في يومهن الوطني… مغربيات تستحضرن وضعية المرأة بين المطالب والإكراهات
يشكل اليوم الوطني للمرأة المغربية، محطة لتقييم الإنجازات والمكتسبات التي تحققت لصالح النساء اللواتي تسعين جاهدات لتغيير القوانين ومدونة الأسرة بما يتماشى مع الوضع والحصول على حقوقهن.
رجاء خيرات
المغرب ـ طالبت عضوات المؤسسات النسوية المغربية، بتمكين النساء في كافة المجالات وتيسير ولوجهن إلى العدالة وتوفير مراكز إيواء للمعنفات، مع قرب صدور مدونة الأسرة المعدلة.
نظم اتحاد العمل النسائي بمدينة مراكش في المغرب أمس الخميس 10 تشرين الأول/أكتوبر، ندوةً بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية الذي يصادف العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، لتسليط الضوء على وضعية النساء المغربيات في ظل غياب القوانين التي توفر لهن الحماية وكذلك المطالب والانتظارات التي يتطلعن لتحقيقها، تحت شعار "الوضعية الراهنة للمرأة بين المطالب والإكراهات".
وطالبت المشاركات في الندوة بإقرار المساعدة القضائية والقانونية، بما يستلزمه ذلك من توفير دفاع أثناء النزاعات بدون مقابل، مع مجانية المصاريف القضائية من التبليغ والتنفيذ والمقال وغيرها من المساطر التي تجبر النساء على التخلي عن حقوقهن بسبب الفقر والهشاشة، إضافةً إلى توفير وسائل النقل لنساء القرى ووسائل الاتصال للتبليغ عن حوادث العنف التي يتعرضن لها، واستعرضن أهم المكتسبات التي تحققت طيلة العقود الماضية مع التركيز على أهم مطالب الحركة النسائية وجاء على رأسها التغيير الجذري والشامل لمدونة الأسرة التي لم تعد تستجيب لواقع النساء ولمصلحة الأسرة المغربية عموماً.
وعلى هامش الندوة قالت رئيسة اتحاد العمل النسائي السابقة سعيدة الوادي، أن اليوم الوطني للمرأة المغربية الذي يصادف العاشر من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، هو مناسبة لاستحضار أهم الإنجازات والوقوف على أهم المحطات التي تم قطعها من قبل الحركة النسائية المغربية، في مسار طويل وشاق من النضال لكي تحصلن على حقوقهن الكاملة، كما أنه يشكل فرصة للتقييم والتأمل ولوضع الخطط المستقبلية التي تطمح لها النساء.
وحول ما تحقق ولم يتحقق من مطالب الحركة النسائية، أوضحت أنه ينبغي وضع الأصبع على الداء لإيجاد الدواء، معتبرةً أن اتحاد العمل النسائي كغيره من مكونات الحركة النسائية المغربية، انخرط بشكل فعال في المطالبة بالمزيد من المكتسبات حتى تحصلن النساء على المكانة التي تستحقنها بما يتماشى مع مضمون دستور 2011، وكذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها المساواة بين الجنسين والمناصفة.
وشددت على ضرورة توحيد صفوف النساء وطنياً ودولياً من أجل أن يكون لصوتهن صدى وتأثيراً على مجريات الأحداث، مشيرةً إلى أن اتحاد العمل النسائي بجانب مكونات الحركة النسائية القابضة على الجمر لسنوات في مسيرة نضالية، تعرضت مناضلاته لكل وسائل التبخيس والإهانات وصلت حد التكفير، لكن ذلك لم يزدهن إلا صموداً وتماسكاً فيما بينهن.
واستعرضت المحامية بهيئة مراكش حسناء بل بنار، أهم الصعوبات والإكراهات التي تواجهها النساء أثناء النزاعات والخلافات الزوجية، بسبب الحيف الذي يطالهن، وانعدام القوانين التي تحميهن وأطفالهن من العنف، موضحةً أن النساء لازلن يعانين من العنف بشتى أشكاله داخل بيوتهن، وإن القانون 103ـ13 المناهض للعنف لا يوفر الحماية اللازمة بسبب مشكلة الإثبات، حيث يُطلب من المعنفات أن يثبتن العنف الذي تعرضن له عن طريق إحضار شهود عيان، وكأن الزوج يطلب شهوداً أثناء تعنيفه للزوجة.
