"أين نحن من حرية وتحرر المرأة"... واقع النساء في ندوة
تحت عنوان "أين نحن من حرية وتحرر المرأة"، نظمت مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام
كارولين بزي
بيروت ـ تحت عنوان "أين نحن من حرية وتحرر المرأة"، نظمت مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام، أمس الجمعة 11 آذار/مارس، ندوةً رقمية عبر منصة زووم، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
تخلل الندوة عرض فيديوهات عن واقع المرأة وانجازاتها في اليمن، فلسطين، سوريا، تركيا والصحراء الغربية. وتحدثت المشاركات عن واقع المرأة في دولهن وما هي الإنجازات التي حققنها وتوقعاتهن من مبادرة مناهضة الاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام.
"آلاف من الانتهاكات في اليمن وإفلات من العقاب"
وكانت البداية من اليمن، حيث تم عرض إنجازات المرأة اليمنية، وتسليط الضوء على عدد من الرائدات في مختلف المجالات منها السياسة، والحقوقية والإعلامية.
وتحدثت رئيسة مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل أنجيلا المعمري، عن أوضاع النساء في اليمن، وقالت "تدخل الحرب في اليمن عامها الثامن وهناك المزيد من الفرقة والخراب والتدمير والانتهاكات المروعة، وتعميق الصراع والشروخ الاجتماعية وبعد هذه المدة يحق لليمنيين أن يعيشوا حياة كريمة".
ولفتت إلى التقرير الجامع للتقريرين السابع والثامن وهو تقرير الظل الذي تقدمه منظمات المجتمع المدني في جلستيه 1825 و1826. وجاء في التقريرين كما ذكرت أنجيلا المعمري "أعربت اللجنة عن قلقها للأثر المدمر للمدنيين ولاسيما النساء والفتيات من جرّاء النزاع المسلح الجاري في الدولة مما يؤدي إلى انعدام الأمن الاقتصادي والاجتماعي على نطاق واسع وانتشار العديد من الأمراض والفقر والجوع المدقع والاعتماد بشكل عام على المساعدات المعيشية والإنسانية إضافة إلى جائحة كورونا ووباء الكوليرا. كذلك هناك تشرد جماعي داخلي أدى إلى تفاقم وتعرض الفتيات والنساء إلى العنف بما في ذلك العنف الجنسي وزواج الأطفال والزواج القسري الذي يرتكبه جميع أطراف النزاع في اليمن".
وأشارت إلى أن فريق الخبراء الدوليين شعر بقلق كبير نتيجة إفلات منتهكي حقوق الإنسان من العقاب، إذ هناك غياب لآلية تنفيذ العقوبات، لافتةً إلى القلق الذي يثيره استبعاد المرأة من مفاوضات السلام الرسمية بما في ذلك في الوفد الحكومي.
ولفتت إلى رصد عدد الانتهاكات في اليمن في العام 2021، إذ بلغت الانتهاكات التي تعرضت لها النساء 597 في سبع محافظات في الجنوب. كما أدت الانتهاكات ما بين عامي 2014 ـ 2022، إلى مقتل 920 امرأة، 400 امرأة قتلن في محافظة تعز وتلتها الحديدة، وأصيبت 1852 امرأة وكان لتعز النصيب الأكبر بعدد 1350 امرأة من أصل 1852 امرأة، من بين إجمالي النساء اللواتي فقدن حقهن في الحياة كان هناك 521 امرأة قُتلن جرّاء تعرضهن لشظايا قاتلة وأخريات تعرّضن لإصابات مباشرة بالرصاص.
ونوهت إلى أن الأرقام المذكورة لا تغطي كافة المحافظات ولكنها جزء من التقارير إذ لا يوجد تقارير شاملة للانتهاكات التي تتعرض لها النساء في اليمن.
