فلاحات: إصدار مرسوم خاص بنا هو تتويج لأصوات نسائية صدحت وناضلت لسنوات

اعتبرت الفلاحات في تونس أنهن نجحن في إيصال أصواتهن للسلطة، واصفات إصدار مرسوم يُؤمن لهن العمل بشكل قانوني وتحت تغطية اجتماعية وتوفير النقل الآمن بعيداً عن شاحنات الموت بالثورة في مجال الدفاع عن حقوقهن.

زهور المشرقي

تونس ـ بعد سنوات من النضال وحملات المناصرة التي قادتها منظمات المجتمع المدني من أجل حقوق العاملات، أصدرت السلطات التونسية في 22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي المرسوم 4 والذي ينص على أحداث نظام خاص بالحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحات بعد سنوات من التهميش لحقوقهن.

تحدث المحاضرون في ندوة عقدت أمس الأحد الأول من كانون الأول/ديسمبر في العاصمة تونس، ضمن المؤتمر الوطني الخامس للحركات الاجتماعية، عن أهمية الدفع بتنفيذ المرسوم عدد 4الصادر مؤخراً لتحسين وضع الفلاحات اللواتي تعملن بشكل هش وتتكبدن أوضاعاً صعبة وتأثرن بها صحياً.

وأشاروا إلى أن الفلاحات اللواتي توفرن النظام الغذائي لتونس، تُحرمن من أبسط حقوقهن في العمل الآمن والنقل والتغطية الاجتماعية والصحية، وشددوا على ضرورة المرور إلى مرحلة نضالية أخرى بعد النجاح في إقرار مرسوم لصالحهن إثر سنوات من النضال المستمر والكفاح "نجني ثمرة نضال خمس سنوات والاعتراف بمآسينا من قبل البرلمان وإصدار مرسوم خاص بالفلاحات هو تتويج لأصوات نسائية صدحت وناضلت ولم تخشى أي طرف بل حملت معاناة التونسيات وساعدها الإعلام في تبليغها للسلطة والضغط لتحقيق هذا النجاح".

واعتبروا أن النضال مسار مهم لتحقيق أي هدف ونبذ العنف ضد الفلاحات والدفع نحو سن تشريعات حقيقية تنصفهن، خاصة بعد وفاة 74 عاملة فلاحية خلال السنوات الأخيرة، عبر حوادث العمل أو سقوط من شاحنات الموت التي تُنقلهن.

وحول ذلك قالت المنسقة بملف العاملات الفلاحيات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حياة العطار "بعد سنوات من التضحيات والتحركات الميدانية وحملات المناصرة حققت الفلاحات انجازاً تشريعياً جديداً يتمثل في المرسوم عدد 4 الذي صدر في 22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات، ويعتبر نقطة أمل تٌبعث في هذه الفئة الهشة التي طالما عانت وتحملت الظروف الصعبة والتشغيل الهش، واصفة المرسوم بالشامل".

وأكدت أن المرسوم تناول قضية النقل غير الآمن للمزارعات وغياب التغطية الاجتماعية والصحية في عام 2025 ونص على إحداث صندوق خاص بالحماية الاجتماعية، ستتكفل الدولة بتمويله بمنحة من ميزانيتها التي تقدر بـ 5 مليون دينار، ونسب أخرى من الأداءات وغيرها.

واعتبرت أن انتصارات الفلاحات كبيرة من هذا المرسوم ومن الدولة التي حان الوقت لتتحمل مسؤوليتها كاملة في تحسين الأوضاع، داعية الفلاحات إلى التمسك بحقوقهن ومتابعة تنفيذ المرسوم على أرض الواقع، مشددةً على أهمية تكثيف الجهود لوقف نزيف موت الفلاحات بسبب طريقة نقلهن أو عبر أمراض نتيجة استغلال المواد الكيميائية دون حماية.

