مع استمرار الحصار والقصف... تحذيرات تتصاعد ومفاوضات عالقة

وسط ضجيج الحرب والدمار، يعيش سكان قطاع غزة لحظات إنسانية عصيبة تهدد بانهيار شامل، ليس فقط في البنية التحتية وإنما أيضاً في الأرواح التي تتهاوى بصمت.

مركز الأخبار ـ مع استمرار الحرب في غزة لا يزال القطاع محاصراً بين الجوع القاتل، والقصف المستمر والمفاوضات المتعثرة، فيما تتزايد التحذيرات من وقوع وفيات جماعية إذا لم يتم التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين.

في ليلة دامية جديدة، فقد حوالي 15 فلسطينياً حياته فيما أصيب العشرات في سلسلة هجمات للقوات الإسرائيلية استهدفت مدنيين كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، في وقت تتفاقم فيه أزمة الجوع إلى مستويات غير مسبوقة.

وأفادت مصادر طبية أن 12 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب أكثر من 150 آخرين، جراء إطلاق النار على منتظري المساعدات في منطقة السودانية شمال غربي غزة، كما فقد فلسطيني آخر حياته في قصف استهدف تجمعاً مماثلاً قرب جسر وادي غزة وسط القطاع.

وفي السياق ذاته، قتل شخص جراء قصف بطائرة مسيرة جنوب شرقي مدينة دير البلح، فيما أودت غارة جوية إسرائيلية بحياة امرأة وأصابت آخرين في حي الدرج وسط مدينة غزة.

 

انهيار الطواقم الطبية

وأفاد مدير مستشفى "الشفاء" لصحيفة "غارديان"، إن بعض الأطباء أغمي عليهم داخل غرف العمليات بسبب الإرهاق الحاد وعدم توفر الغذاء، محذراً من أن الخدمات الصحية تتجه نحو الانهيار الكامل، إذا استمرت هذه الكارثة دون تدخل عاجل.

وفي تطور مأساوي آخر، لقي أكثر من عشرين طفلاً حتفهم خلال أيام قليلة، نتيجة سوء التغذية الحاد بعضهم فارق الحياة داخل خيامهم ومنازلهم، دون أن يصلوا إلى المستشفى أو يدرك أحد مصيرهم، وأكدت وكالة "الأونروا" أن معدلات سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة تضاعفت بين مارس ويونيو، بسبب استمرار الحصار.

وتشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل 117 حالة وفاة بسبب الجوع منذ بداية الأزمة، في ظل تحذيرات أممية من بلوغ المجاعة مرحلة حرجة تهدد حياة الآلاف.

ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فإن حالات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعفت بين آذار/مارس وحزيران/يونيو الماضيين، نتيجة  استمرار الحصار الإسرائيلي.

في مشهد مأساوي جديد يعكس حجم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، فارقت الرضيعة زينب أبو حليب البالغة من العمر ستة أشهر الحياة أمس الجمعة 25 تموز/يوليو في مستشفى "ناصر" بمدينة خان يونس نتيجة سوء التغذية الحاد الذي يضرب القطاع منذ أشهر بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل.

وبحسب مصادر طبية، ارتفع عدد ضحايا المجاعة إلى 123 حالة وفاة، بينهم 84 طفلاً، بعد تسجيل تسع وفيات جديدة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وتشير التقارير إلى أن مستشفيات غزة تستقبل يومياً حالات متفاقمة من سوء التغذية، وسط نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، ما ينذر بانهيار كامل للمنظومة الصحية.

وتُظهر الإحصائيات أن نحو 900 ألف طفل في غزة يعانون من الجوع من بينهم 70 ألفاً دخلوا مرحلة سوء التغذية الحاد، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من وقوع وفيات جماعية إذا استمر الحصار دون تدخل عاجل.

 

جولة جديدة من التعثر في مسار المفاوضات

وانسحب كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المفاوضات مع حركة حماس بشأن وقف إطلاق النار، وبررا ذلك بأن الحركة لا تبدي رغبة حقيقية في التوصل لاتفاق.

ووسط هذه التوترات، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف بلاده رسمياً بدولة فلسطينية مستقلة، لتكون بذلك أول قوة غربية تتخذ هذه الخطوة، في حين فضلت بريطانيا وألمانيا التريث، مكتفيتين بالدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار دون الاعتراف الرسمي.

ويبقى القطاع مرتهناً لحصارٍ يقتل بصمت، وتفاوضٍ سياسي يسير في دائرة مغلقة، فيما تزداد معاناة المدنيين يوماً بعد يوم، دون بصيص أمل يلوح في الأفق.