حرية التعبير في تونس تواجه القوانين الفضفاضة والمراسيم الظالمة

تستمر انتهاكات حرية التعبير والصحافة في تونس، وقد حذر المجتمع المدني من خطورة القضاء على أبرز مكاسب ثورة 2011، التي كان ثمنها ضحايا من الشباب التونسي.

تونس ـ أطلقت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، تقريرها النصف سنوي حول الانتهاكات على حرية الرأي والتعبير 2024، وسلط الضوء على التدهور المقلق لحرية الصحافة والتعبير حيث رصد مرصد الانتهاكات بالجمعية 25 حالة انتهاك استهدفت فيها السلطات التونسية صحفيين/ات ومحاميين/ات وسياسيين/ات ومدونين/ات ومواطنين/ات بسبب تعبيرهم/هن علناً عن مواقفهم/هن.

ووفق تقرير المرصد، أظهرت الانتهاكات نمطاً ممنهجاً من قبل السلطات التونسية لإسكات الأصوات الحرة والناقدة والتضييق على حرية الصحافة والتعبير على الإنترنت، وتُستخدم في ذلك قوانين فضفاضة تتيح تفسيراً واسعاً وتُسهل تجريم التعبير السلمي عن الآراء كالفصل 67 من المجلة الجزائية والفصل 86 من مجلة الاتصالات والمرسوم 54 لعام 2022.

وقالت الناشطة الحقوقية بجمعية تقاطع ميّ العبيدي، في حديث مع وكالتنا، إن المرصد تشكل أساساً لرصد الانتهاكات في الجهات الداخلية خاصة بعد أن تضاعفت ولم تصل أصوات الموقوفين/ات إلى الإعلام والمجتمع المدني، لافتةً الى أن الـ 25 حالة الذين تم رصدهم يعتبر عدداً كبيراً في بلد كان يسير مسار ديمقراطي سابقاً وتعوّد شبابه على التعبير بسلمية والنقد.

وأفادت بأن حرية التعبير هي أقوى المقومات لإرساء بلد ديمقراطي، معتبرةً أن التقرير حمل اسم "تكميم الأفواه" كغضب على تراجع مؤشر الحرية في تونس، لافتةً إلى أن التجاوزات لم تتوقف في شهر حزيران/يونيو الماضي، بل لازالت مستمرة "25 حالة انتهاك في ست أشهر فقط بين الإحالات العدلية والقضائية والإيقافات والتتبعات العدلية والهرسلة والتخويف كانت أبرزها على معنى المرسوم 54، إضافةً إلى مجلة الاتصالات الفصل 86، لو واصلنا الرصد الى شهر تموز/يوليو الجاري سيكون العدد أكبر".

وأشارت ميّ العبيدي إلى أن هناك حالات كثيرة لن توافق على نشر ملفاتها، لشباب اُحيلوا إلى القضاء لا ترغب عائلاتهم بالحديث عن قضاياهم، "هناك انتهاكات لم تنشر بالتقرير ويومياً هناك استدعاءات على خلفية تدوينات، وخوفاً من الترهيب فضلوا عدم الموافقة على نشر قضاياهم".

وأكدت على أن ما يميز المرسوم 54 سرعة الإحالة والنطق بالحكم "قضايا أخرى لازالت معطلة في تونس وتأخذ 5و6 سنوات دون النطق بالحكم، على غرار قضية الشاب عمر العبيدي الذي قتله على يد قوات الأمن التونسية بعد محاصرته على إثر مباراة".

وقالت ميّ العبيدي إن التقرير لم يتضمن أي توصيات هذه المرة نظراً لعدم التجاوب مع التقارير السابقة، "السلطة تتعامل معنا باللامبالاة وكل توصياتنا كمجتمع مدني تتجاهلها عمداً، ليس معقولاً أن تواصل الدولة اعتماد قانون منذ عام 1903، اليوم تم استنزافنا مع هذا التجاهل".

ولفتت الى أن الوضع غير مطمئن في ظل استمرار الانتهاكات التي تضررت منها مختلف الفئات والأصوات، "بات المواطن/ـة يخشى من الإدلاء برأيه ليس في مواقع التواصل الاجتماعي فقط بل حتى في الفضاءات العامة"، معتبرةً أن التضييقات الحاصلة تسبب في تراجع حضور النساء في الواقع السياسي، خاصة بعد الزج بعديد الوجوه النسوية المناصرة لحرية التعبير على غرار سنية الدهماني في السجن.

 

 

ويرى التقرير النصف السنوي أي من كانون الثاني/يناير 2024 إلى حزيران/يونيو من ذات العام، أن توجه السلطة إلى تكميم الأفواه المعارضة سيكون له نتائج سلبية على مستقبل الديمقراطية في تونس، معتبراً أن انتشار المحاكمات إحدى أهم المؤشرات الدالة على تراجع الديمقراطية وهيمنة القمع واتباع منهج انتهاك حرية التعبير التي يكفلها الدستور التونسي.