حملة تحرير منبج نقطة تحول في حياة النساء
يصادف اليوم الأول من حزيران/يونيو ذكرى انطلاق حملة تحرير مدينة منبج في شمال وشرق سوريا، التي أطلقها مجلس منبج العسكري وقوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية المرأة والشعب ضد مرتزقة داعش في عام 2016. إطلاق حملة التحرير شكل علامة فارقة في حياة نساء منبج
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ .
الحملة التي استمرت لمدة 73 يوماً، بهدف طرد مرتزقة داعش من منبج التي سيطروا عليها عام 2014 توجت بتحرير المدينة في 12 آب/أغسطس 2016، ليعلن عن تحريرها بشكل رسمي بتاريخ الخامس عشر من الشهر ذاته.
مآسي وآلام تسبب بها داعش
عدولة عدو واحدة من النساء اللواتي بقين في منبح وكن شاهدات على ممارسات وانتهاكات المرتزقة على اختلاف مسمياتهم "عانينا خلال سيطرة الجيش الحر ما بين عامي (2012 ـ 2013)، وفيما بعد أثناء سيطرة داعش لأربع سنوات من غلاء الأسعار ونقص في مادة الخُبز، إضافة إلى ترهيبنا وزرع الخوف في قلوبنا، وفرض علينا ملابس محددة لارتدائها، ومنعنا الخروج من منازلنا"، وتضيف "نجلد في حال مخالفتنا لهذه القوانين".
وتذكر أنه مر عليهم شهر رمضان في إحدى أعوام سيطرة داعش وهم يأكلون فقط نبتة البقلة، "حاولوا اجبارنا للانضمام إليهم والقتال معهم، وعاقبوا من لم يشارك بأن حرموه من الطعام"، وتضيف "كنا نتناول البقلة على مدار شهر كامل".
الاعتقالات شكلت قلقاً بالغاً لدى أهالي منبج فكما يقول المثل "الرايح مفقود والراجع مولود"، لذلك كان الجميع يخشى من الحديث أو التعبير عن سخطه ورفضه لوجود داعش "في إحدى الليالي استيقظنا على صوت صراخ جيراننا، وعندما هرعنا أليهم علمنا أن داعش اعتقل ابنهم بحجة أنهم يخبؤون الأسلحة"، وتضيف "في تلك اللحظة انتشر العشرات من مرتزقة داعش في منازلنا".
لم تسلم عدولة عدو من أذى داعش فقد اعتقل عدداً من أبنائها أيضاً "اعتقل ثلاثة من أبنائي، وكُنت أخشى أن يذبحهم داعش، فقد كانوا يقطعون الرؤوس ويتركونها مُعلقة في الساحات والدوارات لأربعة أو خمسة أيام؛ لإرهابنا".
حاولوا بشتى الوسائل ترهيب أهالي منبج خاصة مع تقدم حملة التحرير "شن حملة واسعة من الخطف والقتل، عندما أخذ أبن جارتنا عاد واعتقل الأم فقد أزعجه بكاؤها ونحيبها"، في تلك اللحظات كانت حملة التحرير تتقدم وأصوات الطائرات الحربية تتعالى فوق المدينة".
مع حملة التحرير رُفع الظلم
تقول عدولة عدو أنهم في منبج كانوا متفائلين من نجاح الحملة، وانتصار القوات التي جاءت لتحرير المدينة "عندما سمعت باستشهاد القيادي فيصل (أبو ليلى) ورفاقه في الخامس من حزيران/ يونيو 2016، انتابني الحزن والألم"، وتضيف "سميتُ حفيدي الذي ولد في تلك الفترة باسم فيصل".
ومع اشتداد المعارك وفرض داعش الحصار على الأهالي، وتهديدهم بالقتل، فوجئوا بوجود مجموعة من المرتزقة يحملون الفؤوس في أيديهم، وعلى أجسادهم عبوات ناسفة، ويفتحون ممرات ليسهل عليهم
الدخول إلى المنازل "طردونا من منزلنا ومنعونا من الذهاب نحو المناطق المُحررة، فتوجهنا إلى منزل ابنتي في المدينة، وبقينا 22 يوماً حتى تحريرنا من قبل مقاتلات ومقاتلي مجلس منبج العسكري".
