"لنعمل معاً لإحياء الأمل"... ندوة حوارية لمواجهة الانتحار
نظم مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، ندوة حوارية حول ظاهرة الانتحار وخطورتها على المجتمع، مع طرح الأسباب والحلول لمعالجتها.

قامشلو ـ أكدت المشاركات في الندوة على خطورة ظاهرة الانتحار على المجتمع والجيل الجديد، مشيرات إلى أنها ليست مجرد أزمة فردية بل انعكاس لمشكلات اجتماعية ونفسية واسعة تتطلب تكاتف الجهود لمعالجتها.
نظم مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا ندوة حوارية في مدينة قامشلو، اليوم الخميس 18 أيلول/سبتمبر، بعنوان "لنعمل معاً لإحياء الأمل"، بمشاركة منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإدارة الذاتية، لتسليط الضوء على ظاهرة الانتحار التي تشكل قضية تؤرق المجتمع، ولفتح آفاق النقاش حول سبل الحد منها عبر تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، وترسيخ قيم التماسك والتكافل داخل المجتمع.
وتناولت الندوة أربعة محاور رئيسية، الأول عن الانتحار من المنظور الاجتماعي، قدمته نصرية محمود إدارية في منظمة سارة، أما الثاني فقد عرض من منظور الأديان والمعتقدات قدمته أميرة العزو إدارية في مجلس المرأة بمؤتمر الإسلام الديمقراطي، بينما تطرق المحور الثالث إلى الأسباب النفسية للانتحار قدمته مايا شابو، إدارية في هيئة المرأة بمقاطعة الجزيرة، بينما خُصص المحور الرابع لبحث تأثير النزاعات والحروب وتداعياتها على حياة الإنسان وفق البروتوكولات الدولية قدمته أفين جمعة، إدارية في منظمة حقوق الإنسان بمقاطعة الجزيرة.
كما شهدت الندوة نقاشات معمقة ومداخلات متنوعة من جانب ممثلي منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإدارة الذاتية، إلى جانب حضور إعلامي ساهم في تسليط الضوء على هذه القضية الإنسانية الحساسة وضرورة معالجتها برؤية شاملة ومسؤولة.
وأكدت المشاركات في الندوة على ضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، والعمل معاً لإحياء الأمل وحماية الأجيال القادمة من ظاهرة الانتحار، مشددات على أهمية تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، وتفعيل برامج التوعية، وترسيخ قيم التماسك والتكافل بين أفراد المجتمع. بالإضافة لدور منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإدارة الذاتية في تقديم الحلول العملية والدعم المتواصل، لضمان بناء بيئة آمنة توفر الأمل والحياة الكريمة لكل فرد.
وأوضحت الندوة أن الانتحار يمثل أزمة نفسية واجتماعية عميقة تنجم عن تراكم عدة عوامل، منها الاكتئاب، القلق، الصدمات النفسية، اليأس، الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية، والتفكك الأسري، والفقر، والبطالة، والتنمر، إضافة إلى العنف بأشكاله (النفسي، الجسدي، الجنسي)، وأن الانتحار ليس مجرد تصرف فردي، بل انعكاس لمشكلات أوسع تؤثر على الأسرة والمجتمع، وتترك آثاراً طويلة المدى على الأطفال والجيل الجديد.
وأشارت إلى أن غياب الدعم النفسي والاجتماعي والحماية القانونية يزيد من خطورة الظاهرة، خصوصاً لدى المعنفات، حيث يكون الانتحار في هذه الحالات نتيجة مباشرة للعنف والإهمال المجتمعي، لافتةً للدور السلبي المتزايد لوسائل التواصل الإلكتروني والهواتف الذكية على الصحة النفسية للشباب، من خلال المحتوى السلبي، والتنمر الإلكتروني، والمقارنات الاجتماعية التي تضعف تقدير الذات وتزيد من مشاعر اليأس والإحباط.
وفي السياق ذاته، سلطت هيئة المرأة في مقاطعة الجزيرة الضوء على عملها في مجال تعزيز الصحة النفسية، حيث أسست منذ عام 2017 أربعة مراكز استشارة نفسية في قامشلو وتل تمر ورميلان والحسكة، تقدم خدمات مجانية تشمل العلاج المعرفي السلوكي، المحاضرات التوعوية، والدراسات الميدانية حول الظواهر السلبية.
وكشفت نتائج دراسة ميدانية أجرتها الهيئة أن 47% من النساء المستهدفات لديهن أفكار انتحارية متكررة، و22% حاولن الانتحار سابقاً، فيما تعاني 67% من أعراض اكتئاب شديد، الأمر الذي اعتبرته مؤشراً خطيراً يستوجب التدخل العاجل.
وتضمنت التوصيات تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، توفير أماكن آمنة للنساء، تشجيع طلب المساعدة دون خوف من اللوم أو الفضيحة، نشر التوعية المجتمعية بخطورة العنف والمواد المخدرة، تقوية الروابط الأسرية، فتح مساحات آمنة للحديث في المدارس والجامعات، وتنمية المواهب والاهتمامات الشبابية، بهدف الحد من ظاهرة الانتحار وبناء مجتمع يوفر الأمل والحياة الكريمة لكل فرد.