"هجرة الأزواج وأثرها على النساء والأسر في غزة" محور مؤتمر

يسلط مركز شؤون المرأة الضوء على مشكلات النساء من خلال قسم الأبحاث الذي يتناول دراسة العديد من القضايا المرتبطة بواقعهن السياسي والاجتماعي بشكل عميق، لتمكينهن وصولاً للعدالة والمساواة.

رفيف اسليم

غزة ـ نظم مركز شؤون المرأة مؤتمر لعرض نتائج بحث بعنوان "هجرة الأزواج وأثرها على النساء والأسر في قطاع غزة"، لدراسة واقع النساء والمشكلات التي يعانين منها في ظل غياب المعيل وتركهن وحدهن تواجهن العنف النفسي، والجسدي، والجنسي، والاقتصادي.

تضمن المؤتمر الذي نظم أمس الاثنين 13 شباط/فبراير، مناقشة قصة إحدى النساء اللواتي عانين من هجرة الأزواج عبر فيلم "عايدة" حيث تركها زوجها وحدها لتكابد العنف من قبل عائلتها وعائلته، ولم يكتف بذلك فقرر أن يطلقها ويحرمها من كافة حقوقها الاقتصادية بعد أن استولى على مالها ليسافر به، لتجد نفسها ما بين خيارين إما أن تعيل أسرتها أو أن تبقى برفقة أطفالها في الشارع.

وقالت الباحثة الاجتماعية في مركز شؤون المرأة ألفت وهبة، أنه لم يتم عرض المعاناة الكاملة للنساء اللواتي تم زيارتهن والسماع لقصصهن عبر 30 استبيان تم تعبئتهم من محافظات مختلفة بقطاع غزة، وذلك بسبب التعهد بالحفاظ على المعلومات وعدم الإدلاء بها سوى إلى الجهات المختصة التي تستطيع إنقاذهن بالفعل.

وأوضحت أن غالبية الأزواج المهاجرين استولوا على أموال زوجاتهم أو استدانوا مع تعهدات بالسداد لسلك طريق الهجرة الغير شرعية، بالتالي فإن غالبيتهم لم يجدوا وظائف وكانوا سبب أساسي في تدهور وضع العائلة الاقتصادي، فقطعوا الاتصال مع عوائلهم مقررين الابتعاد عن الواقع لترك زوجاتهن تدفعن فاتورة ما اقترفوا من أعمال.

وأضافت أن ترك الزوجات بين قبضة المدين جعلهن تتعرضن لعنف لفظي وجنسي خاصة أنهن لا تملكن المال، وقد زادت سطوة التحرش بألفاظ نابية عندما طلبوا المساعدة من قبل بعض الأشخاص أو المؤسسات، لذلك فضلت غالبيتهن عدم الكشف عن أسمائهن عند رواية قصصهن خوفاً من نظرة المجتمع.

وبينت ألفت وهبة أن العنف الجسدي قد مورس عليهن من قبل المستضيف، والأولاد الذكور أنفسهم الذين قد يستحيل على الأم السيطرة عليهم ولجم المشكلات التي يفتعلوها بحق إخوتهم الإناث أو الأصغر سناً، لافتة أن سلوكهم ناتج عما اقترفه الأب بحقهم، لتبقى الأم ضحية تلك المشكلة، بالإضافة لمواجهتها شبح توفير متطلبات العائلة التي لا تنتهي.

 

 

ومن جانبها قالت فاطمة أبو مهدي الباحثة الميدانية أن بعض النساء اللواتي تولين إعالة أسرهن أصبن ببعض الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والقلب الناتجة عن العمل والضغط النفسي وأخرى جسدية، مؤكدات خلال شهادتهن أن هجرة الأزواج كانت خطوة عبثية قد تم افتعالها للهروب من تحمل مسؤولية العائلة في ظل تردي الوضع الاقتصادي.

وأشارت إلى أن بعض الزوجات كن تنكرن تعرضهن للأذى الجسدي والنفسي بالرغم من أثار الضرب واللكمات الواضحة على وجوههن، وصمتهن المطبق كان نتيجة عدم وجود مكان قد يستضيفهن عند شكاية الأب أو الأخ، أو الأم، لافتة أن بعض النساء طلب منهن بشكل واضح مغادرة المنزل خلال مدة محددة غير أبهين بالمصير المجهول الذي ينتظرهن.

 

 

وبدورها قالت مديرة مركز شؤون المرأة آمال صيام أن المركز يسعى لتمكين النساء وصولاً للعدالة والمساواة، ودوماً ما يسلط الضوء على مشكلاتهن من خلال قسم الأبحاث الذي يتناول دراسة العديد من القضايا المرتبطة بواقعهن السياسي والاجتماعي بشكل عميق، لافتة إلى أن الحاجة لتناول قضية تلك الزوجات ظهرت عندما توافد عدد كبير منهن للمركز طالبات المساعدة.

وأوضحت أن الهدف من البحث هو توفير قاعدة معلومات للمؤسسات النسوية المعنية وصانعي القرار لمساعدة النساء وإيجاد حلول لهن، كي يتم الحد من ظاهرة العنف وارتفاع معدلات الطلاق للنساء في قطاع غزة، مشيرة إلى أن النساء تلقين عدد من الخدمات سواء صحية أو نفسية أو تمكين اقتصادي أو التمثيل القانوني، للتخفيف من الآثار السلبية التي يعانون منها.

وأضافت أن النساء تربوا على ثقافة الصمت لذلك ما تم ملاحظته خلال فترة إعداد الدراسة أن العديد من النساء فضلن عدم الحديث عن مشكلاتهن، للهروب من الوسم والأحكام المطلقة التي قد يرمون بها بدون ذنب من قبل المجتمع، وذلك ما يصعب من دور المؤسسات النسوية في العمل على إيجاد حلول واقعية لقضاياهن.

 

 

واستعرض البحث عدد من النسب والإحصائيات فتبين أن 82% من الأزواج قد هاجروا قرروا البقاء في المهجر بشكل دائم غير أبهين بعائلاتهن مما سبب بانخفاض دخل الأسرة، بل أن 70% من الأزواج المهاجرين قد قرروا الزواج من أخريات في البلاد التي استقروا بها، لينسوا تماماً زوجاتهن في قطاع غزة.

وقد أظهرت النتائج أن 61% من الأطفال لا يريدون التعامل مع الأب المهاجر أو التواصل معه مما نتج عنه تفكك العائلة بالتالي ضرب النسيج المجتمعي، فيما اعتمدت الأسرة على المساعدات التي تقدمها المؤسسات لأن الأم في غالبية الأحيان لا تجد عمل لها في أي مهنة.

وقد كانت النتائج الاجتماعية لهجرة الأزواج متمثلة في زيادة المشاكل الأسرية بنسبة 39%، بالإضافة للمشاكل مع أهل الزوج التي وصلت لتشكيك بأخلاق الزوجة، فبلغت نسبة العنف الممارسة من قبلهم 46%، وازدادت المشاكل مع الجيران بنسبة 11%، مما ترتب عليه الاحترام والمودة بين الطرفين.

وانخفض العنف الجنسي والجسدي الممارس من قبل الزوج بنسبة 23%، ليحل مكانه عنف من قبل الأهل بنسبة ما يقارب 70%، ومن الجيران ما نسبته 24%، ومن المحيطين بنسبة من 8% وحتى 17%، بالتالي قد ازداد طلب تلك النساء على خدمات الرعاية النفسية بنسبة 69%، وخدمات الدعم القانوني بنسبة 36%، والخدمات الصحية بنسبة 15%، والنقدية بنسبة 31%.