هل القوانين الدولية تحمي الفلسطينيات خلال النزاعات المسلحة؟
نظمت مؤسسة الثقافة والفكر الحر بالشراكة مع مركز صحة المرأة "البريج" لقاء طاولة مستديرة عبر الانترنت بعنوان "أين الفلسطينيات من القوانين الدولية التي تحمي النساء في النزاعات المسلحة"، وذلك في الأول من تموز/يوليو بحضور عدد من ممثلين وممثلات عن مؤسسات حقوقية ودولية ومدنية وعدد من الشخصيات الاعتبارية الأخرى
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/07/20220306-23233-jpg1e7a86-image.jpg)
رفيف اسليم
غزة ـ .
ألقت الكلمة الافتتاحية مدير عام جمعية الثقافة والفكر الحر مريم زقوت موضحة أن النساء في جميع دول العالم تناضلنَّ من أجل حريتهنَّ ونيل حقوقهنَّ كما المرأة الفلسطينية، لافتةً إلى أن هذه الجلسة تأتي في ظل الظروف التي فرضها العدوان الأخير على قطاع غزة والانتهاكات التي عانت منها النساء خلال (11) يوماً على التوالي ليتم تسليط الضوء على ويلات النساء بهدف إيصالها للمؤسسات الدولية والحد من تكرارها.
وكانت إسرائيل قد قصفت قطاع غزة مستخدمة المدفعية والطائرات في العاشر من أيار/مايو الماضي على مدى 11 يوماً، ما أدى لخسائر كبيرة في أرواح المدنيين وممتلكاتهم.
وأكملت مريم زقوت أن العدوان الأخير انتهك كافة القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على حماية المدنيين والتي تعتبر النساء جزء منهن، لافتةً أنه بالرغم من مرور فترة على انقضاءه إلا أن أهالي غزة يشعرون أنه لم ينتهي بعد لأن آثاره ما زالت باقية بركام البيوت التي كان يتم اسقاطها على النساء الآمنات دون تحذيرهنَّ والتي ما زال الكثير منها لم يتم إعماره منذ عام (2008) متسائلة أين القوانين والحماية الدولية لأولئك المدنيين والنساء على وجه الخصوص.
ولفتت إلى أن أمريكا خلال الحرب دعمت "إسرائيل" بمبلغ (37) ألف دولار لمدها بمختلف أنواع الأسلحة كما رفعت الفيتو بشكل مستمر لصالحها، مطالبة الدول الأوروبية والأمم المتحدة بإرسال لجان لتقصي الحقائق وتوثيق تجارب النساء والأطفال خلال العدوان وما واجهوه من خوف بهدف تقديم تلك الشهادات للمحاكم الدولية لمقاضاة إسرائيل، مشددة على ضرورة تكاتف جهود المؤسسات الحقوقية والنسوية للبحث في تلك القضية وعدم الاكتفاء بالتقارير والأفلام المصورة.
وأوضح المحاضر بكلية القانون محمد أبو مطير أن الحماية تقدم للمرأة من خلال طريقتين الأولى تشريعاً من خلال الاتفاقيات الدولية والثانية مؤسساتياً من خلال القرارات والمبادرات والدعم المقدم، مشيراً أن الإسرائيلي لا يلتزم بأي منهم بل يتبع إجراءات ممنهجة في انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية كما لا يلتفت للقوانين الدولية التي تحاول حمايتها لذلك فإن حل تلك القضية يبدأ بإلزام إسرائيل لما ورد في كلاً من اتفاقية جنيف والقانون الدولي الإنساني.
وأكمل محمد أبو مطير أن القوانين الدولية كفلت للمرأة الحق في المشاركة السياسية فجاء الإسرائيلي وألغى الانتخابات بالقدس، وكفل لها أيضاً الرعاية الطبية فقصف المشافي خلال العدوان وتسبب بولادات قيصرية داخل البيوت كادت تودي بحياة الكثير منهنَّ ليحرمهنَّ بذلك من الحق بالحياة، مؤكداً أن الحق في تقرير المصير من الحقوق الأساسية لأي إنسان وقد ألغتها "إسرائيل" لدى كافة الفلسطينيين ومن ضمنهم النساء.
وأشار محمد أبو مطير إلى أن الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة أقرت عام (1974) قانون تمكين النساء خلال النزاعات المسلحة لتجنبيها ويلات الحرب باعتبارهنَّ الطرف الأضعف فحظر استخدام القنابل أو الأسلحة ضدهنَّ وأوجب حمايتهن فما كان من "إسرائيل" إلا أن استخدمت ضدهنَّ جميع الأسلحة المحرمة دولياً والتي قضت على حياة الكثير منهنَّ خلال لحظات فكانت الحصيلة مسح أكثر من (17) أسرة من السجل المدني الفلسطيني غالبية أفرادها نساء.
