معاناة النساء الأفغانيات تتفاقم مع تغير الحكومات

خلال عشرين عاماً حكمت ما تسمى بالحكومة الديمقراطية أفغانستان، ولكن رغم ذلك كانت البلاد تفتقر للمرافق الأساسية كالمستشفيات والمدارس، حتى أن المواطنون في بعض المدن كانوا يعيشون حياةً بدائية.

بهاران لهيب

أفغانستان - على مدى السنوات العشرين الماضية، وفي ظل وجود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" والدول المتدخلة في أفغانستان، قتلت طالبان الآلاف من الأشخاص في صفوف الجيش والشرطة والمدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، وتم إنشاء منظمة إرهابية بشكل متعمد وكانت الظروف الملائمة لطالبان في المناطق التي يسيطر عليها البشتون لبناء أعشاشهم.

خلال عشرين عاماً حكمت ما تسمى بالحكومة الديمقراطية أفغانستان، لم تكن هناك مستشفيات ومدارس للبنات والبنين، أو طرق سلسة إلا في عدد قليل من المدن الكبرى، وفي المحافظات لا تتوفر في المناطق والقرى المرافق الأساسية، ولا توجد طرق، وإذا وجدت فهي ترابية ويصعب عبورها.

وكان من المعروف في بعض القرى أو حتى المناطق والأقاليم أن البرنامج تقدم تحت سيطرة طالبان فقط، بالإضافة إلى طالبان جندت منهم قوات عسكرية، أما العدد المتبقي فيقتل في سجون باغرام وغوانتانامو ولقد حولوهم إلى مرضى عقليين بأبشع التصرفات والتعذيب.

وبالنسبة لوضع الشابات والشباب خلال العشرين سنة الماضية، فإلى جانب قتل الشباب جسدياً ونفسياً على يد طالبان، فإن بعضهم يلتحق بصفوف الجيش والشرطة بسبب الفقر، وتم تشجيع البعض على أن يصبحوا مدمنين للمخدرات، والآخرين على الدراسة في فولبرايت والوصول إلى مناصب حكومية رفيعة، وكانت سياسة وهدف 24 دولة وعلى رأسها الولايات المتحدة في هذا المجال هو تحويل الشباب عن النضال للحصول على حقوقهم، وبذلك لم يشعروا بأي خطر من القوات الحرة والمقاتلة، واستمرت هذه الدول في تنفيذ سياساتها ببساطة والاستمرار في العيش بأفغانستان.

ويعد إجبار عدد من الشباب على مغادرة أفغانستان جزءاً من خطط الغرب ليسهل عليه تنفيذ سياساته الشريرة بالاشتراك مع طالبان والمجموعات الإرهابية الأخرى، وحتى الولايات المتحدة والدول التي كانت تقود طالبان لم تكن تعتقد أن المرأة يجب أن تقف ضد طالبان أو ألا تتخلى عن الكفاح ضد أي شكل من أشكال القمع، رغم أنها تدرك جيداً خصائص الشعب الأفغاني الذي انتصر على المستعمرين (البريطاني والروسي) دون النظر إلى القضية العرقية والدينية، كما تمزق القناع الأفغاني للصداقة الأمريكية، ومثل تلك القوى، سوف تُترك في مزبلة التاريخ.

سافرت كاميرا وكالتنا إلى أفغانيا إحدى قرى مقاطعة نجراب في ولاية كابيسا حيث كانت تتمركز القوات العسكرية الفرنسية في الفترة من (2001 إلى 2014)، وعندما دخلنا طريقاً في نفس المكان، صادفنا طريقاً ترابياً لم يكن جيداً من قبل، لكنه دمر بالكامل بسبب السيول.  

تحدثت وكالتنا مع مهر غُل آغا إحدى نساء المنطقة عن الجرائم التي ارتكبت بحقهم على مدار العشرين عاماً الماضية وقالت إن حالهم ليس أفضل الآن في ظل حكم طالبان "كان لدي ثلاثة أبناء وثلاث بنات. قريتنا كلها من البشتون وقد تم إنشاء روابط مع القرى المجاورة لنا حيث يعيش الطاجيك، ولم تكن هناك مشكلة بيننا وعندما جاء الأجانب، أخذوا ابنين مني".

وأكدت أنه "لا أحد يسأل عن آلامنا، وماذا حدث لبورما، خلال العشرين عاماً التي حكمت فيها طالبان منطقتنا. أبنائي لم ينضموا لطالبان، رغم عدم حصولهم على التعليم لأن المدرسة ليست في منطقتنا بل كانوا مزارعين ويعملون في أراضينا وفي أحد أيام القتال بين طالبان والحكومة، هُزِمت حركة طالبان لمدة ساعة وهرب عناصرها إلى الجبال وفي نفس اليوم، وقعت مذبحة في منطقتنا ولم يهرب شبابنا لأنهم لم يكونوا من طالبان ولكن لكي تظهر الحكومة إحصائيات كبيرة للقتلى من عناصر طالبان، أطلقت النار على جميع شبابنا وقتلت حوالي 20 شخصاً أو أكثر في نفس اليوم، وبعد ساعتين غادرت القوات الحكومية وعادت طالبان لتسيطر على المنطقة".

في العشرين سنة الماضية، وفي المناطق التي سيطرت عليها الحكومة لبضع ساعات، عاش الناس في جحيم، وبغض النظر عما إذا كانوا رجالاً أو نساء، تمت مضايقة الجميع أو قتلهم، وطالبان فعلت نفس الشيء في الأحياء التي سيطرت عليها "اعتقلت الحكومة ابني الثالث واحتجزته لأكثر من سبع سنوات، ثم أطلقت قوة طالبان في أفغانستان سراحه من سجن باغرام وهو الآن يعاني من مشاكل عقلية، ولا ينام ليلاً ونهاراً، والخوف يسكنه. في الحقيقة، لقد فقدت أبنائي الثلاثة، ومثلي هناك أمهات كثيرات في أفغانستان فقدن فلذات أكبادهن".

أما بالنسبة لبناتها الثلاثة فرفضن الزواج من عناصر طالبان "لكيلا يتم إجبار بناتي على الزواج من عناصر طالبان أجبرت على تزويجهن في سن مبكرة ولحسن الحظ ذهبن إلى وسط المحافظة وهناك، مع الكثير من النضال والعمل الشاق، أصبحن متعلمات وتعملن في القطاع الصحي".

واختتمت مهر غُل آغا حديثها بالقول "لن أغفر لأي طرف في الصراع بأفغانستان فجميهم قتلوا ابنائي. لن أغفر لكل من يدعي الوطنية ويبيع الوطن بغض النظر عن أسمائهم. قتلوا ابنائي لكنني فخورة بعمل وكفاح بناتي اللاتي تساعدن النساء وعلينا نحن النساء أن نقف بجانب بعضنا البعض ولا نسمح لهم بأخذ أبنائنا منا".

ومن الجدير أنه من خلال عدة لقاءات مع أهالي المنطقة أكدوا أنه "جميعنا تعرضنا للعنف والانتهاكات من قبل طالبان وحكومتي كرزاي وغاني والقوات العسكرية الفرنسية لمدة عشرين عاماً، وقد فقدت كل عائلة واحداً أو اثنين من أحبائها، والآن نتعرض لضغوطات طالبان لكن الرجال والنساء الشجعان يقاتلون ويقاومون بلا خوف ضد الإرهاب المختبئ في حكم طالبان".