دراسة ميدانية تكشف عن أرقام مقلقة بخصوص زواج القاصرات في المغرب

أعلنت دراسة ميدانية حول زواج القاصرات في المغرب عن أرقام مهولة ووضعية هشة تعيشها الزوجات القاصرات

المغرب ـ ، حيث أن أغلبهن لم يستفدن من خدمات صحية بنسبة 53 بالمئة لعدم قدرتهن على تحمل تكاليف التطبيب. 
أوضحت دراسة تشخيصية حول زواج القاصرات في المغرب، أنجزتها النيابة العامة، أن مؤشرات تزويج القاصرات التي يتم تسجيلها سنوياً منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ سنة 2004 تطرح أكثر من تساؤل، مشيرةً إلى أن الارتفاع المتنامي لعدد رسوم زواج القاصرات، يجعل القوانين الحمائية والمؤسسات المسؤولة عن تنفيذها وجميع الفاعلين محط مساءلة حول التدابير التي يتعين اتخاذها للحد من هذا الزواج. 
وسجلت الدراسة، التي تم الإعلان عن تفاصيلها، في لقاء صحفي نظم في مدينة مراكش، أمس الاثنين 29 تشرين الثاني/نوفمبر، أن نسبة كبيرة من الأذونات تم الاعتماد فيها فقط على البحث الاجتماعي دون اللجوء إلى الخبرة، بما نسبته 43.22 بالمئة، مقابل نسبة 48.26 بالمئة تم اللجوء فيها إلى الخبرة والبحث الاجتماعي. 
وأبرزت الدراسة الميدانية أن الأوساط الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة هي الأكثر إنتاجاً لزواج القاصر، فضلاً عن وطأة الأعراف والتقاليد والتأويل الخاطئ للدين، التي تعد من الأسباب الأساسية الدافعة لخيار الزواج المبكر.  
وأضافت الدراسة أن هناك ضعف كبير في توظيف المساعدات الاجتماعيات بالمحاكم في إجراء البحوث الاجتماعية حول القاصرات المقبلات على الزواج، باعتبار أن لديهن تكويناً في هذا الخصوص يؤهلهن لإنجاز تقارير تستجيب للمعايير المتطلبة في البحوث الاجتماعية، حيث أن نسبة البحوث المنجزة من قبلهن لم تتجاوز ما نسبته 12.24 بالمئة.
كما سجلت الدراسة ضعف كبير في المعطى الإحصائي المتعلق بنسبة الخبرات المجراة من قبل الأطباء النفسيين، حيث لم تتجاوز نسبتها 0.29 بالمئة من مجموع الخبرات المنجزة.
وأوردت الدراسة ذاتها، أن إنجاز غالبية الخبرات الطبية المعتمدة للإذن بزواج القاصر تسلم من طرف أطباء عامين، بالمقارنة مع الأطباء المتخصصين، حيث بلغت نسبة الفئة الأولى ما معدله 86.15 بالمئة، فيما بلغت نسبة الفئة الثانية 13.56 بالمئة علماً أن الخبرة المطلوبة بالنسبة للقاصر المقبلة على الزواج ترتبط بشكل وثيق بذوي الاختصاص في طب النساء والتوليد بالأساس. 
وبلغت الملتمسات الرامية لرفض تزويج القاصر برسم سنة 2019 ما نسبته 58.4 بالمئة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع، فيما شكلت هذه النسبة 36 بالمئة سنة 2018، كما ارتفعت سنة 2020 إلى 65 بالمئة من مجموع الملتمسات، وقد انعكس هذا المنحى الإيجابي كذلك على مستوى الإحصاء العام لأذونات زواج القاصر، الذي عرف انخفاضاً مضطرداً برسم السنوات 2018، 2019، 2020 مقارنة بعام 2017.
وأضافت الدراسة أن 82 بالمئة منهن أنجبن في السنوات الأولى من الزواج مع احتمال إنجاب أكثر من مرة، وأن الزوجات القاصرات أغلبهن لم يستفدن يوماً من الخدمات الصحية بنسبة 53 بالمئة لعدم قدرتهن على تحمل تكاليف التطبيب.  
وأفصحت الدراسة أن 37.26 بالمئة من الزوجات القاصرات أنجبن في المنزل دون إشراف طبي أو القبالة بنسبة 7.59 بالمئة، ويلدن عن طريق ولادة قيصرية أو استعمال الغرز (شق العجان) نظراً لعدم اكتمال النمو الجسدي للطفلات المتزوجات. 
وحسب المصدر ذاته، فإنه تعاني أغلب القاصرات المتزوجات من حالات الإجهاض بنسبة 14 بالمئة، علاوة على أمراض أخرى متعلقة بمضاعفات الولادة بنسبة 55.25 بالمئة، وأخرى ناتجة عن الوطء بنسبة 3.50 بالمئة، والعنف الأسري بنسبة 2.71 بالمئة.
وأغلب القاصرات بنسبة 77.83 بالمئة يسكن مع أهل الزوج، ومع شخص آخر بنسبة 0.09 بالمئة، أو مع أهلها بنسبة 1.41 بالمئة، و20.63 بالمئة لهن سكن مستقل تعيش 0.04 بالمئة منهن في حالة تشرد.
 
 
ومن جهتها قالت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، إن معالجة إشكالية تزويج القاصرات تقتضي اعتماد مقاربة شمولية تتناول، إلى جانب تطوير المنظومة القانونية وفعاليتها، الجوانب الأخرى المرتبطة بمعالجة أسبابها، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق استراتيجية جديدة، تعطي أولوية خاصة للأسرة باعتبارها رافعة للتنمية الاجتماعية الدامجة والمستدامة، وتكرس بعد المساواة في جميع السياسات والبرامج.
وأضافت في كلمتها خلال افتتاح أشغال اللقاء التواصلي لتقديم نتائج الدراسة التشخيصية حول زواج القاصر، المنظم، على مدى يومين، بمبادرة من رئاسة النيابة العامة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، أن الأسرة، باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع، تعد رافعة للوقاية من المخاطر الاجتماعية، ومدخلاً لتحقيق الدولة الاجتماعية وتحسين الاستهداف.
ويأتي هذا اللقاء التواصلي في إطار مساعي رئاسة النيابة العامة للإسهام في الحد من زواج القاصرات بالتعاون مع منظمة (اليونيسيف)، وتفعيلاً لاستراتيجية رئاسة النيابة العامة لتعزيز حماية حقوق المرأة والطفل، وتزامناً مع الأيام الدولية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، والتي تلي اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء الموافق ليوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر.