حقوقيات تطالبن بربط قضايا النساء بالسياقات السياسية والاقتصادية
أبرزت حقوقيات أن دور السياسة النيوليبرالية أثر على وضع النساء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خاصة في ظل الحروب والصراعات التي تتعرض لها المنطقة.
حنان حارت
المغرب ـ نظمت جمعية اتحاد العمل النسائي بالتنسيق مع شبكة رؤى، لقاءً صحفياً في مدينة الدار البيضاء، لتقديم مسودة التقرير الإقليمي لإعلان ومنهاج عمل بكين.
قالت الحقوقيات المشاركات في اللقاء الصحفي الذي عقد أمس السبت 22 كانون الأول/ديسمبر، إن الوضع الحالي يضع دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط أمام لحظة فعلية لتقييم أرضية عمل منهاج بكين +30، لقرب انعقاد لجنة وضع المرأة المزمع انطلاقها في آذار/مارس 2025 بمدينة نيويورك.
وأكدت النسويات على ضرورة ربط قضايا النساء بالسياقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية، كونهن متأثرات بذلك بشكل كبير، نتيجة الأزمات التي تواجهها المنطقة.
في حين أكد التقرير الإقليمي الذي قدمته جمعية اتحاد العمل النسائي بالشراكة مع جمعية رؤى، على وجود النسويات من الجنوب العالمي على صعيد المؤتمرات الدولية للمرأة منذ المؤتمر الأول الذي نظم في المكسيك عام 1975 والذي اعتبر انطلاقة لعقد المرأة في الأمم المتحدة (1975-1985)، لغاية ما قبل عمل بكين تعتبر مرحلة فارقة في النضال النسوي العالمي.
وتطرق التقرير إلى أن النسويات من الجنوب العالمي واجهن الأطر النظرية المتعلقة بحقوقهن وحاولن التأثير على الأجندات الغربية المتعلقة بحقوق المرأة من خلال عدم فصل هذه الحقوق عن السياسات الاقتصادية والسياسية، موضحاً أن هذا التأثير لم يكن فقط على الأصعدة الدولية وأليات الأمم المتحدة، بل كان أيضاً يتميز بتضامن نسوي بين الحركات النسوية في الجنوب العالمي وتلك المناهضة للسياسات العنصرية والاستعمارية في العالم الغربي.
وعلى هامش اللقاء قالت عائشة الحيان رئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي إن تنظيم هذا اللقاء يأتي في إطار تقديم التقرير الإقليمي الذي أعده الاتحاد بالشراكة مع شبكة رؤى الذي يضم مجموعة من الجمعيات النسائية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، موضحةً أن التقرير الإقليمي يضم جزأين "الأول تقديم كل ما أنجز حول منهاج عمل بكين، وكذلك التحديات التي حالت دون تحقيق الأهداف المرسومة في هذا المنهاج".
وأضافت أن الجزء الثاني يتعلق بدراسة واقع النساء "أي ما بعد المؤتمر الرابع الذي نظم سنة 1995، ومدى قدرة الآليات الدولية على حماية حقوق النساء وتعزيزها بعد ثلاثين سنة على مرور المؤتمر الرابع"، لافتةً إلى أن التقرير يطرح كل الإشكالات التي تعرفها المنطقة من حروب وإبادة جماعية سواء في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن والسودان.
وقالت إن "التقرير يقدم تساؤلات حول أي حد استطاع منهاج عمل بيجين الاستجابة للتغيرات الاقتصادية والسياسة التي عرفتها المنطقة، وإلى أي حد قادر على إلزام الدول بإعمال المحاور 12 المنصوص عليها في منهاج عمل بكين".
وعن دور الحركات النسائية في المنطقة قالت إنها "تقدم قراءة نقدية وتقف على كل التغييرات الاقتصادية والسياسية التي عرفتها المنطقة"، مبينةً أنه بالإضافة إلى ذلك فإن التقرير يقدم نقد ذاتي للحركة النسائية على المستوى الإقليمي، "إلى أي حد يمكننا المطالبة بمؤتمر خامس للمرأة، للوقوف على الإكراهات والتحديات التي تتعرض لها النساء على مستوى العالم والإقليمي".
وتابعت "هذه دعوة لكل الجمعيات النسائية للتفكير في خلق نقاش إقليمي من أجل التفكير في عقد مؤتمر خامس والمطالبة به من أجل الضغط على الأمم المتحدة".
