إيران... مخاوف بشأن حقوق الإنسان في ظل تصاعد عمليات الإعدام

تطبيق إيران لعقوبة الإعدام يتجاوز المعايير المقبولة دولياً، حيث يستهدف مجموعة واسعة من الجرائم، بما في ذلك الجرائم المرتبطة بالمخدرات والجرائم السياسية ضد الناشطين والمشاركين في الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البلاد عام 2022.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ يعكس لجوء إيران إلى عمليات الإعدام أزمة عميقة في نظام ولاية الفقيه، فهذه الإجراءات لم تتمكن من إيقاف الاحتجاجات، بل أدت إلى زيادة الغضب وعدم رضا الشعب تجاه السلطات.

يصادف العاشر من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وفي هذا اليوم يتم حشد الجهود لحظر الإعدام، إلا أن هناك العديد من البلدان التي تستند قوانينها إلى الشريعة والدين، وتلجأ إلى فرض عقوبات قاسية على نطاق واسع، وإيران إحدى تلك الدول التي تلجأ إلى عمليات الإعدام، والتي تصاعدت في السنوات الأخيرة حيث استخدمتها كوسيلة للقمع، خاصة ضد النساء اللواتي طالبن بحقوقهن الأساسية من خلال المشاركة في الاحتجاجات.

ووفقاً لآخر الإحصائيات التي قدمها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بإيران ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى، فقد تم إعدام أكثر من 500 شخص في إيران منذ كانون الثاني/يناير عام 2024، من بينهم 18 امرأة وطفل شاركوا في الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البلاد في عام 2022، وتحولت إلى ثورة تحت شعار "Jin Jiyan Azadî".

بينما ذكرت لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أنها أحصت إعدام 21 امرأة منذ بداية عام 2024، وبحسب الإحصائيات العالمية فإن 75% من عمليات الإعدام في العالم عام 2023 كانت مرتبطة بإيران.

فيما يتعلق بعمليات الإعدام والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في إيران تقول الكاتبة والباحثة والخبيرة في القانون الدولي نيره أنصاري "في دول مثل إيران ذات الحكم الإسلامي، يكون الإعدام هدفاً سياسياً أكثر من الامتثال للفقه الإمامي، للحفاظ على مناصبهم. في الواقع، يعتقدون أنهم يحمون المجتمع من الخطر المحتمل للمجرم بإنهاء حياته".

وأكدت على أن عقوبة الإعدام في إيران ليست سوى أداة تدافع بها السلطات عن نفسها ضد أي نوع من الضرر الذي قد يلحق بها، مشيرةً إلى أن أحد الأدوار الرئيسية للحكومة هو السيطرة على الإدانة وتحديد العقوبة عليها بشكل خاص، في حين يتم تنفيذ عقوبة الإعدام أثناء محاكمة غير عادلة ودون الوصول إلى محامٍ "في إيران، رغم أن حرية التعبير مذكورة في الدستور، إلا أنها تخضع لشروط من بينها ألا تتعارض مع المعايير الإسلامية والشريعة، وهو ما يشوه بشكل أساسي بنية الدستور".

وعن الجرائم السياسية تقول "بما أنه لا يوجد نظام ديمقراطي في إيران التي تتبع نظام ديني أيديولوجي وسلطوي، فأي مطالبة بالحقوق من قبل المواطنين فيعتبر معارضة للنظام، وبما أن الدستور ينبع فعلاً من الفقه الإمامي، فيعتبرون أي نوع من المعارضة حرباً وعداوة لله".

وأضافت "هذا النظام هو بنفسه يحدد العقوبة ويتحكم فيها، وتنفذ تحت إشرافه، وتعتمد المؤسسة القضائية على وزارة الاستخبارات والأمن والحرس الثوري، الهيئة القيادية التي استعانت بالمادة 110 من الدستور، أسندت كل السياسات الإدارية الكلية والتنفيذية إلى شخص واحد، كل هؤلاء سلسلة يمكن أن تخلق مجرماً سياسياً ومعاقبته بناء على ذلك، وتوجه إليهم تهم لا صحة لها، ومن ثم يحكم عليهم بالإعدام، وهي طريقة لترهيب المجتمع".

وحول تاريخ فرض عقوبة الإعدام والتغيرات التي طرأت عليه تقول "لقد أدخلت الجريمة السياسية لأول مرة في القانون الجنائي الفرنسي قبل عصر النهضة، لكن فيما بعد، تم الاعتراف بحق الإنسان في حرية التعبير، لذلك بعد الثورة، تمت إزالته هذه الجريمة تدريجياً من القانون الجنائي لفرنسا ودول أوروبية أخرى".

ولفتت إلى أنه على الرغم من وجود عقوبة للجريمة السياسية في إيران، إلا أن المشرعين لم يتمكنوا من وضع تعريف واضح وهو غير مفهوم، ومن المخالف لعلم القانون الجنائي تسجيل المادة 281 من قانون العقوبات الإسلامي، المتعلقة بمختلف القضايا والجرائم، تحت عنوان الجريمة السياسية.

وأوضحت أن "المشكلة الأساسية في هيكلية الدستور فجميع القوانين واللوائح والمراسيم تستند إلى الفقه الإسلامي لذلك نرى أن هناك القصاص والرجم وتقطيع الأعضاء"، لافتةً إلى أنه هناك تمييز في فرض العقوبات بين الجنسين، فأي عقوبة تفرض على الرجل يتم تغليظها إذا كانت المرأة هي المدانة "في الحقيقة يمكن أن نقول إن الآباء أو الأزواج الذين أقدموا على قتل النساء بذريعة "الشرف" يتمتعون بحماية القانون في المقام الأول.

ولفتت إلى أن زيادة عمليات الإعدام العلنية في العامين الماضيين تم تنفيذها لإخافة المجتمع "بهذه الطريقة يريدون زرع المزيد من الخوف في قلب المجتمع والتوقف عن المطالبة بحقوقهم، في حين أن الجيل الحالي من الشباب والنساء لن يقبل بالعودة إلى الوراء"، مضيفةً "جميع عمليات الإعدام التعسفية تنبع من حقيقة أن الحكومة لا تستطيع السيطرة على المجتمع".