ولفتت إلى أن التضامن وحملات المناصرة التي قادتها منظمات المجتمع المدني من أجل حقوق العاملات في القطاع الفلاحي أثرت ونجحت في سن المرسوم الذي سيحل معضلة النقل ويوفر التغطية الاجتماعية والصحية وحتى في حالة الوفاة في حادث العمل فقد ورد بالفصل 47 أنه إذا تسبب الحادث في وفاة العاملة الفلاحية الأجيرة أو غير الأجيرة تصرف للزوج والأبناء في الكفالة منحة تساوي مرتب شهر.

ويؤكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن 92% من العاملات الفلاحيات لا تتمتعن بتغطية اجتماعية، ولا يتعدى أجرهن 20 ديناراً لليوم الواحد، كما أن 78 % تتعرضن لكل أشكال العنف.

 

 

بدورها قالت منسقة العاملات الفلاحات عن جهة جبنيانة من ولاية صفاقس بالجنوب التونسي، منيرة بن صالح إنه حان الوقت الآن لإنهاء معاناة هذه الفئة بالقانون والانجاز، مشيرةً إلى أن تفقير الفلاحة لن يسمح به ككادحات ناضلن لسنوات وتحملن الظلم نصرة لقضيتهن، مؤكدةً على أن المقاومة أمر حتمي ومهم لتحقيق أي أهداف "نحن صاحبات حقوق وبات لدينا مرسوماً سنبدأ في المطالبة بتفعيله حتى لا يكون مثل المراسيم التي بقيت على الرفوف" مشددةً على أن الفلاحات تنتظرن آليات تطبيق المرسوم الذي جاء بصمودهن

 

 

بدورها قالت العاملة الفلاحية جميلة الشطي، إن الحركات الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في دعم حراك الفلاحات لتحقيق مكاسب كانت ستبقى بعيدة لولا تظافر الجهود والتشبيك مع هذه الفئة الهشة، لافتةً الى أن المجتمع المدني ساهم بشكل كبير في الضغط من أجل سن تشريعات تنهض بواقع المزارعات والعاملات في القطاع الفلاحي.

وأثنت على دور الجمعيات والإعلام في إيصال أصواتهن ونقل احتجاجاتهن والإيمان بقضيتهن، معتبرةً أنه لولا هذه الأطراف لبقي صوتهن غير مسموع، لافتةً إلى أن الفلاحات تتحملن أوضاعاً صعبة في جني الزيتون حيث تعاملن بشكل غير جيد من قبل الوسيط الذي يتصرف معهن كآلات.

وأوضحت أن الفلاحات تتكبدن حرارة الصيف وبرد الشتاء "تحملنا شاحنة واحدة ونحن واقفات لا نستطيع حتى الجلوس، نحتمي ببعضنا لندفأ من البرد، مجبرات على هذا الوضع، لكننا نقاوم لإيقاف هذا الاستغلال ووقف الاستمرار بهذه الحالة اللاإنسانية".

 

 

من جانبها أكدت الإعلامية صفاء الميساوي على أهمية دعم الإعلام النسوي للفلاحات لإيصال قضاياهن، معتبرةً أن تبني قصصهن أمر ضروري، حيث أن الصحافة هي مرآة تفضح التجاوزات والانتهاكات وتنتصر للضعفاء وخاصة النساء "أن الفلاحات تتقاضين أجرا زهيداً على الرغم من أنهن توفرن الأمن الغذائي لتونس"، داعيةً الاعلاميات إلى مواصلة تسليط الضوء على قضايا المهمشات دون خوف.

والجدير بالذكر أنه في عام 2019 وإثر حادث أليم توفيت فيه فلاحات كنا تنقلن عبر شاحنات الموت، أصدرت الحكومة التونسية قانوناً يتعلق بإحداث صنف نقل خاص بالعملة والعاملات في القطاع الفلاحي ألا أنه لم يتم الالتزام به.

كما أطلقت وزارتا المرأة والشؤون الاجتماعية مشروع "أحميني"، في نفس العام، لدعم الفلاحات وتوفير التغطية الاجتماعية والصحية، ألا أنه توقف لأسباب مجهولة. وتقدر الجمعيات النسوية عدد الفلاحات بـ 600ألف امرأة، أغلبهن تعملن في ظروف هشة ومأساوية.