إنجازات المرأة اليمنية
وعن إنجازات المرأة اليمنية، قالت "أهم إنجازات المرأة في اليمن أنها بدأت تعي مدى أهمية وجودها ومشاركتها، بدأت تتواجد في بعض المراكز المحلية البسيطة ولكن ما يؤسفني أن التشكيلة الحكومية الجديدة خلت من وجود أي نساء فيها ولكن ما زال النضال والكفاح مستمر سواء على المستوى المحلي والوطني، كما أن العمل على انتزاع الحقوق في كل المرافق الخاصة مستمر"، وعما يجب فعله من خلال المبادرة، قالت "يجب العمل على رفع صوت النساء عالياً في المحافل الدولية".
"ربطنا حريتنا بحرية وطننا"
أما المرأة الفلسطينية فهي تعاني على كافة الأصعدة، وفق ما أكدته عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مريم أبو دقة "نساء فلسطين الوحيدات في العالم اللواتي يعشن تحت الاحتلال، ظرفنا خاص جداً واستثنائي ولذلك نحن نواجه عقبات مركبة".
وأضافت "ليس لدينا حرية كنساء، إذ نحن ربطنا حريتنا مع حرية بلادنا، لذلك انخرطت المرأة الفلسطينية مبكراً منذ العام 1917 حتى الآن في العمل النضالي، وقدمت الشهداء والأسرى وما زال هناك 32 أسيرة في السجون تتعرضن للقمع وأيضاً 17 ألف امرأة فلسطينية دخلن السجون وتحررن".
ولفتت إلى أن "المرأة الفلسطينية في مختلف المناطق في غزة والقدس وبيت لحم وفي الشتات تتعرض للقهر، المرأة الفلسطينية تتعرض لظلم مركب، الاحتلال والانقسام والاضطهاد الطبقي"، مشيرةً إلى أنه "على الرغم من مشاركة المرأة والإشادة بدورها، فهي لعبت دوراً مهماً في الانتفاضات الأولى والثانية والثالثة والآن وهذا معروف وموثق ولكن للأسف نحن غير راضين عن نسبة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار".
واعتبرت أنه عندما تكون الثورة بخير تكون المرأة بخير، لذلك المرأة تجدد نضالها، وأوضحت "المرأة المقاومة موجودة في كل ثنايا العمل الاجتماعي والثقافي والنضالي والتثقيف الثوري، تعليم المرأة هو المفتاح الأول لتحررها، التمكين الاقتصادي المفتاح الثاني وهو الذي يفسح لها المجال للعمل والمشاركة السياسية".
وأشارت إلى أن المرأة الفلسطينية تقاوم منذ الأزل، ولكن في ظروف الانحسار والتراجع المرأة هي دائماً الحلقة الأضعف والمرأة الفلسطينية ليست استثناء، وتابعت "نحن نعتبر أننا نعيش مرحلة مفصلية، الاحتلال وكل قوى الامبريالية والاستعمار تعمل على التطهير العرقي لشطب القضية الفلسطينية شطب كامل. لذلك في كل الحروب السابقة كانوا يركزون على قتل النساء لأنهن المجتمع بأكمله فهي النصف بالعدد وهي التي تنجب الولد وتربي النصف الآخر، المرأة في كل المعارك كانت في الصفوف الأولى ولاسيما أخيراً في معركة سيف القدس".
"علينا الاستفادة من التجربة الأوكرانية"
وقالت "هناك نشاط كبير في تمكين المرأة اقتصادياً وقانونياً... كما أن المرأة موجودة في الوزارة وفي الأطر النسوية... حاز يوم المرأة هذا العام طابعاً كبيراً لأن المرأة موجودة في الصفوف الأولى في معاركنا مع الاحتلال وضد الانقسام وهناك تحالف كبير مع كل القوى السياسية والوطنية من أجل زيادة كوتا المرأة لتصبح 30%".
وقالت مريم أبو دقة أنه يجب أن نستفيد من التجربة الأوكرانية، لافتةً إلى ازدواجية المعايير التي يعتمدها القانون الدولي الذي لا يعمل في الدول النامية الفقيرة، وشددت على أنه يجب أن نستفيد مما يجري ونتحرك بالمعنى القانوني ونفرض وجودنا على الأرض. نحن بحاجة إلى معركة إعلامية توصل صوتنا إلى المحافل الدولية".
