حرب في أوروبا بعد عقود من السلام... النساء والأطفال يعيشون كابوساً حياً في أوكرانيا

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها السادس، لا زال الوضع الإنساني مستمراً بالتفاقم يوماً بعد يوم

مركز الأخبار ـ مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها السادس، لا زال الوضع الإنساني مستمراً بالتفاقم يوماً بعد يوم، ووضع الأطفال والنساء العالقين في الصراع بأوكرانيا يزداد سوءاً كل دقيقة.

أعرب العديد من الناشطين والحقوقيين عن قلقهم إزاء تدهور وضع النساء والأطفال في ظل الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، والتي أدت إلى نزوح واسع النطاق للمدنيين إلى البلدان المجاورة.

وفي جلسة عقدها مجلس الأمن يوم الثلاثاء 29 آذار/مارس في نيويورك، بحث الأوضاع في أوكرانيا والمستجدات الأخيرة فيما يتعلق بالوضع الإنساني في البلاد منذ 24 شباط/فبراير، وسبل إنهاء معاناة الشعب الأوكراني.

أوضح المشاركون في الجلسة أن الوضع الإنساني تفاقم في المدن الأوكرانية الكبرى التي لا تزال تتعرض للضربات الروسية، ويعاني السكان من نقص في الطعام والماء والدواء والكهرباء والتدفئة، لافتين إلى أن أكثر من 10 ملايين شخص أكثر من نصفهم أطفال فروا من منازلهم، ووفقاً للمسؤولين الأمميين فقد نزح ما لا يقل عن 160 ألف شخص داخلياً في جميع أنحاء أوكرانيا، فروا بحثاً عن الأمان.

 

مقتل أكثر من 100 طفل أثناء الحرب ونزوح الملايين

بحسب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن 1104 شخصاً من المدنيين فقدوا أرواحهم منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وبالرغم من توثيق المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 100 طفل أثناء الحرب، وإصابة 134 طفلاً آخرين، إلا أنها تؤكد على أن العدد الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.

وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن عدد الذين فروا من أوكرانيا عبر مختلف المعابر الحدودية لبلادهم منذ بدء الحرب تجاوز 4 ملايين، ويمثل الأطفال أكثر من نصفهم، ومعظم الباقين من النساء.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن حوالي مليوني طفل فروا من القتال في أوكرانيا بعد خمسة أسابيع من الحرب الروسية الأوكرانية مشيراً إلى وصول أكثر من 1.1 مليون طفل إلى بولندا، ووصول مئات الآلاف إلى رومانيا ومولدوفا والمجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك، فيما نزح 2.5 مليون آخرين من منازلهم داخل البلاد.

وتحذر منظمة الأمم المتحدة من أن الأطفال المشردين يزيدون من مخاطر الاتجار والاستغلال، وفي محاولة للحد من المخاطر التي يواجهها الأطفال والشباب، تعمل اليونيسف والمفوضية والشركاء من الحكومة والمجتمع المدني على توسيع نطاق مراكز "النقطة الزرقاء" في البلدان المضيفة للاجئين، وهي أماكن آمنة يمكنها توفير المعلومات للعائلات المسافرة، والمساعدة في تحديد الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم وضمان حمايتهم من الاستغلال.

وقالت اليونيسف أنها تعمل بشكل عاجل مع الحكومات الوطنية والسلطات الأخرى في جميع أنحاء المنطقة لاتخاذ مزيد من الإجراءات للحفاظ على سلامة الأطفال، وأشارت إلى أنها بدأت هذا الأسبوع، برنامجاً للتحويلات النقدية الإنسانية لدعم 52 ألف أسرة من الأسر الأشد ضعفاً داخل أوكرانيا.

 

اغتصاب جماعي

وكانت قد أثارت برلمانية أوكرانية وفي مقابلة تلفزيونية، القلق بشأن قيام الجنود الروس باغتصاب النساء والاعتداء عليهن جنسياً خلال هجومهم على أوكرانيا بالرغم من أن الاغتصاب والاعتداء الجنسي يعتبر من جرائم الحرب وخرق القانون الدولي الإنساني، مشيرةً إلى أنه تم اغتصاب امرأة أمام طفلها.

