ضحايا وعالقون تحت الأنقاض... لحظات عصيبة يعيشها أهالي إدلب جراء الزلزال

تفاقم الوضع الإنساني في إدلب بشكل كبير بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، حيث بات هناك الآلاف من العائلات بلا مأوى في ظل البرد القارس والعواصف الثلجية والمطرية.

هديل العمر

إدلب ـ استفاق أهالي إدلب على وقع زلزال مدمر بقوة 7.7 فجر الاثنين 6 شباط/فبراير، مخلفاً حتى الآن الآلاف من الضحايا والإصابات ودماراً كبيراً في البنى التحتية.

بدموع تغطي وجهها الحزين وصدمة ذعر ماتزال واضحة على ملامحها، روت نسرين الفطراوي 29 عاماً ما جرى معها من أحداث لحظة وقوع الزلزال المدمر، وقالت لوكالتنا "كنت مع عائلتي المؤلفة من ثلاثة أبناء وزوجي مستغرقين في نوم عميق قبل أن يقطع غفوتنا ارتجاج الأرض العنيف من تحتنا، لحظات تحبس الأنفاس، الموت يحيط بنا من كل جانب، سواد الليل حالك وصوت اهتزاز البناء وصرخات الجيران هي سيدة الموقف".

وأضافت "نحن نقطن في الطابق الرابع والأخير في البناء، والذي راح يتأرجح بشكل مخيف، خرجت مع عائلتي حفاة الأقدام نبحث عن النجاة بأرواحنا قبل أن ينهار البناء بمن فيه فوق رؤوسنا، حين وصلنا الشارع المقابل للبناء شعرت بأننا نجونا، البناء تصدع بشكل كبير وأصبح آيلا للسقوط في أي لحظة، ورغم المطر الغزير والبرد القارس وسواد الليل في الخارج شعرنا براحة اجتياز مخالب الموت، وانضممنا لجموع الناس ممن تجمهروا في الطرقات والشوارع باحثين عن مكان يذهبون إليه".

لجأت عائلة نسرين الفطراوي إلى أقاربهم في المخيمات القريبة من مكان إقامتهم في مدينة الدانا شمال إدلب كحل مؤقت دون أن يعلموا حتى الآن أين يمكن أن يستقروا وإن كان ما يزال هناك مكان آمن وخاصة بعد الهزات الارتدادية التي تلت الزلزال ومازالت مستمرة.

ورغم أن مناطق إدلب اعتادت "الكوارث والحروب والنزوح والفجائع" على مدى سنوات، إلا أن تلك الكارثة التي حّلت عليها فجر الاثنين كان لها وقع مختلف، وتوسّعت دائرة البؤس لتشمل الجميع، حتى أولئك الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أحسن حالاً ممن يقيمون في المخيمات، أولئك القاطنين بين جدران اسمنتية سرعان ما حولها الزلزال إلى مدافن لهم ولعوائلهم.

نبرة القهر سيطرت على صوت كريمة الجندي (32) عاماً والتي فقدت جميع أفراد عائلتها في مدينة سرمدا شمال إدلب جراء الزلزال الذي حول منازلهم وشققهم إلى أنقاض قضوا تحتها دون أن يتمكنوا من إخراجهم حتى الآن.

تعيش كريمة الجندي مع عائلتها المؤلفة من زوجها وخمسة أبناء في مخيمات سرمدا العشوائية، وأنقذها إقامتها في خيمة قماشية من تداعيات الزلزال المدمر الذي ساهم في انهيار مئات المباني، ومنها المبنى الذي يعيش فيه أهلها "لم يبقى لي أحد، قتل الجميع دفعة واحدة، بعد أن حول الزلزال البناء الذي تقيم فيه والدتي وعوائل إخوتي إلى ركام، أكثر من 20 شخصاً قتلوا".

حال كريمة الجندي ونسرين الفطراوي يشبه حال آلاف الأسر الذين واجهوا ظروفاً "لا يمكن وصفها"، بعد أن استوت بيوت بأكملها مع الأرض، عوائل مشردة في الشوارع لا تعرف إلى أين تتجه، أطفال مازالوا تحت الأنقاض، منهم من توفي ومنهم من يصارع الموت بانتظار من يجدهم وينقذ حياتهم، بينما يصرخ ذويهم العاجزين عن فعل أي شيء عبر مناشدة العالم أمام الكاميرات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي للوقوف معهم ومساندتهم.

رؤى الشيخ عثمان 35 عاماً وهي ناشطة مدنية قالت إن الفرق الإنسانية تعمل بأقصى الطاقة لانتشال العالقين تحت الأنقاض، والعدد مرشح للارتفاع لوجود مئات العوائل تحت الأنقاض وسط صعوبات كبيرة تواجهها تلك الفرق في إخراجهم.

وأكدت أن أكثر من 4.8 مليون شخص يعيش في الشمال السوري في الوقت الحالي وسط البرد والخوف، يحتاجون للدعم الدولي وتكاتف المنظمات الإنسانية في أسرع وقت ممكن.

وأوضحت أن "الصعوبات كبيرة والحاجة ملحة لمعدات ثقيلة للإنقاذ، بسبب التوزع الجغرافي الواسع للأبنية المنهارة التي يزيد عددها عن 133 مبنى منهار بشكل كامل و272 بشكل جزئي وآلاف المباني التي تصدعت".