في عيد الأم... لبنانيات تطالبن بـ "كف يد الطوائف عن الأحوال الشخصية"

بمناسبة عيد الأم، وبهدف كف يد الطوائف عن أحوال النساء الشخصية، نظمت جمعية "في- مايل" بالتعاون مع جمعية "بصمة" وبمشاركة عدد من الجمعيات والمنظمات النسائية

كارولين بزي

بيروت ـ بمناسبة عيد الأم، وبهدف كف يد الطوائف عن أحوال النساء الشخصية، نظمت جمعية "في- مايل" بالتعاون مع جمعية "بصمة" وبمشاركة عدد من الجمعيات والمنظمات النسائية، وقفة احتجاجية في ساحة الشهداء في العاصمة اللبنانية بيروت. تخللت الوقفة كلمات للمنظمين كما رُفعت العديد من الشعارات التي تطالب بإعطاء الأم حق حضانة أولادها.

 

"لن نساوم مقابل باقات الورود"

قالت رئيسة جمعية "في- مايل" حياة مرشاد خلال الوقفة "في كل سنة في مثل هذا الشهر يخرج علينا الجمع الذكوري القاتل للنساء والأمهات بخطابات مزدوجة رنّانة وتبجيلية بالنساء وبالأمهات وبأدوارهن التي تخدم مصالح الرجال باعتبارهن الأمهات والبنات والأخوات المضحيات والقديسات والصابرات... يغرقوننا بالتبريكات والورود وأدوات التنظيف والمطبخ في الوقت الذي تقضم الذكورية حقوقنا وتعنفنا وتهمشنا على امتداد الأيام والأعوام. فتحرم النساء من حقّهن بالمواطنة ومنح الجنسية لأطفالهن وحتى رؤيتهم، وتقتل أخواتنا بدم بارد فيما تتم تبرئة المجرمين بحجج مثل "الشرف" و"فورة الغضب"، نحرم الوصاية على أطفالنا، نزوّج ونحن طفلات، نخضع لجور المحاكم الدينية والروحية في الطلاق والزواج والنفقة والإرث والحضانة، ونبعد عن أطفالنا ونعذّب ونسجن بفعل قوانين الحضانة الجائرة، هذا عدا عن ممارسات الابتزاز والاعتداء الجنسي الذي تتعرّض له الكثيرات من النساء في أروقة المحاكم الشرعية والروحية".

وتابعت "15 قانون للأحوال الشخصية جميعها تجتمع وتصر على إقصاء النساء والتمييز ضدّهن، فيما يبقى أصحاب القداسة والعمامات فوق المحاسبة والمسائلة في ظلّ نظام أبوي تغلب فيه لغة وسلطة المزارع الطائفية على سلطة الدولة. نحن هنا اليوم نساء وفتيات وناشطات وأمهات وطفلات، لنؤكّد ونذكر من ظن أننا هزمنا، بأن صوتنا سيبقى دائماً وأبداً عالياً وغاضباً في وجه الذكورية والعنف والتمييز، وبأننا لم ولن نساوم على حقّنا بالمواطنة الكاملة دون استثناءات أو نقصان مقابل باقات من الورود والتكاذب والادعاءات".

 

"لإعطاء المرأة الحق بحضانة أولادها"

 

 

على هامش الوقفة الاحتجاجية، قالت رئيسة جمعية "بصمة" كريستال أبي رعد "نظمنا التحرك مع عدد من الجمعيات بمناسبة عيد الأم لكي نسلط الضوء على الظلم الذي تعاني منه النساء والأمهات في لبنان بسبب قوانين الأحوال الشخصية، من حرمانهن من حق إعطاء الجنسية لأولادهن إلى حرمانهن من حضانة أولادهن... كما أن قسماً من التحرك خُصص لتسليط الضوء على قضية ليليان شعيتو".

وتوضح "ليليان شعيتو هي الشهيدة الحية التي بقيت على قيد الحياة بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020. بعد 25 يوماً استيقظت ليليان من الغيبوبة ووجدت أن أهل زوجها قد أخذوا منها ابنها ومنعوها من رؤيته. لغاية اليوم لا تزال ليليان في المستشفى ولا يتم السماح لها بأن تتحدث مع ابنها حتى عبر تقنية الفيديو، علماً أن التقارير الطبية تؤكد بأن التواصل مع ابنها يساعد في علاجها ولكن عائلة زوجها ترفض ذلك... إلى جانب منع ليليان من رؤية ابنها، منعتها عائلة زوجها من السفر إلى الخارج لاستكمال علاجها".

وتلفت إلى أن "أبرز الشعارات التي رفعت خلال الوقفة الاحتجاجية ركزت على المطالبة بقانون مدني موحد للأحوال الشخصية، إعطاء المرأة اللبنانية الحق بحضانة أولادها".