وأضاف محمد أبو مطير أن جميع تلك الممارسات يجب أن تسجل ضمن قضايا منظمة ويتم إرسالها لمحكمة الجنايات الدولية كجرائم حرب ضد الإسرائيلي، لافتاً أن الفلسطينيين قادرين على مقاضاة إسرائيل إذا ما تكافل دور جميع المؤسسات لإحداث التغيير كما فعلوا من قبل بشأن إحداث تغيير في بعض قوانين المجتمع الدولي والمتعلقة بالدول التي تسعى للتحرر خاصة بما يخص قضايا النساء.
وقد وافقته أميمة الحبنوني ممثلة عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الدور الحالي للمؤسسات الفلسطينية هو التكاتف والتشبيك مع المؤسسات الدولية لحماية حقوق المرأة وإحداث تغير في النظام الحالي لحماية النساء الفلسطينيات خلال أوقات النزاع والحروب، لافتةَ أن الحضور النسائي الكبير في القدس وأحداث الشيخ جراج قد لاقى قبولاً واسعاً من قبل المجتمع العربي ومؤسساته خاصة أنه أوجد مدافعات قويات عن حقوقهنَّ.
وأكملت أنه لا يمكن إنكار النضال النسوي في دحر الاحتلال بكافة دول العالم كما في فلسطين، لافتةً أن زيادة المبادرات النسوية العربية والشبابية أيضاً سيكون لها دور كبير في خلق التضامن الدولي مع النساء الفلسطينيات على أرض الواقع وليس فقط من خلال سن القوانين وعدم مراقبة تنفيذها من قبل جهات الاختصاص، مؤكدة على أهمية دور الحكومات في تبني قضايا النساء في كافة الدول العربية.
وأردفت أميمة الحبنوني أن المرأة الفلسطينية تواجه الذكورية التي يفرضها "الاحتلال الإسرائيلي" من خلال نظامه الأبارتهايد مستغلاً حالة الهشاشة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني، لافتةً أنهنَّ في الوقت ذاته تواجهنَّ مجتمع عربي متخلف يحرمهنَّ من حقوقهنَّ الأساسية وينتهك حقهنَّ في العيش بشكل طبيعي سواء في العمل أو تقديم شكوى ضد من يعنفهنَّ أو يعتدي عليهنَّ.
المستشار القانوني محمد شبير رأى أن دور المؤسسات العربية في حماية المرأة بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص ضعيف جداً، فدور تلك المؤسسات يقتصر على وضع الاستراتيجيات والخطط التي لم ترقى حتى اليوم لتكون قوانين رسمية حازمة تفرض العقوبة على أي شخص يمارس انتهاك ضد المرأة ومن ضمن تلك الدول العربية فلسطين التي لم تقر السلطة حتى اليوم قانون حماية المرأة من العنف.
وأوضح أن منظمة المرأة العربية هي المنظمة الرسمية الوحيدة التي تمثل مشاكل المرأة في جامعة الدول العربية والتي تمثل 22 دول ويقتصر عملها على الدور الإرشادي التوعوي والخطط المستقبلة التي ستنفذ ربما خلال عام (2022)، لافتاً إلى أن كثير من الدول والجهات تنص على حماية المرأة لكن لم يوجد حتى اليوم جهد رسمي يغلب عليه طابع الإجبار والعقوبة، خاصة لدى الحكومات لخلق بيئة تشريعية جديدة تناصر المرأة.
وقد أكد حديث سابقه الناشط الحقوقي حكيم أبو الريش فمن خلال بحثه في نصوص اتفاقية جنيف وجد مواد عديدة تنص على حماية المرأة خلال النزاعات المسلحة لكن لم يطبق الاسرائيلي أي منها في وقت العدوان الأخير على قطاع غزة الذي قتل خلاله ما يقارب (41) امرأة، وأصيبت (399) أخرى حسب إحصائية صادرة عن مركز الميزان لحقوق الإنسان في فلسطين.
وأشار حكيم أبو الريش أن المادة (27) من اتفاقية جنيف نصت على حماية المدنيين خاصة النساء، وكذلك المادتين (16) و(51) من البرتوكول الملحق بالاتفاقية، كما خصصت حماية للمحاربات باعتبارهنَّ الطرف الأضعف، فحظرت معاملتهنَّ بشكل سيء، وراعت أمور الحمل والأمومة لهنَّ وفقاً للمادة (12)، كما خصصت المادة (44) لتوفير مرافق خاصة بالأسيرات من حيث الراحة والنظافة. مؤكداً أن الإسرائيلي لم يطبق أي من تلك البنود.