انتهاكات الدولة التركية
تخلل اللقاء عرض فيديو لأنشطة النساء في شمال وشرق سوريا، الذي تضمن عقد المؤتمر الأول لمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا، إطلاق منصة الفعاليات المشتركة، ومقاومة المرأة لمرتزقة داعش، بالإضافة إلى نشاطات مؤتمر ستار في عدد من البلدان ومنها اسبانيا والأردن ولبنان وتونس وغيرها من الدول. فتح دورات تدريبية خاصة بالرجال لتوعيته بدور المرأة في المجتمع.
وتحدثت عن واقع المرأة في سوريا عضو الهيئة الإدارية في مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في شمال وشرق سوريا المحامية عطية يوسف ولفتت إلى الانتهاكات التي ارتكبت بحق المرأة في سوريا، وقالت "الدولة التركية استخدمت أسلحة سببت تشوهات وآلام وحروق لعدد كبير من النساء والأطفال. أكبر الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة التركية والفصائل الموالية لها هي التمثيل بجثث الشهيدات من مقاتلات وحدات حماية المرأة ومنهن الشهيدة أمارة وقبلها بارين كوباني".
وأضافت "إساءة معاملة الأسيرات المقاتلات، كل هذا يعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الدولة التركية هي دول احتلال، وبالتالي هي مسؤولة عن كل ما تقوم به الفصائل المسلحة التابعة لها".
وتابعت "من الآثار الناجمة عن الاحتلال النزوح الداخلي واللجوء ما يجعل المرأة تعاني من ويلات النزوح بأشكال مختلفة. كما تتعرض المرأة للاعتداءات الجنسية، وهو أسوأ أشكال العنف الذي قد تتعرض له المرأة تحت وطأة الاحتلال كونه ينتهك انسانتيها وخصوصيتها وجسدها... حيث يعتبر الاغتصاب والزواج القسري وتشويه الأعضاء التناسلية والتلقيح أو الحمل أو الإجهاض في ثقافة الحرب، انتصاراً لمرتكبيها، وتهدف تلك الممارسات إلى التطهير العرقي وولادة أطفال من المعتدين كما حصل مع النساء الإيزيديات... ويعتبر هذا كله انتهاك لحقوق الإنسان ولاتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها. نحن نحمل الدولة التركية كل ما يحصل في شمال وشرق سوريا".
"تشكيل تحالف نسوي لضمان التنسيق بين المنظمات النسوية والحقوقية"
تناولت عطية يوسف الإنجازات التي حققتها المرأة في شمال وشرق سوريا، وقالت "كان هناك العديد من النشاطات التي تم تنظيمها في شمال وشرق سوريا التي هدفت إلى تمكين ودعم المرأة سياسياً واقتصادياً وحقوقياً من خلال ورشات عمل تسعى إلى تعزيز دور المرأة في تقدم وتحرير المجتمع، وفي مراكز صنع القرار"، لافتةً إلى أن المرأة إذا لم تكن مستقلة مادياً فلن تستطيع أن تكون مستقلة سياسياً وفي مجالات أخرى.
واقترحت عطية يوسف تشكيل تحالف نسوي واسع لضمان التنسيق بين المنظمات النسوية والحقوقية. ممارسة الضغط لدعم إدراج برنامج العدالة الانتقالية الذي يراعي النوع الاجتماعي في أي اتفاق سلام. إشراك الضحايا في عمليات السلام حتى يتمكن من مشاركة تجاربهن مباشرةً مع الأطراف المشاركة في المفاوضات.