 

"سنقاوم حتى إسقاط النظام الأبوي"

 

 

وتقول منسقة الإعلام في منظمة "في مايل" زهراء ديراني "نحن اليوم مجموعة نسويات، سياسيات وثائرات من ضمنهم جمعية "في مايل" و"بصمة"، قررنا أن ننظم هذه الوقفة الاحتجاجية بمناسبة عيد الأم، الذي يصادف 21 آذار الحالي. ووجدنا أن هذه المناسبة فرصة لكي نعبّر عن ازدواجية النظام الذي نعيش في كنفه. ففي الوقت الذي يحتفل فيه المجتمع ووسائل الإعلام بعيد الأم بطريقة تقليدية وبطريقة تحط من دورها ويتم حصرها بالهداية والورود والمطبخ، لدينا نظرة مختلفة لهذه المناسبة لأننا ندرك ما تعيشه النساء وما تعانيه بسبب المحاكم الروحية والدينية، وهناك أمثلة كثيرة مثل ليليان شعيتو وسهى سلامة وغيرهما... يوجد أمثلة تبرهن لنا بأن النساء مظلومات على يد رجال الدين ومن مختلف الطوائف... ونحن هنا اليوم لنجدد وعدنا للنساء ولنجدد وعدنا للسلطة بأننا لن نسكت وبأن صوتنا عالٍ وسنبقى نقاوم حتى يسقط هذا النظام الذكوري القاهر لحياة النساء والقاتل لهن".

وعن سبب التحرك في ساحة الشهداء في بيروت، توضح "اخترنا ساحة الشهداء لإعادة إحياء أجواء الثورة التي انطلقت في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وهي الساحة التي كانت شاهدة على مئات آلاف المحتجين، وكان للنساء حضور قوي جداً".

 

"تجربتي مع المحكمة الجعفرية"

 

 

تشارك عبير خشاب في التحرك لتدافع عن حقوق المرأة اللبنانية، وتقول "أشارك لأدافع عن الأمومة والطفولة"، وعن حق الطفولة توضح "الأطفال لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم، لأن حقوق المرأة والطفل تُنتهك يومياً بسبب المحاكم الروحية التي تفيض بالتمييز والعنصرية، ووصلت إلى حد انتهاك حقوق الطفل والتنكيل بها... بالإضافة إلى الفساد السياسي، أصبحنا اليوم نطالب بمكافحة الفساد القضائي الروحي والشرعي، لأن كل هذه المحاكم تخضع للطائفية السياسية... نحن الأمهات نحارب على كل الجبهات".

وحول ما إن كانت مشاركتها نابعة من تجربة شخصية، تقول "بالتأكيد من تجربة شخصية. تجربتي مع المحكمة الجعفرية التي تتصدر الظلم بموضوع رفع سن الحضانة، إذ أنها إحدى المحاكم التي لم ترفع سن الحضانة بين المحاكم الروحية الأخرى. انطلاقاً من هذه التجربة أعلنت ثورتي على المحكمة الجعفرية منذ سنتين وسأستمر بهذه الثورة حتى النفس الأخير، من أجل أمومتي وحق أطفالي".

كما تحدثت باستفاضة عن تجربتها "منحت المحكمة الجعفرية طليقي حق الحضانة زوراً وظلماً، وصدر حكم معجل التنفيذ لإعطاء الأب حضانة الأطفال منذ سنة ونصف ولكنني رفضت وتمسكت بولدي وهما لا يزالان معي... لم أسلمهما ولن أسلمهما وسيبقيان معي".

وأضافت "عندما يكون هناك خلاف بين الزوجين تكون الكلمة الفصل إلى حكمة القاضي، ولو أن هؤلاء القضاة فعلاً حكماء ومؤمنين لفرضوا اتفاقية على الأم والأب تصب في مصلحة الأولاد ولكن للأسف ما يسيطر على هذه المحاكم الانحياز والنفوذ السياسي، لذلك فهم يعمقّون الخلاف أكثر ما يؤثر سلباً على الأطفال".

 

"لنرفع الصوت كي لا يناضل أولادنا مستقبلاً"

 

 

عن سبب مشاركتها في التحرك، تقول صفاء عيّاد "كنساء لغاية اليوم لا نتمتع بأدنى حقوقنا سواءً في لبنان أو في العالم العربي، ويجب أن نرفع أصواتنا على الدوام لكي نحصل على حقوقنا التي يجب أن تكون حقوق مكتسبة بالقانون". وتتابع "أشارك اليوم كأم مع ابنتي التي تتربى في كنف العائلة معي ومع والدها ولكن هناك نساء حرمن من أولادهن بسبب الظلم الذي يخيم على المحاكم الدينية، ولذلك فلنرفع الصوت عالياً على أمل عندما يكبر أولادنا لا يناضلون بالطريقة نفسها".

اصطحبت صفاء عياد ابنة السنتين معها إلى التحرك الاحتجاجي، لافتةً إلى أنها كانت حامل بطفلتها عندما كانت تشارك باحتجاجات 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مضيفةً "هذا التحرك الأول بعد وباء كورونا وأحب أن تشاركني ابنتي بهذه الوقفة، كما أتمنى عندما تكبر تكون قد حصلت على جميع حقوقها".