وحول مشاركة اتحاد العمل النسائي في إطار هذه الدينامية قالت عائشة الحيان بأنه "قام بإعداد تقرير وطني موازي يتضمن إجابة على المجالات 12 التي يحددها منهاج عمل بيجين، حول ما أنجز وما تحقق على مستوى حقوق المغربيات، وكذلك التحديات المطروحة على المغرب والإكراهات أمام استمرار مجموعة من مظاهر التمييز والتفقير والأمية التي ما زالت تعتبر مؤنثة في البلاد".
وأبرزت أن التقرير الوطني يسأل الحكومة المغربية حول أسباب عدم إشراك المجتمع المدني وخاصة الحركة النسوية في إعداد التقرير الوطني الرسمي "في الوقت الذي يفرض منهاج عمل بكين في إحدى المجالات بإشراك الجمعيات النسائية في إعداد التقارير الوطنية، نقف على تغييب الحركة النسائية المغربية، وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام".
وقالت إن التقرير الذي أعده الاتحاد ينتقد التقرير الحكومي، فبالإضافة إلى أنه يرصد التقدم الذي أحرزه المغرب على مستوى حقوق النساء، لكنه يقف بشكل كبير على الإكراهات والاختلالات والتحديات المطروحة على المغرب من أجل فعلية المساواة وحماية النساء من كل مظاهر العنف والتمييز والإقصاء التي تتعرض لها المغربيات.
وعن الاختلالات التي رصدها الاتحاد في التقرير الموازي أوضحت عائشة الحيان "أهم الاختلالات تتجلى على المستوى القانوني، فالتمييز ما زال مستمراً وحاضراً في مجموعة من القوانين الوطنية، وبالتالي لا يمكن تحقيق مساواة فعلية، أمام وجود قوانين تؤصل التمييز والعنف ضد النساء"، مطالبةً بمراجعة شاملة للقوانين الوطنية ومدى ملاءمتها مع الدستور المغربي وكذلك مع التزامات المغرب الدولية، خاصة بعد المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية.
وأكدت على ضرورة إشراك النساء في السياسات العمومية وبلورتها وتنفيذها وتقييمها، مشددةً على ضرورة التمكين الاقتصادي للمغربيات لضمان وصولهن لمراكز صنع القرار وتيسير الوصول من خلال وضع معايير محددة.
وقالت عائشة الحيان أن التقرير تناول مجموعة من المحاور منها العنف والمرأة، والمرأة والاقتصاد، والمرأة والمناخ، وحقوق الفتيات وكيفية وصولهن لحقوقهن، متطرقةً لظاهرة تزويج القاصرات التي اعتبرتها من أهم الظواهر الخطيرة التي تواجه النساء والفتيات المغربيات "للأسف ما زالت هذه الظاهرة مستمرة في بلدنا في انتظار خروج مدونة أسرة جديدة، والتي نتمنى أن تحد من الظاهرة وتضمن لفتياتنا متابعة دراستهن وتمتعهن بكل حقوقهن كفتيات ونساء الغد".
من جانبها أكدت الناشطة النسائية زهرة الوردي عضو جمعية اتحاد العمل النسائي أن الدعوة للقاء تأتي على ضوء انعقاد لجنة وضع المرأة بنيويورك في الدورة 69 المزمع انطلاقها في آذار/مارس 2025.
وقالت إن هذه الدورة تصادف 30 سنة على انعقاد مؤتمر بكين 1995 وأنه في إطار التهيؤ لهذا المؤتمر أعد اتحاد العمل النسائي ضمن شبكة عربية موسعة تقريراً إقليمياً "كحركات نسوية ننتقد تجميد الأجندة النسائية بعدم تطويرها ومواكبتها للتغيرات والتحولات التي عرفتها المنطقة والعالم ككل خلال هذه العقود الثلاثة من حروب وأزمات اقتصادية وكوارث طبيعية وتحول خطير في المناخ، مما أثر على أوضاع النساء في المنطقة".
وذكرت أن التقرير يطالب بتقييم أوضاع النساء في العلاقة بالتغيرات الاجتماعية وليس بمعزل عن هذه التطورات، لافتةً إلى أن التقرير يدعو الحركات النسوية إلى الاتحاد والعمل بتنسيق مع بعضها البعض.
وقالت إن الحركات النسوية في المنطقة تسجل على مؤتمر بكين تراجعه عن العديد من المطالب التي كانت قد رُفعت خلال مؤتمرات سابقة خاصة محاربة الاستعمار والعنف والتراجع عن مطالب نساء الجنوب وخاصة اللواتي لازلن تعانين من أثر الاستعمار والاحتلال والاستيطان.
يذكر أن خطة بكين اعتمدت في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في سنة 1995 في العاصمة الصينية بكين بهدف التقدم في تحقيق أهداف المساواة والتنمية والسلم لجميع النساء في كل مكان ولصالح البشرية جمعاء.