في ظل صمت دولي... استهداف ممنهج للمدنيين وتدمير للمباني وحصار مستمر على غزة

يستمر قصف القوات الإسرائيلية على قطاع غزة مخلفاً عشرات القتلى والمصابين يومياً، في استهداف ممنهج للمدنيين في أماكن نزوحهم والمرافق الصحية، وسط أوضاع إنسانية كارثية تتفاقم يوماً بعد يوم.

غزة ـ تسبب قصف القوات الإسرائيلية على مناطق متفرقة من قطاع غزة بمقتل عشرات المدنيين بينهم أطفال، كما تستمر بحصار أخر مستشفيات شمال غزة العاملة، الأمر الذي يهدد حياة المحاصرين داخله.

في تصعيد جديد للقوات الإسرائيلية أمس الأحد 22 كانون الأول/ديسمبر، شهد قطاع غزة ليلة دموية إثر غارات جوية مكثفة استهدفت خيام النازحين في منطقة المواصي جنوب غربي خان يونس، وأسفرت عن مقتل 12 شخصاً بينهم أطفال، وإصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وزعمت السلطات الإسرائيلية أن المنطقة "آمنة"، لكن الاستهداف المباشر للمدنيين يعكس واقعاً مغايراً تماماً.

وفي الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين 23 كانون الأول/ديسمبر، استمرت آلة الحرب في استهداف الأبرياء، حيث قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب أكثر من 20 آخرين جراء قصف مكثف طال عناصر تأمين المساعدات الإنسانية ومن كانوا بانتظارها في منطقة المواصي غربي رفح. 

كما ارتفعت حصيلة القتلى في شمال مخيم النصيرات وسط القطاع إلى عشرة قتلى بينهم أطفال ونساء، فيما لا تزال فرق الإسعاف عاجزة عن الوصول إلى العديد من المفقودين تحت الأنقاض بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على المنطقة، ولم تقتصر الاعتداءات على منع فرق الإنقاذ من أداء مهامها بل استمرت الغارات العنيفة في إشعال النيران داخل المخيم، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي. 

وفي الشمال، شهدت منطقة مشروع بيت لاهيا منذ فجر اليوم سلسلة عمليات تدمير منهجي للمباني السكنية، رافقها قصف مكثف من الآليات العسكرية المتمركزة في منطقة الصفطاوي، بالتزامن مع غارات جوية لا تتوقف على شمال وجنوب مدينة غزة. 

من جهة أخرى، يواجه مشفى "كمال عدوان" أزمة غير مسبوقة وسط استمرار الحصار الذي يهدد حياة المحاصرين داخله، وصرّح مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صفية، بأن أكثر من 150 مدنياً بينهم أطفال حديثو الولادة يعانون من نفاذ تام للإمدادات الأساسية، مع عدم توفر أي ممرات آمنة لإجلائهم.

وأشار إلى تكدس المحاصرين في الممرات هرباً من القصف العشوائي، لافتاً إلى أن هناك جثامين قتلى داخل المستشفى لم تُدفن بسبب الخوف من الغارات المستمرة. 

وفي مشهد يعكس مدى الانهيار الإنساني، أفادت فرق الدفاع المدني بأنها تمكنت من انتشال جثماني قتيلين وإصابتين إثر استهداف سيارة مدنية عند بئر 19 بمنطقة مواصي خان يونس. كما انتشلت الفرق جثمان قتيل وعدة مصابين من منزل تعرض لقصف عنيف في منطقة الشعف شرق مدينة غزة. 

أما على صعيد الخدمات الأساسية، أعلنت بلدية غزة عن تدهور غير مسبوق في قدرتها على تقديم الخدمات الحيوية بسبب الدمار الذي طال أكثر من 85% من معداتها الهندسية الثقيلة ونصف آليات الصرف الصحي والنفايات وخدمات المياه، وأشارت إلى نقص حاد في الآليات وقطع الغيار اللازمة للصيانة مما يفاقم أزمة السكان المحاصرين الذين يعانون من شح المياه وانعدام الخدمات الصحية. 

إن ما يجري في غزة ليس سوى فصل آخر من فصول الجرائم الممنهجة التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية على حد سواء في ظل صمت دولي يفاقم معاناة أكثر من مليوني إنسان يعيشون تحت الحصار والقصف، ومع تصاعد وتيرة العدوان تظل الحاجة ماسة لتحرك عاجل يضع حداً لهذه المأساة الإنسانية المستمرة.