وأوضحت "هناك الكثير من الضحايا وليس فقط هذه القضية التي أعلن عنها المدعي العام، وبالطبع، نحن نتوقع المزيد منها، والتي ستكون علنية بمجرد أن يصبح الضحايا مستعدين للحديث عن ذلك... لدينا تقارير عن اغتصاب جماعي لنساء. هؤلاء النساء هن عادة من لا يستطعن الخروج. نحن نتحدث عن كبار السن. وأعدم معظم هؤلاء النساء بعد جريمة الاغتصاب أو انتحرن".

وكانت قد حذرت السلطات البولندية من خطر استغلال عصابات الاتجار بالبشر، للنساء والأطفال النازحين من أوكرانيا بعد استمرار تزايد أعداد النازحين من أوكرانيا باتجاه حدودها، وقد برزت تحذيرات مماثلة في دول الجوار أيضاً منها ألمانيا.

كما أن جماعات الإغاثة والمتطوعون قد أبلغوا عن حالات اختفاء أطفال المرتبطة بالإتجار بالبشر على طول حدود أوكرانيا وسط أزمة اللاجئين الناجمة عن الغزو الروسي، وقالت جمعيات خيرية وجماعات حقوقية تعمل في البلدان المجاورة لأوكرانيا، حيث يتدفق اللاجئون الأوكرانيون، إنها شاهدت حالات تهريب، واختفاء أطفال، وابتزاز، واستغلال.

 

دعوة إلى احترام القانون الإنساني الدولي

ودعا الناشطون العاملون في مجال حقوق الإنسان الأطراف المشاركة في الحرب إلى احترام القانون الإنساني الدولي واتخاذ الحرص المستمر لتجنيب جميع المدنيين والأعيان المدنية الأذى خلال عملياتها العسكرية.

وفي ظل تواصل التقارير عن تفاقم النقص الحاد في الغذاء والماء والتدفئة والضروريات الأساسية الأخرى، التي تسلط الضوء على أهمية الوصول الآمن وغير المقيد للمساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق البلاد، أعربت اليونيسف عن قلقها البالغ إزاء الأطفال والأسر الذين تقطعت بهم السبل في المناطق المحاصرة أو غير قادرين على المغادرة بسبب المخاطر الأمنية المتزايدة وعدم وجود طرق خروج آمنة، فالعديد من النساء اضطررن إلى الاختباء مع أطفالهن في الملاجئ وأقبية المشافي خوفاً من القصف، حتى أن العديد من النساء اضطررن لإنجاب أطفالهن في أقبية المستشفيات التي تعرضت هي بدورها للقصف.

فبحسب منظمة الصحة العالمية وقع أكثر من 70 هجوماً على المستشفيات وسيارات الإسعاف والأطباء في أوكرانيا مع تزايد عدد الهجمات اليومية.

كما أن الاحتياجات الإنسانية تتزايد بشكل كبير في المناطق الأشد تضرراً، وتعد النساء الأكثر تأثراً في كثير من الأحيان بشكل غير متناسب بالنزاع، وهن الأكثر عرضة لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، وقد تتعرض النساء والأطفال لأشكال أخرى من الاستغلال.

وتعد الخدمات الطبية الطارئة من الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً بما في ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والمساعدة الطبية الحرجة؛ الإمدادات والمعدات الصحية والمياه الصالحة للشرب والنظافة؛ وكذلك المأوى والحماية للنازحين.

 

طرح مشروع قرار لحماية المدنيين

ستقدم فرنسا مع المكسيك بشكل مشترك مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق من أجل تلبية الاحتياجات الملحة للسكان الأوكرانيين. وسيتم تقديمه للتصويت عليه في أسرع وقت ممكن.

وقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم 90 مليون يورو كمساعدات إنسانية، وتقوم فرنسا بدورها في ذلك، فقد أرسلت 33 طناً من المساعدات الإنسانية إلى بولندا لمساعدة الأوكرانيين وتستعد لتقديم أكثر من 30 طنا من المساعدات الإنسانية إلى مولدوفا.

من جانب آخر، قدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية طارئة إلى مليون شخص في البلاد، وقد بنى أنظمة قادرة على توصيل الغذاء على نطاق واسع إلى المجتمعات المحتاجة، وتقوم الشاحنات والقطارات والشاحنات الصغيرة بتوصيل الإمدادات الغذائية إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً في جميع أنحاء البلاد ومن المتوقع إرسال المزيد من القوافل في الأيام المقبلة.

وكان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، قد حذر أعضاء مجلس الأمن من أن تحمل الحرب في أوكرانيا تأثيراً عالمياً يتجاوز "أي شيء رأيناه منذ الحرب العالمية الثانية".