باحثات وحقوقيات: الأوضاع الاقتصادية تسببت في تراجع حقوق النساء

يعد العنف الاقتصادي أحد أهم الانتهاكات التي تكبل النساء في الفترة الأخيرة، وباتت الكثيرات منهن تعانين من آثاره النفسية التي تجاوزت حد الاحتمال وحالت دون قدرتهن على مواصلة الحياة والتقدم فيما يتطلعن لتحقيقه.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت حقوقيات وباحثات في القضايا المتعلقة بالنساء، على أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة كانت ضاغطة إلى حد كبير على النساء، وهو ما ترتب عليه تراجع في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ما دفعهن لطرح عدد من الأدوات التي يمكنها تقليل العبء الواقع على النساء للتغلب على الأزمة الاقتصادية والقضاء على العنف.

عقدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية أمس الأربعاء 30 تشرين الأول/أكتوبر، مائدة حوارية في القاهرة، تحت عنوان "العنف الاقتصادي وأبعاده النفسية على النساء"، في حضور لفيف من المعنيين بالملف.

وتطرق الحضور لإشكالية دفع النساء تكلفة الأزمة الاقتصادية الراهنة وتحملهن أعباء ما يحدث من ارتفاع الأسعار وتضخم، بل وما يحمله المجتمع لهن ثقافياً من أعباء تجعلهن المسؤولات عن الاستقرار المالي للأسرة.

وشاركوا أفكارهم حول معاناة النساء المركبة وما يتحملنه من ضغوط، وكذلك ما يقدمنه من تنازلات نتيجة احتياجهن للعمل، بالإضافة إلى فجوة الأجور وما ترتب عليها من تمييز وعنف يمارس عليهن فقط لكونهن نساء في بيئة العمل.

 

الأوضاع الاقتصادية السيئة تؤدي لتراجع حقوق النساء

وعلى هامش المائدة الحوارية قالت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية عزة سليمان، إن الأوضاع الاقتصادية الراهنة كانت ضاغطة إلى حد كبير على النساء، وهو ما ترتب عليه تراجع في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، مشيرةً إلى أنهم من خلال المائدة الحوارية حاولوا فهم الإشكالية القائمة وتأثيرها على النساء حتى تستطيع المؤسسات الأهلية ومنها قضايا المرأة المصرية وضع تصورات وأفكار للمساعدة.

وأوضحت الباحثة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية سلمى حسين، أن الأزمات الاقتصادية عادةً ما تدفع النساء فاتورة مختلفة منها، نجد عدد من الأسر يخرجون الفتيات من التعليم بنسبة أكبر من الذكور حال احتياجهم لتقليص النفقات، مشيرةً إلى أن هناك عدد من الإجراءات الاقتصادية ومنها التعويم والتي تخلق قدر من التضخم وعدم المساواة.

من جانبها قالت الأخصائية الاجتماعية في مؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومنسقة مشروع مناهضة العنف ضد المرأة إيمان محمد، أن العنف الاقتصادي يلقي بظلاله على دور المرأة الأسري ويربكها بدرجة كبيرة لأنها المتهمة الأولى بالتقصير في نظر المحيطين بها، حال وجود خلل ما رغم أنها تبذل أقصى ما يمكن لتدبير الأمور المالية.

وأضافت أنها رأت الكثيرات وتحديداً عاملات المصانع يذهبن للعمل نتيجة الإعلان عن أجر محدد ومع ذلك يجدونه أقل بكثير من الأجر المعلن فقط لأنهن نساء وأن القيمة المعلنة للذكور، ويضطررن للقبول بالعمل نتيجة احتياجهن للعمل.

وأكدت على أن النساء يعانين في بيئات العمل المختلفة وذلك لأن النظرة المجتمعية لهن تستضعفهن وتجدهن الأقل، وهو ما يتسبب في هدر الكثير من حقوقهن، فعلى سبيل المثال كانت هناك مشروعات تعمل فيها النساء يدوياً وعند قيامهن ببيع منتجاتهن فوجئوا أن منتجاتهن تشترى بثمن أقل، ويتعرضن للفصال في السعر أكثر من الرجال، لكونهن بحاجة لعائد عملهن قبلن وبعن المنتجات بثمن أقل بكثير من المتوقع.

واعتبرت أن ما تعانيه المرأة من عنف اقتصادي عادةً ما يعود في أشكال أخرى فتتوتر علاقتها مع المحيطين بها، لافتةً إلى أن عدد كبير من النساء يمارسن إسقاط على أطفالهن، وكذلك يتعرضن للكثير من الأمراض منها النفسي والبدني العضوي.

 

 

وعن الآثار النفسية الواقعة على النساء بسبب العنف الاقتصادي، أوضحت الدكتورة واستاذة علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس منى أبو طيرة، أن النساء في الوظائف الهشة يتأثرن بشكل مباشر بالأزمات الاقتصادية ومنهن عاملات المنازل التي قد تقل أيام عملهن وبالتالي يقل دخلهن نتيجة ذلك.

وأشارت إلى أن النساء عليهن أعباء الرعاية، بالتالي فتدبير مسار الأسرة في ظل الأزمات المالية يقع عليهن تبعاته، فضلاً عن وجود فجوة في الأجور بين الجنسين والذي يسبب حدوث أزمة اقتصادية يجعلها الأكثر تأثراً لأن دخل الكثيرات يقع في الترتيب الأقل.

ولفتت إلى أن وصول النساء للموارد محدودة مقارنة بالرجال لكونهن الأقل في الحصول على الفرص، مضيفة أن النساء يعانين من التحيز الاجتماعي وما يترتب عليه من تمييز وعنف وغيره، كما أنهن عرضة أكثر للأمراض الجسمانية والنفسية المترتبة على الضغوط الاقتصادية.

واعتبرت أن لكل المؤشرات السابقة تأثير مباشر على الصحة النفسية للنساء كونهن يتعرضن لانخفاض الثقة بالنفس، فضلاً عن التوتر والإجهاد وكذلك الاكتئاب والقلق والتغيرات المرتبكة التي تطرأ على العلاقات وفقدان الأمل والاضطرابات التي تطرأ على الصحة العقلية والنفسية.

وشددت منى أبو طيرة، على أن الحلول الرئيسية تتطلب إجراءات وخطوات وتدخلات من الجهات المعنية، وطرحت عدد من الأدوات التي يمكنها تقليل العبء الواقع على النساء ومنها "الإدارة المالية للأزمة"، بوضع خطة إنفاق تخفف من حدة القلق، منوهة إلى أن تحديد الأولويات يعطى شعور بالتحكم في الأمر وبالتالي يمنح قدر من التوقع للاضطرابات التي تحدث، لافتةً إلى ضرورة إقامة دورات توعوية مالية وتدريبات على التعامل مع الأزمة الاقتصادية وتوابعها على الأسر.

وأكدت على أهمية التعلم والتطوير خاصةً في المسألة المالية والعنف الاقتصادي وتبعاته، معتبرة أن للدعم الاجتماعي دور هام في مساعدة النساء المعرضات للعنف الاقتصادي وتخفيف الضغوط الواقعة عليهن، فضلاً عن اكتساب عدد من تقنيات الاسترخاء وممارسة الرياضة لما لها من دور في تخفيف حدة التوتر وآثار العنف.

وحول تأثر المحاميات بالعنف الاقتصادي قالت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، وعضوة مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة صباح هاشم، أن العنف الاقتصادي تتحمل تبعاته النساء والرجال في ظل الأوضاع الراهنة وإضعاف تفنيد الفروقات التي تحدث في تأثيره على كليهما بالندوة كان غايةً في الأهمية.

وأوضحت أن النساء لديهن مسؤوليات مركبة داخل الأسرة مما تزيد من أعبائهن، كما أن هناك نساء معيلات ولديهن المسؤولية كاملة، لافتةً إلى أنه مع تدني الحالة الاقتصادية يصبح دخل النساء أساسي وقد يكون مركزي في تلبية احتياجات الأسرة.

وعن أثر ذلك على المحاميات أشارت صباح هاشم، إلى أنهن الأسوأ حظاً فتكلفة الأتعاب لا يمكن رفعها بدرجة كبيرة لوجود عزوف بالأساس في توكيل النساء بالمهنة، فضلاً عن التمييز الواضح فيما يتقاضاه الرجل مقارنة بالمرأة في المهنة.