مع دحر مرتزقة داعش رُفع الظلم والاستبداد، تصف عدولة عدو، تلك اللحظات بالقول "ولدتُ من جديد مع تحرير المدينة"، وتضيف "عاد أبنائي بعد التحرير، والفضل في كل ذلك يعود للشهداء والشهيدات اللواتي والذين ضحوا بحياتهم من أجل أن ننعم بالسلام".
لأنها عانت من سيطرة المرتزقة وممارساتهم تتمنى ألا يعيشها آخرون "أتمنى أن تُحرر جميع المناطق المحتلة، وأن يعود المهجرين إلى منازلهم وتعود الفرحة إلى قلوبهم كما عادت لنا".
حملة التحرير هي الولادة الحقيقية
فطيمة الحساني تقول إن داعش مارس عليهم شتى أنواع العنف والاضطهاد، "عانينا الكثير من المآسي على أيديهم، وخاصة النساء اللواتي تعرضنَّ للتهميش والالتزام بارتداء الملابس السوداء، وعدم مغادرة المنزل".
وعن لحظات تحرير المدينة تقول "كُنتُ أعد خبز الصاج لعدم توفر الخبز في الأفران، فسمعت الأهازيج تعمُ المكان، والجميع يتبادل التهاني والقبلات، فقد تحررت منبج"، وتضيف "قدمت الخبز والشاي للمقاتلين والمقاتلات، فهم أصحاب الفضل في إعادة الأمان لنا، نحن ممتنون لهم".
وتتابع "قرر ابني حسن وهو أب لثماني أطفال، الانضمام إلى صفوف مجلس منبج العسكري الذي تشكل في الثاني من نيسان/أبريل 2016 ليُدافع عن أرضه ووطنه، وما كان لي إلا أن أدعمه في قراره وأفتخر به، وأخذ على عاتقه مهمة تفكيك الألغام في المنازل، ليعود السكان إليها آمنين"، وتضيف "قدمت شهيداً لتحرير منبج وهو ابني الثاني الذي انضم أيضاً للمجلس؛ من أجل الدفاع عن منبج، الشهداء أحياء في ذاكرتنا". وتمنت أن تتحرر المناطق المحتلة ويعود المهجرين إلى ديارهم.
وتقول الرئيسة المشتركة لمجلس خط أبو قلقل هاجر أحمد العلي (35) عاماً، وهي أم لأربعة بنات، "كنتُ أسكن في منطقة خان العسل بمدينة حلب، ومع اشتداد المعارك بين قوات النظام السوري والجيش الحر في عام 2016، نزحت مع عائلتي نحو مدينتي منبج، فلم أكن أعرف أن داعش سيطر عليها".
وعانت من ممارسات داعش الممنهجة ضد نساء المنطقة، وأُصيبت في كتفها لدى محاولتها الهروب "من أساليب وممارسات داعش بث الرعب والخوف، وترويع الأهالي من قوات سوريا الديمقراطية، إلا أن هذه الادعاءات كانت كاذبة".
وعن تحرير بلدتها تقول "كانت بلدتي أبو قلقل أول بلدة تتحرر من ريف منبج"، وتضيف "لا زلتُ أذكرُ المرة الأولى التي تم النقاش فيها عن نظام الرئاسة المشتركة، وحق المرأة في اتخاذ القرار وإبداء رأيها بكل حرية وعدالة، بعد التحرير بُتنا نعلم أن المرأة هي الطليعية والريادية في المجتمع، لذا انخرطت جميع النساء في تنظيم البلدة وإعادة إعمارها من مخلفات بطش داعش".
وتؤكد هاجر أحمد العلي على أن إرادة المرأة كانت الأقوى في وجه جميع القوى الظلامية التي تنظرُ إليها نظرة دونية "سنستمر بكل قوة وتصميم للمحافظة على مكتسبات شعبنا، وعلى وجه الخصوص النساء اللواتي تركنَّ بصمة في تاريخ التحرير، فهنَّ قدوة تحتذي بها جميع نساء العالم".