حملات توعوية لمناهضة العنف الرقمي ضد النساء في المغرب

تسعى الجمعيات والمنظمات النسوية في المغرب عبر الحملات والفعاليات المتنوعة التوعية بالعنف الرقمي ضد الفتيات والنساء، للحد من الظاهرة التي تفاقمت في الآونة الأخيرة.

رجاء خيرات

المغرب ـ دعت الجمعيات المعنية بالدفاع عن حقوق النساء في المغرب، إلى وضع آليات للحد من العنف الرقمي الذي ينعكس سلباً على حياتهن.

نظمت جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" وفدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب، حملات توعوية لفائدة الطلبة والنساء تحت شعار "مناهضة العنف الرقمي".

وقالت رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو إن الجمعية، في إطار حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف، نظمت عدة لقاءات لفائدة الطلاب والطالبات في المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى مركزين للتكوين المهني للتوعية بمخاطر العنف الرقمي الذي تتعرض له النساء وانعكاساته على حياتهن وأسرهن.

ولفتت إلى أن الجمعية نظمت ندوات متخصصة بشراكة مع هيئات حقوقية، كالندوة الوطنية لمناهضة العنف لمعالجة المعطيات الخاصة بالرباط، وشاركت الجمعية في ندوة حول "التحرش الجنسي كنوع من أنواع العنف الرقمي".

وأشارت بشرى عبدو إلى أن هذا البرنامج يندرج في إطار الحملة التي تنظمها الجمعية لمناهضة العنف الرقمي كنوع من أنواع العنف الذي تعاني منه النساء والذي ينتج عنه العديد من المخاطر.

وحول مناهضة العنف الرقمي، أوضحت أن الجمعية ومنذ عام 2016 تعمل على مناهضة العنف الرقمي، حيث سبق وإن أطلقت تطبيقاً إلكترونياً تحت شعار "سطوب العنف الرقمي" أي (كفى من العنف الرقمي)، كما أن الجمعية تضمن أول مركز وطني يختص في الاستماع والتوجيه والإرشاد لفائدة النساء ضحايا العنف الإلكتروني، وبالتالي فالبرنامج الذي تزامن مع حملة الـ 16 يوماً، هو تتمة لمشروع انخرطت فيه الجمعية منذ أكثر من ست سنوات.

وذكرت أن القانون 13ـ 103 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء يتضمن ثلاث فصول أساسية تنص على العقوبة الزجرية وفرض غرامات على مرتكبي العنف الرقمي.

وانتقدت بشرى عبدو هذا القانون بسبب عدم تطرقه في التعريف الذي أدرجه المشرع للعنف الرقمي، كما لم يذكره إلا في ثلاثة فصول فقط، بالرغم من أن هذا الشكل من العنف يعد تأثيراً على حياة النساء، إذ أنه من أخطر أشكال العنف التي تمارس على النساء والفتيات، كما يمس العديد من جوانب حياتهن، على المستوى النفسي والاقتصادي والاجتماعي.

ولفتت إلى أن ضحايا الأشكال الأخرى من العنف يمكن تجاوزها، حيث تتمكن الضحايا غالباً من استئناف حياتهن بشكل طبيعي بعد أن تخضعن للعلاج الجسدي وكذلك النفسي، لكن العنف الرقمي يظل يلاحقهن مدى الحياة، ولا يمكن في أحيان كثيرة محوه، إذ تظل آثاره موجود على الانترنت كـ "صور تشهيرية، فيديوهات وغيرها من وسائل التشهير"، وهو ما يجعل الضحايا في قبضته طيلة حياتهن.

وأوضحت أن العنف التقليدي المعروف يمكن الحديث فيه عن ناجيات من العنف، لكن العنف الرقمي غالباً ما تكون فيه النساء ضحايا ولا يمكنهن الإفلات من قبضته، لأنه يتجدد في الزمان والمكان، كما أن الضحية قد تفقد عملها وأسرتها، ولا يفرق بين النساء كيفما كانت طبقاتهن الاجتماعية ومستواهن التعليمي، بل إنه يمس هذه الفئة أكثر من غيرها، بسبب سهولة الولوج إلى الأنظمة المعلوماتية، وقد ينتقل المعنف من المستوى الافتراضي إلى الواقعي عبر إلحاق الأذى بالضحية في حال لم ترضخ للابتزاز الذي يمارسه عليها.

وعن خطورة العنف الرقمي على حياة النساء، قالت عضوة المكتب الوطني لفدرالية رابطة حقوق النساء في الدار البيضاء خديجة تكروين، أن حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء جاءت هذا العام تحت شعار "مناهضة العنف الرقمي".

وأوضحت أن "الفدرالية قامت بمجموعة من الحملات التوعوية في أوساط النساء اللواتي تعملن في مراكز تابعة للتعاون الوطني (الرباط، الدار البيضاء)، لحثهن على مواجهة كافة أشكال العنف الذي تتعرضن لها، كما قدمت شروحاً وتوجيهات، سواء فيما يتعلق بوسائل التبليغ والإثبات، أو شرح مضامين قانون مناهضة العنف في الشق المتعلق بالعنف الإلكتروني".

وأشارت إلى أن العنف الإلكتروني يحتل نسبة كبيرة في التقارير التي تصدرها الجمعية سنوياً حول العنف، كما إن أغلب الضحايا تتوجهن لمراكز الاستماع للتبليغ عن الابتزاز والتشهير اللذين تتعرضن لهما في وسائل التواصل الاجتماعي على يد معنفين إما افتراضيين أو واقعيين ويلجؤون إلى هذا النوع من العنف لاستدراج ضحاياهم.

وعن القانون 13ـ 103 المتعلق بمناهضة العنف، أكدت أنه ترك مسألة إثباته على عاتق الضحايا، رغم صعوبة إثباته في أحيان كثيرة، مما يجعل أغلب الملفات المعروضة على القضاء يتم حفظها، وتضيع فيها حقوق الضحايا.

واعتبرت أن العنف الرقمي هو انتهاك للحقوق الإنسانية للنساء، لافتةً إلى خطورة نشر صور خاصة وفيديوهات للضحايا، لأن من شأنه أن يمس بسمعتهن ويعرضهن للكثير من الآثار النفسية التي يصعب تجاوزها والبدء من جديد.

ويقصد بالعنف الرقمي كل شكل من أشكال العنف ضد النساء، يستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه جزئياً أو كلياً التكنولوجيا المعلوماتية أو الاتصالات، كالهاتف الذكي أو الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي، وهو فعل يستهدف النساء بسبب جنسهن، ويؤثر على حياتهن.

وتنص الفصول المتعلقة بالعنف الرقمي في قانون العنف 13ـ 103 على تجريم التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص، دون موافقته بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، أو بث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو القيام ببث أو توزيع ادعاء أو وقائع كاذبة، بقصد المس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم، بأي وسيلة كانت بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية.