دراسة مغربية حديثة ترصد أثار زلزال الحوز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء

لازالت المغربيات المتضررات جراء زلزال الحوز تعانين من تداعيات الكارثة، فبعد مرور سنة على حدوثه لا زالت النساء يعشن في الخيام ويجدن صعوبة في الولوج للخدمات الصحية.

حنان حارت

المغرب ـ قدمت جمعية فدرالية رابطة حقوق النساء، أمس الخميس الثالث من تشرين الثاني/أكتوبر، في لقاء صحفي نظم في العاصمة الرباط بالمغرب، دراسة حديثة تحمل عنوان "آثار الزلزال على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء في المناطق المتضررة".

أفرجت فدرالية رابطة حقوق النساء عن نتائج دراسة ميدانية تمحورت حول أوضاع النساء خلال كارثة الزلزال، بعد مرور عام على الزلزال، الذي ضرب إقليم الحوز في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، والذي تسبب بالعديد من الخسائر المادية وآلاف الأرواح.

واعتمدت نتائج الدراسة على مقابلات مع الناجيات، حيث ظهرت بأنه لم تكن لهن القدرة على تلبية حاجياتهن الشخصية خلال الساعات والأيام الأولى للأزمة، والذي كان له أثر عميق على الحالة البدنية والنفسية الخاصة بالمرأة، مشيرةً إلى أنهن بقين فترات طويلة تتراوح أيام وأسابيع كاملة بعدم وجود مرافق مناسبة للنظافة الشخصية في الفترة الأولى من الزلزال.

وأبرزت الدراسة أن انهيار المنازل جراء الزلزال أثر أيضاً بشكل كبير على حياة النساء اليومية، خاصةً في علاقتهن بمجال الطهي، مشيرةً إلى أن فقدان المنزل لايعد فقط فقدانا للمأوى، وإنما يمثل النساء هذه المناطق اختفاء مكان مركزي في حياتهن، خاصةً المطبخ، الذي يعتبرنه فضاء لممارسة السلطة النسائية، والحفاظ على التقاليد العائلية.

وذكرت الدراسة بأن الزلزال دمر "الخازن" وهو نظام منتشر لدى الأسر "الأمازيغية" في أعالي الجبال، إذ يتم فيه تخزين الطعام والمونة، وقد أثر ذلك بشكل عميق على النساء، لكونه لم تعد لهن القدرة على إدارة مواردهن المعيشية وضمان الأمن الغذائي لأسرهن.

وأكدت أن "الخازن" كان بمثابة رمز للتبصر والإدارة الفعالة للموارد والاعتماد على الذات، فيما تأثرت النساء كذلك بفقدان الأثاث المنزلي، لأن كل قطعة في المنزل تمثل لهن ذكريات، تمنحهن الانتماء للمكان وتمثل لهن الراحة والحميمية والشعور والإرتباط ببيوتهن.

وتحدثت عن وضع الفتيات والنساء اللواتي يعشن مع أسرهن، خاصة مع الآباء والأزواج والأقارب، لافتةً إلى أن وضعهن كان مطمئناً نوعا ما، في حين أن الوضع كان مغايراً لدى النساء اللواتي يجدن أنفسهن وحيدات بعد فقدانهن لأسرهن جراء الزلزال، إذ تركن من دون دعم أسري، خاصة الأرامل والمطلقات والعازبات.

وأظهرت الدراسة أن ظروف الفتيات والنساء في المناطق المرتبطة بأماكن التعليم والتكوين والصحة كان متباينةً، إذ أن النساء القريبات من المرافق الصحية والتعليمية كان وضعهن مريحاً، مقارنة مع اللواتي تعشن في مناطق نائية، لافتةً إلى أن نسب الهدر المدرسي مقلقة "المرأة تعيش أمام تهديد واضح في التعليم والتكوين وممارسة النشاطات الاقتصادية، خاصةً في المناطق المتضررة من الزلزال وتعيش النساء على وقع وضع تراكمي منذ جائحة كورونا، مما أثر بشكل عميق على ولوجهن إلى المدرسة".

