساس منصة تتجاوز الحدود الجغرافية، تجمع تجارب النساء الكرديات من جميع أنحاء كردستان، تعزز تنظيمهن، وتعيد تقييم هيكليته، ليصبح هذا الكيان القوة الأكثر ديناميكية وقدرة على إحداث التغيير في عملية بناء الوحدة الوطنية".
وعن دور النساء في الحفاظ على الثقافة الكردية ونقلها، ذكر البيان "المرأة الكردية، التي تُعد القوة الحاملة والمبدعة والناقلة للثقافة الكردية، تتحمل أيضاً مسؤولية تاريخية في نقل هذا الإرث إلى الأجيال الجديدة، ويجب على النساء أن يواصلن أداء دورهن كوسيطات خلاقات وناقلات للثقافة، فقد أغنى العمل النسائي كل جزء من الهوية الكردية، من الموسيقى إلى الأزياء الشعبية، ومن الطعام إلى الفلكلور، لذلك قرر مؤتمرنا أن تشارك النساء بقدر أكبر في الإنتاج الثقافي، وأن يتم إحياء التقاليد الثقافية وأنظمة المعرفة الجندرية على أيدي النساء، كما تقرر من أجل تعزيز الوحدة الثقافية والفنية، أن تُنظم مهرجانات دولية للثقافة والفن سنوياً، في إحدى مناطق كردستان".
وحول دور النساء في حماية وتطوير اللغة الكردية، أفاد البيان "إن الحفاظ على اللغة الكردية وتطويرها يشكلان أساس الهوية الوطنية، وتلعب النساء دوراً محورياً في هذا المجال، بدءاً من نقل اللغة داخل الأسرة، مروراً بالتعليم، ووصولاً إلى الأدب والإنتاج الإعلامي، وفي هذا السياق، قرر مؤتمرنا أن على النساء اللواتي يتحملن مسؤولية نقل اللغة الكردية إلى الأجيال الجديدة أن يصبحن محور المبادرات المحلية المعنية باللغة الكردية، وأن يتم تنظيمهن ضمن شبكة واحدة، وتوسيع نطاق النضال من أجل اللغة، والتصدي للوعي الذي يروّج لفكرة أن "اللغة الكردية نادرة وليست لغة علم".
كما تطرق البيان الختامي لمؤتمر اتحاد المرأة الكردية الثالث، لمناهضة سياسات العنف والإبادة الموجهة ضد المرأة "إن العنف المتعدد الأوجه الممارس ضد النساء الكرديات لا يستند فقط إلى النوع الاجتماعي، بل يحمل أيضاً أبعاداً قومية وطبقية وسياسية، فقد أحاطت السياسات الأمنية للدولة والعسكرة والفقر والنزوح القسري ومصادرة الثقافة بأجساد وحياة النساء الكرديات، لذلك سنعمل على رفع الوعي بالدفاع الذاتي على المستويين المحلي والوطني، وتعزيز شبكات التضامن النسائي، وبناء جبهة نضال مشتركة لمواجهة هذه الهجمات المتعددة، فالنضال لا يقتصر على المجال القانوني فقط، بل إن النضال المجتمعي المنظم يمكن أن يشكل أيضاً دعامة قوية في مواجهة العنف".
أما دور النساء في بناء السلام والمجتمع الديمقراطي، فقد ذكر البيان أن "النساء، اللواتي يدفعن الثمن الأعلى في أوقات الحرب، هن أيضاً من يصنعن السلام والحياة الديمقراطية، ونحن، النساء الكرديات، نؤكد أنه مع صمت السلاح، يجب أن يبدأ مسار سلمي ودائم، تُرسى فيه العدالة، وتُصان فيه الحقوق على أساس المواطنة المتساوية، وقد شدد مؤتمرنا على ضرورة أن تلعب هذه المنصة دوراً فعالاً في بناء مجتمع ديمقراطي على أساس منظور القائد عبد الله أوجلان القائم على الديمقراطية، الإيكولوجيا، وحرية المرأة، كما أكد أن تعزيز التضامن النسائي على المستويات الإقليمية والوطنية والدولية يُعد من الأهداف الأساسية في هذا السياق".
وختم البيان بالإعلان عن بدء مرحلة جديدة من خلال توحيد الذاكرة الجمعية والتجارب النضالية وآمال النساء الكرديات في المستقبل، لان الوحدة الوطنية، والنضال من أجل الثقافة واللغة، وحماية الحياة الحرة، ودور النساء القيادي في بناء السلام تُعد ركائز أساسية لهذه المرحلة الجديدة، حيث أن نضال المرأة الكردية بلغ مستوى من القوة والخبرة يمكن أن يساهم بشكل كبير في بناء مجتمع ديمقراطي، فبوجود امرأة حرة، يمكن تحقيق مجتمع حر، وبالثقافة واللغة الحرتين، تتحقق الهوية الحرة.
وعقب إعلان البيان الختامي، ألقت إحدى عضوات المنصة، جولكان قاشماز، كلمة قالت فيها "إذا كان هناك مشكلة بحجم رأس دبوس في المجتمع، فعلينا نحن النساء أن نحمّل أنفسنا المسؤولية، لا يكفي الوقت لنروي نضال الشعب الكردي، سواء لأيام أو شهور أو حتى سنوات، هناك نضال بدأ منذ مئة عام، وهو ما أوصلنا إلى هذه المرحلة، نحن نعقد مؤتمرنا اليوم بفضل ذلك النضال، أمهات السلام حاضرات بيننا بأوشحتهن البيضاء، ومهما بلغ بياض أوشحتهن، فإن في قلوبهن ألماً عظيماً، ولكي تنتهي هذه المعاناة، علينا أن نُرسخ وحدتنا".
كما تطرقت جولكان قاشماز إلى النداء الذي وجّهه القائد عبد الله أوجلان في 27 شباط/فبراير "بعد هذا النداء اكتسبت أعمالنا بُعداً مختلفاً، أعلنا في السليمانية عن تأسيس منصة اتحاد المرأة الكردية، وقلنا إن على الكرد، أينما وُجدوا في العالم، أن يتحدوا ويواصلوا عملهم المشترك، كما عقدنا مؤتمر اتحاد البرلمانيات الكرديات في آمد، وعلى الرغم من أن شنكال وروج آفا لم تتمكنا من المشاركة، إلا أن نضالات عظيمة تُخاض هناك، قد تكون أعمال المؤتمر قد اختُتمت اليوم، لكن مهامنا تبدأ من هذه اللحظة، علينا توسيع أنشطتنا أكثر وتحقيق الوحدة الوطنية".