بالرغم من مرور أربعة عقود... لا تزال نساء قارنا تتذكرن الإبادة الجماعية

في ذكرى الإبادة الجماعية بحق الكرد في قرية قارنا، تقول نساء مدينة نقده بشرق كردستان إن قوات الأمن الإيرانية "قتلت طفلاً في المهد خوفاً من أن يكبر هذا الطفل الصغير وينتقم للكرد".

لارا جوهري

نقده ـ بعد حرب نقده وتهجير الكرد المقيمين فيها أواخر نيسان/أبريل 1979، حدثت جريمة أخرى في تلك المنطقة بفترة زمنية قصيرة، أي في الثاني من أيلول/سبتمبر من العام ذاته، شهدت مدن شرق كردستان واحدة من أكثر الأحداث مأساوية في تاريخها بعد 14 يوماً من تصريحات الخميني بمهاجمة المنطقة من قبل السلطات الإيرانية ولجنة ثورة أورمية بقيادة ملا حسني إمام مدينة نقده بشرق كردستان.

تعرضت قرية قارنا، التي تقع على بعد 7 كيلومتر من مدينة نقده وعلى طريق نقده ـ بيرانشار، لهجوم وحشي من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني ظهر يوم الأحد الثاني من أيلول/سبتمبر عام 1979.

في مثل هذا اليوم، قُتل 68 كردياً بأبشع الطرق، غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، واستمرت هذه الإبادة الجماعية حوالي ثلاث ساعات، ومن ثم قامت قوات ملا حسني بنهب القرية بأكملها ثم أضرمت النيران فيها، كما نقلت العديد من الجثث إلى الجبال المحيطة بالمدينة لإظهار أن هؤلاء الأشخاص قُتلوا في معركة.

ويعتبر البعض أن الإبادة الجماعية للشعب الكردي هي إحدى المخططات الرئيسية للحكومة الإيرانية لخلق التفرقة والعداء بين الكرد والترك في المنطقة من أجل قمع مطالبة الكرد بالحقوق والاستقلال من جهة، ومن جهة أخرى، قمع المطالب السياسية والمعيشية للعمال والمحتجين والمثقفين في أذربيجان وشرق كردستان.

رفض أهالي قارنا الذهاب إلى مدينة نقده وحتى القيام بالمشتريات الأساسية من هذه المدينة بعد الحرب التي اندلعت فيها، وكان قد كتب عظيم معبودي، أحد قادة قوات دفاع نقده ورئيس اللجنة المؤقتة للمدينة، رسالة إلى أهل القرية في الأول من أيلول/سبتمبر 1979، طلب من الأهالي أن يذهبوا إلى المدينة ويتجولوا فيها كما في السابق.

وجاء في الرسالة ما يلي "بعد السلام، أطلب منكم أن تذهبوا وتتجولوا في المدينة، وأي شخص يتعرض لكم ويسبب لكم الإزعاج، فليرجع فوراً إلي لاعتقل ذلك الشخص باسم الثورة المضادة وأسلمه إلى السلطات".

وبعد كتابة هذه الرسالة، في اليوم التالي، هاجمت قوات الأمن الإيرانية قرية قارنا بالمدافع والدبابات والمناجل والبنادق بحجة الانتقام من الكرد ومقتل عدة جنود في الأيام السابقة.

وعن هذا الهجوم، قالت فاطمة. ك "لقد هاجموا قرية قارنا حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، وكانوا يحملون البنادق والسلاح الأبيض والمناجل لقتل الأهالي، ولم يسلم أحداً من الأهالي. أخذوا طفلاً من المهد وقتلوه، وعندما سألوهم لماذا قتلوا هذا الطفل الصغير؟، قالوا إن هذا الطفل الكردي سيكبر وسينتقم. لقد سحقوا رأس طفل آخر على الأرض بأحذيتهم العسكرية. لقد قتلوا الجميع وكأنه يوم القيامة".

بدورها قالت زليخة. م، إحدى سكان القرية "ما زلت أشعر بالخوف من ذلك اليوم. كنت طفلة آنذاك ولم أكن أعرف الكثير عن تيارات الحرب في نقده والخلافات التي جعلتنا أقل أماناً. كنا نتناول الغداء عندما هاجمونا، وأخذتنا والدتي جميعاً وهربنا مع جارتنا وأطفالها، وقالوا إن إمام القرية (محمود بهترزاده) ذهب للقاء القوات لمنع الحرب وإبادة المواطنين، لكنهم أطلقوا النار عليه. وبصعوبة وخوف، كنا نهرب نحن النساء والأطفال، وبقينا في جبل بوداخ حتى يهدأ الوضع".

وبعد إبادة أهالي قارنا، قام البعض بالتحقيق في أسباب وأحداث هذه الجريمة لمنع نشوب حرب بين الكرد والترك في المنطقة، وأخيراً، أجبرت بشاعة الحادثة الخميني على قبولها والتحقيق فيها.

ونشرت صحيفة "المعلومات" تقرير مهدي بهادران مبعوث الخميني، وقد ورد في هذا التقرير تيارات فاشية ومعادية للكرد، لكنهم نسبوها إلى جهاز المخابرات "السافاك"، وقالوا أنهم لا يمكنهم أخذ الإجراءات بحقهم.

وعدم معاقبة مرتكبي الإبادة الجماعية في قرية قارنا مهد الطريق لقتل الكرد في المنطقة، فقد حدثت مجازر أخرى في 14 قرية بين عامي (1979 ـ 1983).