بمساهمة 22 امرأة مغربيات تصدرن كتاب جماعي بنصوص سردية عن حياتهن

لسرد قصصهن وتصوير واقعهن تمكنت مغربيات من إصدار كتاب جماعي بعنوان "الباب الأزرق" تضمن نصوصاً تعبر عن مشاعر وأفكار وتصورات حول الحياة والواقع.

رجاء خيرات

المغرب ـ نظمت مؤسسة "دار بلارج" للثقافة والتراث بمراكش أمس الأحد 3 تشرين الثاني/نوفمبر لقاءاً قدمت خلاله الأمهات الموهوبات كتابهن الجماعي الذي حمل عنوان "الباب الأزرق" عن منشورات دار الفنك، وهو مؤلف جماعي ساهمت فيه 22 امرأة هن ربات بيوت بنصوص سردية.

في تجربة متفردة استطاعت نساء وربات البيوت أن تسردن قصصهن وتصورن واقعهن من خلال نصوص تضمنها كتاب جماعي بعنوان "الباب الأزرق" وهو كتاب لم يكن ليرى النور لولا انخراط مجموعة من الناشطات في الحقل الثقافي والاجتماعي، في تأطير ورشة للكتابة لفائدة 22 امرأة، أسفرت عن إصدار كتاب جماعي يتضمن نصوصاً تعبر عن مشاعر وأفكار وتصورات حول الحياة والواقع.

وأكدت الأمهات الكاتبات أن هذه النصوص التي كتبنها في مؤلفهن الجماعي شكلت فسحة مكنتهن من البوح بمشاعرهن وأفكارهن بمساعدة الناشطة ومنسقة المشروع جميلة حسون وكذلك الكاتبة الإيطالية باتريسيا ريغوني والكاتبتين والناشطتين سعاد بوخريس وليلى إيدار.

وقالت الناشطة ومنسقة المشروع جميلة حسون، يعد هذا الكتاب ثمرة جهد وعمل برفقة الأمهات الموهوبات، اللواتي أظهرن استعداداً كبيراً للتعبير بواسطة الكتابة، في وقت لم يكن ممكنا التفكير في كتابة نصوص بهذه الجودة.

ولفتت إلى أنها طيلة الورشات التي كانت تحضرها برفقة الباحثة والكاتبة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي في وقت سابق، كانت هذه الأخيرة تخبرها بأن كل شخص بإمكانه أن يكتب لو أتيحت له الفرصة لذلك، وهو ما كانت تستغربه، إلى أن حضرت ورشة الكتابة التي انخرطت فيها الأمهات الموهوبات لتقتنع أخيراً أن النساء لديهن الكثير مما يمكن أن تدون من خلاله نصوص سردية، فالنساء روائيات بطبعهن، لكن كان ينبغي أن يتحول المحكي إلى مكتوب حتى يكون بطاقة عبور نحو عالم الكتابة الشاسع، لأن النص هو ما يبقى بينما الحكاية قد تضيع.

وأكدت أن الكاتبة الإيطالية باتريسيا ريغوني لها تجربة في تأطير ورشات الكتابة مع نساء لم يسبق لهن أن خضن تجربة الكتابة، حيث أنها كانت تعطيهن نصوصاً ليقرأنها بعد ترجمتها للعربية، ثم بالمواكبة والتشجيع والإنصات تكتبن بعدها نصوصهن الخاصة "تفاجأنا بالفعل بأنه بيننا نساء مبدعات، ولديهن القدرة على التعبير بنصوص قوية مفعمة بالمشاعر الصادقة والتفاصيل الدقيقة".

