دراسات العنف الجنسي والختان: هناك تطبيع مجتمعي مع الجرائم وغالبيته يجهلون آليات الردع القانوني

حالة من التطبيع المجتمعي مع عدد من الجرائم التي ترتكب عمداً ومنها تشويه الأعضاء التناسلية للإناث "الختان" وتزويج القاصرات

أسماء فتحي

القاهرة ـ حالة من التطبيع المجتمعي مع عدد من الجرائم التي ترتكب عمداً ومنها تشويه الأعضاء التناسلية للإناث "الختان" وتزويج القاصرات، وهو الأمر الذي يقف عائقاً أمام المحاولات الدؤوبة التي يقوم بها المجتمع المدني والمنظمات النسوية على وجه الخصوص وكأنهم يحفرون في الصخر للحد من تلك الجرائم.

خلال اللقاء الذي عقدته منصة "الحب ثقافة"، تم عرض مجموعة من الدراسات التي أقامها مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، وواحدة منها كانت حول العنف الجنسي والأخرى لم تنشر بعد عن الختان، وجاءت الأرقام لتصدم الجميع وتعبر عن غياب الوعي، وبُعد قطاع كبير من المجتمع عن الإجراءات التي تتم لمواجهة تلك الظواهر، كما أنها تكشف إلى حد كبير عن حالة الخلل والتعقيد التي فرضها المجتمع على العقول بقوانينه الخاصة المعادية للنساء.

 

دراسة حول العنف الجنسي

قالت استشاري الصحة النفسية والإنجابية بمركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، الدكتورة راندة فخر الدين أن هناك نحو 85% من النساء المتزوجات تعرضوا لتشويه الأعضاء التناسلية وفق المسح الصحي الديموغرافي في 2015، ونحو 29% من نفس الفئة ومن سبق لهن الزواج تعرضوا لأحد أشكال العنف على يد أزواجهن وفق التعداد المصري في عام 2017.

وأضافت أن 4% من الفتيات في سن الـ 15 ولـ 17 عام، و 11% في سن الـ 15 ولـ 19 عام متزوجات حالياً أو سبق لهن الزواج، مؤكدة أن أكثر من 90% من النساء في مصر يتعرضون للتحرش الجنسي في أماكن مختلفة.

وأكدت راندة فخر الدين، أن هذا الوضع الصادم دفعهم بالتعاون مع "الحب ثقافة" للعمل على دراسة حول العنف الجنسي في مصر في آب/أغسطس 2020، استهدفت نحو 5534 امرأة في أماكن مختلفة بنحو 27 محافظة، وتنوعت الفئات المشاركة فنحو 52.9% منهم تتراوح أعمارهم بين 18 و23 عام، و11.7% في المرحلة العمرية من 30 إلى35 عام، وأغلبهم حاصين على التعليم.

وعما أسفرت عنه تلك الدراسة فقد أكد 73% من المشاركات أن شكل الاعتداء الواقع عليهن تمثل في التحرش الجسدي، 31% منهم تعرضوا للاستمناء الأمامي دون رغبة منهم ونحو 2% تعرضوا للاغتصاب، ونحو 57% من المشاركات لم يبلغوا أسرتهم عما تعرضن له من اعتداء، و95% منهم لم يبلغوا عن هذا الاعتداء لأي جهة.

وأكدت الدكتورة راندة فخر الدين، أن أحد الملاحظات في تلك الدراسة أن نحو 93% من المشاركات لا يعلمون بوجود وحدة مناهضة العنف الواقع على النساء بالجامعات المصرية.

 

"تضمين الثقافة الجنسية في المناهج"

وتم وضع مجموعة من التوصيات في الدراسة جاء في مقدمتها ضرورة وضع محتوى مناسب للثقافة الجنسية في المناهج الدراسية فضلاً عن تضمينها لمفهوم العنف والنتائج المترتبة عليه، وإفساح المجال أمام منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية لتنفيذ مشروعات وأنشطة مناهضة للاعتداء والتحرش الجنسي. الإسراع في إقرار قانون موحد لمواجهة العنف، وإنشاء وحدات مستقلة داخل أقسام الشرطة لاستقبال بلاغات العنف والتحقيق فيها.

