حقوقيات تونسيات: الحرية هي الأصل والاعتقال استثناء لكن العكس يحدث
دعت الناشطات خلال الوقفة التضامنية إلى إطلاق سراح السجينات السياسيات والناشطات ومراجعة الاعتقالات المبنية على مواقف وآراء سياسية مناهضة لسياسة الحكومة الحالية، منددةً باستمرار معاملة النساء بشكل سيء لأنهن نساء.
تونس ـ نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة تونس، في إطار إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وذلك تنديداً باستمرار سجن الناشطات السياسيات والحقوقيات، ورفضاً لسياسة التعامل معهن داخل السجن.
حيث طالبت النسويات في تونس بقضاء مستقل وتحقيق العدالة للجميع دون تمييز، ونددن بانتهاك الحقوق واستهداف النساء، علاوة على إعادة المطالبة بحذف المرسوم 54 الذي يعتبرنه قمعياً يمس بحرية الصحافة والتعبير ويستهدف الصحفيين والصحفيات.
وقالت المحامية والحقوقية نزيهة ذويب، إن الوقفة جاءت تزامناً مع يوم دولي يخلد حقوق الإنسان، حيث ارتأت الجمعية إلى القيام بالوقفة التضامنية مع السجينات والسجناء لتعرضهم لانتهاكات جسيمة وخرق كل معايير المحاكمات العادلة والاعتقالات التعسفية ويواجهون أحكاماً تعسفية جائرة، لافتةً الى أن الوقفة تأتي ضمن مساعي التوعية بخطورة ما يعيشه المعتقلين والمعتقلات، وللتذكير بأن هناك سجناء وسجينات رأي يقبعون وراء القضبان في ظل صمت قاتل للرأي العام.
وجددت نزيهة ذويب تمسك الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالنضال السلمي والمقاومة من أجل إطلاق سراحهم وإعلاء راية الحق ووضع حد لهذه التجاوزات والاعتقالات العشوائية.
وقالت إن تونس تعيش انتكاسةً حقيقية في مجال الحريات وتراجعاً عن أبرز إنجاز للثورة الذي يتمثل في الحرية، منتقدةً ما أسمته بالصمت الرهيب لانتهاكات حقوق الإنسان وخرق حرية التعبير والتجمع "الناشطون والناشطات في المجتمع المدني طالتهم الانتهاكات وباتت حاجزاً أمام صوتهم الحر وكفاحهم من أجل دولة مدنية وديمقراطية يُقبل فيها الاختلاف".
وسلطت الضوء على خطورة استمرار ترهيب النساء لاعتبارهن الأكثر هشاشة، حيث يحاول المجتمع الذكوري مضاعفة معانتهن ففي السجن تعانين أكثر من حيث الإقامة غير المريحة وانعدام توفر الأساسيات فيما يخص النظافة الشخصية وغيرها من احتياجاتهن كنساء "ظروف السجينات قاسية وسيئة، حيث تفتقدن لأبسط الحقوق المعيشية والتي يكفلها القانون، في المقابل تتوفر أفضل الظروف للسجناء من أقرانهن، لأنها امرأة حتى الانتهاكات تعاني منها بشكل مزدوج، لذلك لابد من وقفة حقيقية لاسترجاع الحرية وحقوق الإنسان ومعايير المحاكمة العادلة لدحض الظلم".
وبدورها قالت الناشطة الحقوقية نجاة عرعاري "نحن نحتفل اليوم بمرور 76 سنة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المبني على فلسفة أن يكون الإنسان في جوهر السياسيات العمومية، في جوهر الاهتمامات والبرامج، وضمن أولويات أي سياسة مهما كانت طبيعة النظام الموجود كون مسؤولية الدولة تكمن في اعترافها بالحق والعمل به واحترامه وحمايته".
وأوضحت أن تونس صادقت على أغلب الاتفاقيات "لكن ما نواجهه اليوم من اعتقالات جعلها تتحول إلى قاعدة والحرية إلى استثناء بينما العكس هو الصحيح"، مذكرةً أنه عندما نتحدث عن حقوق الإنسان نتحدث عن حقوق غير متجزئة، حرية التعبير، حرية التنظيم، حرية النشاط السياسي، حرية التواجد في فضاء عام بينما كل هذا أصبح مهدداً اليوم".
وخلصت إلى القول "نحن اليوم متواجدات للاحتجاج كون الأصل هو الحرية والاعتقال استثناء"، مؤكدةً أنه "لابد من التسريع في إجراءات التقاضي كون المتهمين والموقوفين بسبب نشاطهم السياسي أو الجمعياتي وكذلك الصحفيين والمدونين يمارسون حقهم الطبيعي"، مضيفةً أنه "من غير المنطقي أن نعود بعد 76 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى النقطة الصفر أي إلى دائرة القمع".
بدورها قالت الكاتبة العامة لجمعية النساء الديمقراطيات هالة بن سالم "تمت دعوتنا لوقفة تضامنية مع سجينات وسجناء الرأي والمساجين السياسيين لنؤكد مرة أخرى أن الوضع على مستوى وطني وإقليمي ودولي يستدعي أن نقف ضد الاعتداءات والانتهاكات وضد ازدواجية المعايير المتعلقة بحقوق الإنسان".
وأضافت أن يوم 10 كانون الأول/ديسمبر إحياء لذكرى وهو أيضاً تاريخ لتقييم وضع حقوق الإنسان سواء في تونس أو في منطقة الشرق الأوسط أو العالم، لافتةً إلى أن "تونس شهدت للأسف تراجعاً في الحقوق خاصة الحريات العامة، حيث سجلنا مضايقات على حرية التعبير وحرية النشر ولدينا بعض القوانين على غرار المرسوم 54 الذي بمقتضاه يقبع العديد من النشطاء في السجون من بينهم سنية الدهماني".
وأضافت "سجلنا اعتقالات لمعارضين يقبعون داخل السجون لفترات تجاوزت فترة الاعتقال التحفظي، وهناك تتبعات شملت نشطاء وسياسيين وكل ذلك يدخل في باب التضييق على الفضاء العام السياسي والمدني".
وخلصت إلى القول بأن "كل ما سلف ذكره غير مقبول وبأنه من غير المعقول بعد أن ناضلنا لسنوات بعد الثورة من أجل المكاسب ومن أجل الحريات الفردية والعامة نجد كل هذه التضييقات"، مؤكدةً أن دعوتهن لتنقية الأجواء السياسية وإطلاق سراح سجينات وسجناء الرأي وإلى حسن تطبيق القوانين واحترام الإجراءات ومنح استقلالية القضاء باعتباره الضامن للحقوق والحريات.
وذكرت في سياق متصل أن أهم نقطة يجب العمل عليها هو الحد من العنف المسلط على النساء وغياب آليات التصدي لهذه الظاهرة وتمكينهن من الإجراءات الحمائية التي وردت في القانون عدد 58، لافتةً إلى أن "الوضع عموما يجعلنا متحدات متضامنات لتتعالى أصواتنا ضد الانتهاكات التي لن نقبلها والتي تمس من التزامات تونس الدولية".