ولفتت إلى أنه في حال تعذر إحضار شهود على واقعة التعنيف يحفظ الملف وتضيع حقوق الزوجة المعنفة، مضيفةً أن النساء يتعرضن للعنف كذلك من قبل الآباء والإخوة الأشقاء، لكنهن يفضلن الصمت لأنهن غير قادرات على الاستقلالية بحياتهن بعيداً عن كنف الأسرة.
وأشارت إلى أن التمكين الاقتصادي للنساء يبقى مطلباً أساسياً، لكي تعشن بكرامة وتتحررن من التبعية للأزواج، حيث أن المرأة التي لها استقلالية مالية غالباً ما تكون سيدة قراراتها ولا تكون مجبرة على تحمل العنف وسوء المعاملة.
ومن بين المشاكل الكبرى التي تحتاج لحلول مستعجلة، هي الولاية الشرعية للأب دوناً عن الأم، حيث يمنح القانون المغربي الولاية الشرعية للأب، ولا تنتقل هذه الأخيرة للأم إلا في حال غيابه أو وفاته بحسب المادة 136 من مدونة الأسرة "الأب هو الولي على أولاده بحكم الشرع ما لم يُجرد من ولايته بحكم قضائي"، لافتة إلى أن تجريد الأب من ولايته على ابنه لا يتم إلا في حالة كان الأب هو مغتصب ابنته أو ابنه، حيث يجرد من الولاية بمجرد صدور حكم قضائي يقضي بإدانته.
واعتبرت أن هذا الفصل يشكل عائق حقيقي أمام العديد من الزوجات اللواتي يعجزن عن نقل الأبناء إلى مدارس أخرى عندما يغادرن البيوت الزوجية برفقة الأبناء وكذلك التصرف في أموال تم إيداعها باسم الأبناء، حيث لا حق للزوجة في التصرف لأن الولي الشرعي هو الأب، وغالباً يعاند الزوج في تسهيل وتمكين أبنائه من متابعة دراستهم دون مراعاة لمصلحتهم، مشيرةً إلى أن المشروع سمح للأم بأن تسلك مسطرة القضاء الاستعجالي، ليكون بإمكانها التصرف بشؤون أبنائها، لكن حتى هذا الإجراء صعب المنال لأنه يتطلب موارد مالية تعجز الزوجة عن أدائها، فتضيع حقوق الأبناء في متابعة دراستهم.
وأوضحت أن أغلب النساء يضطررن لسلك مسطرة التطليق للشقاق، حيث يعتبر الحل الوحيد أمامهن لكي يتمكن من نقل الأبناء إلى مدارس قريبة من مكان الإقامة الجديدة، فيتنازلن عن كل مستحقاتهن ويصبحن مسؤولات عن الأطفال.
من جانبها قالت عضو اتحاد العمل النساء نعيمة أقداد، أن هذه الندوة محطة أساسية لتقييم الوضعية التي تعيشها النساء المغربيات، وللوقوف على أهم مكتسبات وانتظارات الحركة النسائية، مشيرةً إلى أنه على الرغم مما تحقق للنساء من مكتسبات لا يمكن إنكارها، حيث تطلب الأمر سنوات من العمل والصمود لتغيير مدونة الأحوال الشخصية إلى قانون أسري يتماشى مع الواقع، وهو ما أفرز صدور مدونة الأسرة سنة 2004، قبل أن تظهر جوانب عديد من قصور هذه القوانين، فبعد عشرين سنة من التطبيق أبانت عن اختلالات كبيرة في العديد من جوانبها، حيث يرتقب صدور المدونة المعدلة خلال الأيام القادمة.
ولفتت إلى أن العديد من الورش المهمة التي تم إطلاقها تتعلق بالحماية الاجتماعية للنساء وتمكينهن اقتصادياً عبر تشجيعهن على خلق مشاريع مدرة للدخل، وكذلك تمكينهن سياسياً إلا أن النساء لازلن يعانين من الظلم والإقصاء والتهميش، كما يتم استبعادهن عن مراكز صنع القرار، وهذا الوضع يزداد تفاقماً بالنسبة للمرأة القروية المحرومة من أبسط شروط العيش الكريم، مطالبةً بقانون أسري يضمن كافة الحقوق النساء، و يتلاءم مع الدستور المغربي الذي اعتبرته متقدم فعلاً على قانون الأسرة، وهو قانون يتلاءم كذلك مع المواثيق والتشريعات الدولية التي صادق عليها المغرب وملزم بتنفيذها.