ويعد تأهيل العاملين بالمؤسسات التي لها صلة باستقبال الضحايا أو الناجين من الاعتداءات الجنسية واحدة من توصيات الدراسة، وكذلك العمل على إنشاء دوائر مستقلة في المحاكم الابتدائية تختص بالنظر في قضايا العنف، مع التوسع في إطلاق الحملات والمبادرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وكذلك التوسع في الإعلان والدعاية الهادفة للتوعية بوجود قانون خاص بالتحرش الجنسي.

كما تطرقت تلك التوصيات التي استعرضتها الدكتورة راندة فخر الدين، إلى ضرورة زيادة عدد الحملات الإعلانية التي توضح للنساء آليات الإبلاغ وكذلك سبل حمايتهم من الاعتداءات الجنسية، وتطوير رسائل إعلامية تناهض القبول المجتمعي لظاهرة الاعتداء الجنسي في مصر.

وإقرار مشروع قانون لحماية البيانات الشخصية للمجنى عليهن والشهود في قضايا الاعتداء الجنسي، كان واحد من أبرز التوصيات التي تطرقت لها الدراسة المقامة بالتعاون مع "الحب ثقافة"، وكذلك التوسع في البحوث التي تعتمد على أساليب مختلفة في جمع البيانات.

 

دراسة استقصائية

أكدت الدكتورة راندة فخر الدين أن مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي قد قام بإعداد دراسة استقصائية على الطلبة في كليات الطب بعدد من الجامعات للتعرف على وعيهم بقضية الختان ووجدوا أن أكثر من 80% من الطلاب الذين شاركوا في البحث لا يعلمون شيء عن نسب الختان في مصر، ومنهم من أكد أن عملية الختان تكون آمنة في حال قيام طبيب بها ويقدر عددهم بنحو 77.5%.

وأضافت الدكتورة راندة فخر الدين، أن 30% من المشاركين في الدراسة فقط قالوا أن عملية الختان مضرة بالفتيات، ونحو 40% منهم لم يسمعوا عن قانون تجريم ختان الإناث و64% من الطلبة لا يعرفون طرق الإبلاغ عن ختان الإناث.

واعتبرت الدكتورة راندة فخر الدين، أن تلك الدراسة مقلقة وصادمة إلى حد كبير فهذا هو مستوى وعي طلاب كلية الطب الذين سيخرجون فيما بعد وبعضهم قد يتجه لتختين الإناث بسبب حدود وعيهم المتدني بالقضية، مؤكدة أن نحو 82% من عمليات الختان تتم على يد الممارس الطبي.

استعرضت الدكتورة راندة فخر الدين تفاصيل دراسة تم إعدادها ولم تنشر حتى الآن باللغة الانجليزية ثبت خلالها أن نسبة ختان الإناث في مصر تقدر بنحو 86.3%.

ورصدت الدراسة أيضاً أن هناك 44.7% من المشاركين موافقين على إجراء جريمة الختان لأطفالهم، وأن نحو 33% أكدوا أن الختان لا يؤثر على الاستجابة الجنسية للمرأة بينما يرى نحو 31% من المشاركين أنها مؤثرة، ونحو 35.8% لا علم لهم بذلك.

أما عن الاستمتاع الجنسي للنساء وتأثره بعملية الختان فنحو 38.9% أكدوا أنها لا تؤثر بينما يرى 23.6% أنها مؤثرة ونحو 37.6% منهم لا يعلمون أن كانت مؤثرة أم لا.

وأضافت الدكتورة راندة فخر الدين أن هناك مجموعة من النتائج الصادمة أيضاً في تلك الدراسة فهناك نحو 47.5% أكدوا أنهم سيقومون بتختين بناتهم في المستقبل، معتبرة أن للرجل وفق الاحصائيات دور مهم في هذه الجريمة وبنسبة كبيرة هو صاحب القرار لذلك فالعمل على هذه الفئة من رجال وشباب ضروري في مواجهة تلك الجريمة المنتشرة والتي لا يتم التبليغ عنها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها.

وتوصلت الدراسة الحديثة الصادرة عن مركز تدوين والجاري الاستعداد لنشرها، أن هناك نحو 68% من المشاركين لا يعلمون شيئاً عن القانون الخاص بتجريم الختان أو التغليظ الأخير له وهو الأمر الذي قد يكون له تأثير كبير في استمرار تلك الجريمة بلا توقف حتى الآن.