ونوهت إلى أن التجربة التي خاضتها الأمهات الموهوبات من خلال تأليف هذا الكتاب تبقى متفردة، وأن اللحظات التي جمعتها بالأمهات كانت مفعمة بالمشاعر والانفعالات "كنت أرى دموعهن وهن تحكين وتروين ما يدور في خلدهن على الورق، لقد كانت بالفعل تجربة متميزة، ولكون الأمهات تفتخرن دائماً بأبنائهن وهم يحققون النجاحات، ينبغي هذه المرة أن يفتخر الأبناء بأمهاتهم، لأنهن بالفعل مصدر فخر واعتزاز، ونحن مطالبون بالاعتزاز بتجربتهن ونحتفي بهن لأنهن بطلات".

واختتمت حديثها بالقول إن إخراج كتاب جماعي من خلال ورشة للكتابة لفائدة النساء هو الأول من نوعه بالنسبة لها، فهي التي اعتادت أن تنظم ورشات للكتابة وقوافل للكتاب، لكنه لن يكون الأخير، حيث تعتزم تشجيع نساء أخريات عبر ورشات الكاتبة التي تؤطرها لكتابة نصوصهن الخاصة وتجميعها في كتاب.

 

 

وبدورها قالت نجية كرموش إحدى الأمهات المشاركات في اللقاء عن تجربتها "التحقت منذ سنوات بمؤسسة دار بلاج كواحدة من الأمهات الموهوبات، وقد سبق واستفدنا من عدة ورشات مثل ورشة المسرح والحكاية وغيرهما، أما بشأن الورشة الأخيرة حول الكتابة التي استفدنا فيها مع الكاتبات فقد كانت تجربة رائعة، حيث استطعنا التعبير عن مشاعرنا من خلال النصوص التي كتبناها".

وأضافت أن تجربة الكتابة بالنسبة لها ليست الأولى من نوعها، فقد سبق وأن استفادت من ورشة في الكتابة المسرحية، حيث شكلت لها تجربة خاصة استطاعت أن تعبر من خلالها عن أفكارها وتحرر الكثير من الجوانب الخفية في شخصيتها.

وعن اختيار موضوع الكتابة، أشارت إلى أنها عاشت ظروفاً قاسية بعد وفاة زوجها واضطرت للخروج للعمل من أجل إعالة طفليها، وأن هذه التجربة كان لا بد لها أن تصوغها لنص لتعبر من خلالها عما عاشته من ظروف صعبة، واليوم بعد أن كبر ابنها وابنتها وتزوجا وأصبحت لهما حياتهما المستقلة، حان الوقت لتتفرغ لنفسها وتحلم بمشاريعها، ومن ضمنها الانخراط في ورشات مؤسسة دار بلارج التي تعتز بالانضمام لها".

 

 

بدورها اعتبرت أمينة الشناق إحدى المستفيدات من ورشة الكتابة، أن هذه التجربة التي عاشتها رفقة الأمهات الموهوبات مصدر فخر بالنسبة لها "لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن أخوض تجربة مماثلة وأكتب فصولاً من حياتي، بعضها أليم والبعض الآخر مفرح، إنها مزيج من المشاعر المتناقضة والحقيقية، فبفضل مساعدة المؤطرات استطعنا أن نسلط الضوء على أماكن مظلمة من شخصياتنا ونعبر عن ذواتنا، تارة بالدموع وتارة بالفرح".

وأوضحت أن "انخراطها في مؤسسة دار بلارج منذ عام 2016 فتح أمامها آفاقاً وفضاءات لم تكن تظن أنها ستقتحمها يوماً، هي التي بالكاد تستطيع القراءة والكتابة، ها قد تمكنت من كتابة نصوص سردية تحكي من خلالها فصولاً مظلمة من حياتها وتعبر عن مشاعر لم تكن تظن أن بإمكانها أن تعبر عنها بالطريقة التي كتبت بها".

ولتحقيق أهداف الورشة وإخراج الكتاب إلى الوجود، أكدت مؤطرات الورشة أن "الأمهات كن تكتبن نصوصاً في المسودة، ثم تقرأنها من جديد وتصححن ما كتبنه وتعدن الصياغة إلى أن وصلن لنصوص نهائية كن راضيات عنها وترين أنها تستحق أن تنشر وتقرأ".