معاناة الفلسطينيات خلال الانتفاضة ترويها حكاية "نائلة"
"نائلة والانتفاضة" فيلم وثائقي يستعرض مساهمات ناشطات الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر الثمانينات، يجمع بين الأسلوب التسجيلي والفني.
رفيف اسليم
غزة ـ نظم فريق حراك الشبابي بالتعاون مع مؤسسة just vision، أمس السبت 25 حزيران/يونيو، جلسة لعرض فيلم "نائلة والانتفاضة" الذي يروي حكاية أغفلها التاريخ عن حركة نسائية تصدرت النضال الفلسطيني من أجل الحرية.
وقد عقدت الجلسة في إحدى القرى الريفية المهمشة بمدينة دير البلح بغزة، التي يمارس بها شتى أنواع العنف المبني على النوع الاجتماعي، لتحقيق الهدف التوعوي المعني به فريق حراك وهو أن تشاهد الفتيات في تلك القرية الفيلم الوثائقي عله يكون إلهام لهن لينخرطن في المجتمع، ويدركن جيداً أن أدوار المرأة متعددة وأهمها الدورين النضالي والسياسي.
ويعتبر فيلم "نائلة والانتفاضة" أحد الأفلام الوثائقية التي سعت المخرجة البرازيلية جوليا باشا بتجسيد المشاهد الغير موثقة برسومات متحركة بالأبيض والأسود، وقد كان لتلك الطريقة دور عبقري في تخفيف حدة الأحداث الدرامية وتوصيل الرسائل للمشاهد، كمشهد تعذيب "نائلة" بالسجون الإسرائيلية ومرورها بتجربة الإجهاض الأولى في المعتقل.
وقد اعتمد الفيلم في تتبع التسلسل الزمني فبدأ بمشهد قصف بيت عائلة نائلة عام 1969 وحتى نهاية الانتفاضة الأولى عام 1991، ليجمع عدة قضايا طوال تلك الفترة منها حملات الاعتقالات الإدارية ضد النساء، وكيفية تشكيل الأطر النسوية، والاستقلال الاقتصادي الذي قامت به النساء، والتعليم الذاتي للأطفال في غرف سرية.
وقد سلطت أحداث الفيلم الضوء على إعلان اتفاقية أوسلو وكيف أقصت تلك الاتفاقيات المرأة بشكل كامل، وصولاً إلى تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، كما بين عودة المرأة للبيت والسلطة الأبوية، ووجوب قرار أخذها إذن زوجها لعمل جواز سفر لأبنائها، لينتهي الفيلم بمشهد رسوم متحركة لامرأة تفتح أبواباً كثيرة وأحداً ما يُغلقها، كما يتم حشرها في فراغ يخنقها، للدلالة على الواقع الذي تعايشه النساء.
وقد حصل فريق العمل على المواد التوثيقة أي الفيديو من مؤسسات أجنبيه لأنه كان من الصعب أن يحتفظ الفلسطيني/ة بها، فمن كان يمسك لديه علم يسجن ويعذب، بالإضافة إلى الاعتماد على الشهادات الحية مع عدد من الشخصيات للتأكد من المعلومات، لتستغرق مدة تصوير الفيلم أربع سنوات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومن الجدير ذكره أن هذا الفيلم يفتح الباب أمام العديد من الأشخاص والمؤسسات لتوثيق التاريخ النضالي الفلسطيني عبر الفن، خاصة أن العديد من الشخصيات الفلسطينية والنسوية التي كان لها دور في تشكيل الأحزاب خلال فترة الانتفاضة ومن قادوا العمل السياسي قد فارقن الحياة كعزة القاسم وربيحة ذياب.
وقد أبدت سمر العزايزة إحدى النساء اللواتي حضرن العرض، إعجابها بالقضايا التي تناولها الفيلم خاصة أنه سلط الضوء على الدور النضالي للمرأة خلال فترة الانتفاضة عبر قصة "نائلة" التي اختزلت أوجه عدة من المعاناة والآلام، مشيرةً إلى أن ما لفت انتباهها أن دور المرأة كأم في تلك الفترة لم يعيق ممارستها لدورها النضالي فكانت تنخرط بالأحزاب السياسية وهي تحمل طفلها معها أينما ذهبت في سبيل تعويض الفراغ الذي تركه الرجل أثناء ابعاده أو اعتقاله.
أما عن المعلومات التي أضافها الفيلم لسمر العزايزة هي مشاركة المرأة والشارع الفلسطيني جنباً لجنب خلال فترة الانتفاضة الأولى في النضال، مستدركة أن مشاركة النساء الفلسطينيات في الحياة السياسية منذ اتفاقية "أوسلو" وحتى اليوم منقوصة أو تكاد تكون معدومة فهي غيبت خلال تكوين مؤسسات السلطة وما بعدها ونسي ما قدمته من إنجازات طوال فترة غياب المؤسسات الرسمية في التصدي للاحتلال والمحافظة على وحدة الصف الفلسطيني.
ولفتت إلى أنه هناك الكثير من النساء تقومن بدور الرجل والمرأة معاً لذلك يجب أن تنتهي سياسة إقصاء النساء من المشاركة السياسية، مشيرةً إلى أن العالم العربي أيضاً يمارس سلطته الذكورية على النساء فيحجم المرأة وينسى أنها من ساعدته في بناء المجتمع لذلك يجب أن تستمر المطالبات بأن تحصل المرأة على حريتها ولينتهي العنف الواقع ضدها ويحين بسلام.
شمس أبو عمرة وافقت سابقتها فقد جذبها الدور الذي كانت تقوم به المرأة خلال فترة الانتفاضة خاصة أنها لم تحضر تلك الأحداث بسبب صغر سنها الذي لا يتجاوز الـ 18 عاماً فشعرت وهي تتابع الفيلم كأنها تعيش مع أولئك النساء، معبرةً عن إعجابها بعزيمة "نائلة" التي كانت ترعى ابنها وحدها بعد إبعاد زوجها وتوزع المناشير، بالإضافة لتحملها مرارة الاعتقال عدة مرات واستمرارها بالعمل السياسي لتكون جزء من عملية التغيير.