حركة طالبان والكوارث الاجتماعية

عادت أفغانستان إلى ما كانت عليه قبل عشر سنوات. سنوات مثل اليوم خطيرة ومخيفة. يهرب كل شخص ويهاجر وتبقى المرأة وحدها للمنزل والقبر

السماء المظلمة والأرض المحترقة، والشوارع الصحراوية، والمزارع الصفراء عديمة اللون، والمتاجر المقفلة والمنازل الحزينة.
بروانه كبريت
كابول - .
في تحد لمعايير محادثات السلام بين الأفغان دخلت حركة طالبان في حالة احتلال وفرض عنف وقوانين قمعية في البلاد. وبالإضافة إلى احتلال المؤسسات والاعتداء على الأفراد التابعين للدولة، وخاصة من خدموا في الجيش، أضرموا النار في مقرات عمل النساء لقمعهن وإجبارهن على العودة للمنازل. وعندما لا تتمكن طالبان من إعادة النساء إلى المنزل، فإنها تقوم بخلق جو همجي ووحشي بحيث لا تجرؤ النساء أنفسهن على مغادرة المنزل.
التقينا بواحدة من أكثر النساء نشاطاً في مدينة نيمروس التي وقعت بالكامل تحت احتلال طالبان. وتعليقاً على الوضع في مدينة نيمروس وسيطرة طالبان، قالت سار نيفال نوريي هوتيك "أصبحت الحياة صعبة جداً على جميع المواطنين، وخاصة المسؤولين الحكوميين حيث تم نهب منازلهم. لقد أضرموا النيران في المقرات والمؤسسات المسؤولة عن عمل المرأة وخلقوا عقبات أمام عمل المرأة بشكل عام. لا تستطيع جميع الموظفات العاملات في الدولة وفي القطاعات غير الحكومة أيضاً مغادرة المنزل والذهاب إلى مراكز عملهن. وحتى الآن لم تدلي طالبان بأي تصريح بخصوص عمل المرأة. هم يحاولون فقط إعاقة عمل النساء العاملات. استسلم بعض أعضاء المؤسسات الرسمية مثل البلديات لحركة طالبان ووعدوا ببدء العمل لكن دون وجود نساء. وفي بعض أقسام المستشفيات الحكومية، سمحوا بوجود طبيبات أمراض النساء والتوليد فقط في الخدمة، كما سمحوا ببقاء قابلتين فقط خلال النهار. ولكن بالنسبة لتواجد النساء في العيادات الخاصة لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن، ويمكنهن القيام بعملهن، لكن يجب أن يرتدين الحجاب وأن يكون معهن أحد المحارم كالزوج أو الأب أو الأخ".
وقالت سار نيفال التي ترى أنه بقدوم طالبان أصبح وضعها ووضع النساء الأخريات في أفغانستان في خطر "واجبنا هو حماية النساء والشعب المضطهد، وأيضاً إدانة الظالمين والجناة. ولكن اليوم حتى منازلنا أيضاً لم تعد آمنة بالنسبة لنا. لقد تم تحذيرنا بالقول "سوق تُقتلون" لهذا السبب نحن نعيش الآن في منازل الناس".
ووجهت سار نيفال الرسالة التالية لطالبان "إذا لم تقبلنا كنساء فاعلات ومفكرات في المجتمع، فإننا أيضاً لا نعترف بكم وبسلطتكم". ودعت سار الدولة إلى إنقاذ المدنيين الذين وقفوا إلى جانبهم في المراحل والعمليات الصعبة من طالبان.
وبينت سار نيفال أن الجرائم التي نفذتها طالبان قد تخطت الحدود ولم تقتصر على مستوى الاحتلال وزيادة النفوذ "إن عمليات قتل المدنيين الأبرياء وقصف المدنيين والنهب وخلق جو من الخوف والترهيب وإبقاء النساء سجينات في المنزل زادت بشكل كبير. ومن أبشع الجرائم التي لا يقبل بها أي عقل أو دين هو "جهاد النكاح". فقد أعلنت طالبان في كل المدن الواقعة تحت احتلالها بتسليم بناتهم ممن هم فوق سن 15 عام والنساء اللواتي فقدن أزواجهن ممن هم تحت سن 45 عام لجنود وقوات طالبان من أجل الزواج بهن. إن محنة النازحين ليست مجرد القصف المدفعي والجوي، إنما الخوف الأكبر المستحوذ عليهم هو أن تقع بناتهم في أيدي قوات طالبان الذين يأخذونهم لأنفسهم".
نزحت مستورية البالغة من العمر 35 عاماً أيضاً إلى كابول مع زوجها الكهل وأبنائها الخمسة وابنتها البالغة من العمر 9 سنوات بعد أن أحترق منزلهم الذي قُصف بقذائف الهاون. في السابق كان زوج مستورية يبيع الخضروات ويكسب قوت عيشه منها عندما كانوا يعيشون في منزلهم. تقول مستورية إنها لم تكن هي وزوجها من أتباع الدولة لتخشى من الموت "لمجرد الخوف من فقدان ابنتنا الصغيرة تركنا منزلنا وهربنا. لقد شاهدت شخصياً زوجة جارنا التي فقدت زوجها منذ 5 سنوات عندما قبضوا عليها مع أطفالها الثلاثة وأخذوهم بعيداً".
 
وتصف شبانة وهي أم أخرى هربت من القصف على مسقط رأسها مدينة كنديز "أضرموا النيران في بلدتنا كنديز. وخوفاً على ابنتي البالغة من العمر 7 سنوات بعد أن أعلنت طالبان عن "جهاد النكاح" أرسلتها إلى منزل والدتي. حملت حركة طالبان الأسلحة بحرية وركبت الدراجات النارية وتجولوا في الشوارع والمدن. قتلوا الأشخاص التابعين للدولة وأعضاء الحكومة وأخذوا الفتيات الشابات وتزوجوهن".
تابعت شبانة حديثها قائلة "لقد جئنا إلى كابول منذ يومين ونحن نمكث في هذه الحديقة. لا يوجد أحد يأتي لنجدتنا. فقد زوجي وابني الأكبر حياتهم قبل أن تأتي طالبان إلى مدينتنا. وأنا أيضاً فقدت بيتي وكل ممتلكاتي هذه المرة". صرخت شبانة بصوت عالٍ من أجل ابنتها المتزوجة والتي لم يكن لديها المال لاستئجار سيارة والهرب إلى كابول "لا أستطيع التفكير سوى بابنتي ولا أستطيع ابتلاع لقمة خبز".