أما فيما يتعلق بالرعاية الصحية، أظهرت الدراسة وجود تباين كبير بين المناطق المنكوبة، إذ مازال الحصول على الخدمات الصحية يشكل تحدياً كبيراً، حيث لا تزال النساء تضطررن للتنقل إلى المناطق الحضرية للعلاج، مشيرةً إلى أن التفكير في طريقة الولوج إلى الخدمات الصحية في ظل وضع الخيام يخلق شعوراً دائماً بعدم الأمان.

وأفادت الدراسة أن العيش داخل الخيام بالنسبة لنساء المناطق المتضررة يشكل تهديداً حقيقياً لصحتهن وصحة جميع السكان البدنية والعقلية، خاصةً بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً، مثل كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة.

وتعليقاً على نتائج الدراسة، قالت المحامية وعضوة فيدرالية رابطة حقوق النساء فتيحة اشتاتو، إنه كلما كانت هناك أزمات فإن الضحايا الأوائل هن النساء، لأنهن قريبات من الطبيعة ومن جميع الأمور التي لها علاقة بالأسرة والبيت، مؤكدةً أن على أن من بين ملتمسات الفيدرالية هو الابراز العرضاني لمقاربة النوع "عندما تكون هناك إصلاحات واهتمامات لحل أزمات المجتمع لابد من الأخذ بعين الإعتبار تأثيرها على النساء، لأنهن الضحايا الأكبر".

وأشارت إلى أن زلزال الحوز خلف مجموعة من الآثار النفسية والجسدية للسكان، كما مس بممتلكاتهم وضاعت العديد من الأمور التي لها ارتباط وثيق ومعنوي بالإنسان بشكل عام وبالمرأة بشكل خاص على اعتبار أنها الأقرب.

وأوضحت أن فيدرالية رابط حقوق النساء تهتم بوضعية المغربيات ومقاربة النوع في كل الحالات والأزمات، لافتةً إلى أنه حان الوقت في ظل الدستور المغربي وفي إطار الفصل 19 الذي ينص على المساواة الكاملة بين الجنسين، أن يتم نفعيل المساواة على أرض الواقع في جميع الحقوق الاقتصادية والثقافية والمدنية وغيرها من الحقوق.

وشددت على ضرورة ملاءمة الدستور، والاهتمام بالنوع الاجتماعي "المرأة هي نصف المجتمع، والمجتمع لا يمكن أن يسير برجل واحدة، وإنما برجاله ونسائه حتى تتحقق الرفاهية للجنسين في مغرب نسعى فيه إلى نموذج تنموي تتحقق فيه التنمية، هذه الأخيرة التي لن تتحقق إلا بإشراك الرجال والنساء.

 

 

ومن جانبها قالت الناشطة الحقوقية عضو فيدرالية رابط حقوق النساء بجهة درعة تافيلالت أمينة آيت عبد الرحمن، إن فيدرالية رابطة حقوق النساء، أفسحت المجال خلال هذا اللقاء للنساء الأكثر تضرراً من تداعيات زلزال الحوز للتعبير عن معاناتهن.

وتحدثث عن الرعب الذي عاشته خلال لحظات حدوث الزلزال لكونها من سكان المنطقة التي ضربها الزلزال "المعاناة كانت أليمة ولا يمكن وصفها، كان من الممكن أن أكون أنا أيضاً رفقة أبنائي وعائلتي في عداد الأموات، لكننا نجونا"، لافتةً إلى أن النساء بالمنطقة هن الأكثر تضرراً، وذلك لأن الرجال يهاجرون إلى المدن في حين تبقى النساء لوحدهن في القرى تواجهن مصيرهن برفقة أبنائهن.

وأوضحت أنهن تعشن هشاشة اقتصادية واجتماعية، وأن حدوث الزلزال زاد وضعية النساء تأزماً، مبينةً أن البنية التحتية للقرى متهالكة بفعل وعورة الطرق وهو ما يجعل تنقل النساء امراً صعباً، مشيرةُ إلى أن النساء في هذه المناطق تعشن بأساليب تقليدية بسيطة، مما كان له تأثير قوي على الحالة الاقتصادية لهؤلاء النساء، فيما زاد الزلزال من معاناتهن.