تحديات المرأة الصحراوية
تستمر المرأة بنضالها في كل أرجاء العالم العربي وصولاً إلى الصحراء الغربية حيث تواجه تحديات كثيرة تحدثت عنها ممثلة الاتحاد الوطني للمرأة الصحراوية بإسبانيا منصورة بشار بو زيد، وقالت "أولاً أهنئ جميع نساء العالم بيوم 8 مارس الذي فرضت فيه المرأة وجودها واستحقت بذلك العديد من الاستحقاقات وفتح لها مجال ممارسة حقها كإنسان في هذا العالم. كما أهنئ المرأة الصحراوية المكافحة المناضلة التي لا زالت تطمح إلى أول سبيل للتحرر وهو التواجد على أرض بلادهن". وتحدثت عن المرأة الصحراوية المتواجدة في مخيمات العزة والكرامة، مخيمات اللجوء منذ 46 سنة في أقسى ظروف الطبيعة إن كان صيفاً أو شتاءً.
وتابعت "هناك جدار فاصل بين منطقتين في الصحراء الغربية، الجزء المحتل والجزء المحرر وهو الأقل، هذا الجدار يصل إلى 1800 كلم، هذا الجدار مغروسة فيه الألغام، فالجدار مقسم إلى سبعة أقسام كل قسم منه مزود بنوع من الأسلحة أو الألغام. المرأة كانت ضحية من ضحايا الألغام، هناك من فرض العمل على المرأة الصحراوية لإعالة عائلتها في مهمة من أخطر المهن وأظن أنها أول امرأة تدخل في مجال نزع الألغام".
وأضافت "منذ احتلال الصحراء الغربية أي منذ العام 1975، دخلت مئات النساء السجون، رُمي بهن من الطائرة أحياء، تعرضن للاغتصاب الممنهج، حتى أنهن أصبحن ورقة ضغط على الرجال في المنطقة المحتلة. في هذا السياق، على سبيل المثال لا الحصر هناك بتول سيد علي، نعجة إبراهيم، بالإضافة إلى العديد من المعتقلات اللواتي قتلن في السجن، هناك من قضين لنحو 17 سنة أو أكثر ما أثر عليهن سلباً، مثل سكينة جد اهلو التي اعتقلت وسجنت وبقيت في السجن لأكثر من 16 عاماً وعندما خرجت من السجن وجدت أن زوجها تزوج وأنجب أولاداً وكل عائلتها على الجانب الآخر من الجدار فوجدت نفسها وحيدة... وغيرها من النساء المناضلات في الصحراء الغربية".
ولفتت الانتباه إلى "المناضلتين اللتين تخوضان منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وهما السلطانة خيا والوعرة خيا المحاصرتين منذ سنة كاملة، من دون ماء وكهرباء ولا خدمات".
المعركة الدبلوماسية
أهم الإنجازات التي حصلت عليها المرأة الصحراوية، أوضحت أن "أهم إنجازات المرأة الصحراوية التي حققتها هذا العام، أظن خوضها المعركة الدبلوماسية في جميع المستويات، حيث استطاعت أن توصل صوتها إلى مختلف عواصم العالم، لنقل القضية الصحراوية وتنوير الرأي العالمي والأوروبي بالخصوص بهذه القضية التي طال أمدها".
واعتبرت أنه على المبادرة أن تشاطر النساء الصحراويات قضيتهن، وتسمح لهن بالمشاركة الفعالة في كل المجالات التي تقوم بها أو تخطط لها، لأننا نساء رائدات يردن أن يصلن إلى مستويات عالية جداً في مختلف المجالات".
"الأولوية للمعتقلات"
عن واقع المرأة في تركيا ولاسيما الكردية، تحدثت المحامية سميرة نركز الرئيسة المشتركة لبلدية نصيبين ولفتت إلى معاناة المرأة الكردية وما تتعرض له من اضطهاد وظلم واعتقال من قبل الاحتلال التركي.
واعتبرت أن النساء اللواتي في المعتقلات لهن الأولوية، وسألت "ما الذي يمكن أن نفعله؟، نحن نعيش في دولة تضع النظام الحقوقي وحقوق الانسان وراء ظهرها". وتابعت "نحن نشتكي من الدولة وممارساتها القمعية ولكننا لا نحقق شيئاً، ونحن بحاجة إلى اللجوء إلى القوانين والمحافل الدولية كي تسمعنا".