إطلاق برنامج مهني مبتكر لتعزيز إدماج النساء غير الناطقات في عدن

أقامت مبادرة "شغف" للتنمية ومؤسسة "رموز" التنموية للصم والبكم برنامج مهني مبتكر في مدينة عدن اليمنية لتحسين سبل العيش لفئة النساء غير الناطقات، وتعليمهن فنون الخياطة وتزويدهن بالمهارات اللازمة.

اليمن ـ أكدت المشاركات في البرنامج المهني أن هذه الدورة استهدفت عشر فتيات من ذوي الإعاقة السمعية لتعليمهن أساسيات فنون الخياطة حتى تتمكن من إنشاء مشاريعهن الخاصة وتحقيق استقلالهن المادي.

في خطوة رائدة نحو تعزيز الإدماج الاجتماعي وبناء مجتمعات متماسكة، تم إطلاق برنامج مهني مبتكر في مدينة عدن اليمنية أمس الخميس 21 تشرين الثاني/نوفمبر، لتحسين سبل العيش لفئة النساء غير الناطقات، ويهدف البرنامج إلى تعليم المشاركات فنون الخياطة وتزويدهن بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل، مما يمكنهن من تحقيق الاستقلال المادي.

وتأتي هذه المبادرة نتيجة شراكة مثمرة بين مبادرة "شغف" للتنمية ومؤسسة "رموز" التنموية للصم ومنصتي 30، ويعكس البرنامج التزام المجتمع المدني بإحداث تغيير إيجابي، حيث يسعى لتوفير بيئة تعليمية شاملة تدعم تكامل الفتيات المستهدفات مع المجتمع.

 

بين مهارة الخياطة وكسر الحواجز المجتمعية

 

قالت خريجة علوم سياسية نور السقاف، إنها وجدت نفسها مؤخراً في تجربة مختلفة تماماً عن مجال دراستها  بعد مشاركتها في دورة تدريبية لتعلم الخياطة، حيث أتيحت لها فرصة لاكتساب مهارة جديدة قالت عنها إنها قد تكون "طريقاً نحو الاكتفاء الذاتي وتحقيق الاستقلالية المادية".

ولفتت إلى أن هذه الدورة لم تكن مجرد تعلم مهارة جديدة، بل كانت بداية لتغيير جذري في حياتها وحياة المشاركات "تعلمت كيفية تفصيل الملابس، وطرق قص المحاور، بالنسبة لي هذه كانت تجربة جديدة تماماً لم أكن قد تعاملت مع ماكينة خياطة من قبل، لذا كانت البداية مربكة، لكن مع الوقت أصبحت أكثر ثقة".

 

دمج الثقافات وكسر الحواجز

وأوضحت أن الخياطة لم تكن التحدي الوحيد الذي واجهته خلال الدورة، بل وجدت نفسها مندمجة مع مجتمع جديد تماماً بالنسبة لها، وهو مجتمع الصم والبكم "كان لدي تصور مختلف تماماً عن هذا المجتمع، وكنت أعتقد أن التواصل معهم سيكون صعباً، لكن اكتشفت أن الأمر بسيط للغاية، وبدأت تعلم لغة الإشارة وللتواصل معهم بسهولة، وكانت هذه التجربة بالنسبة لي رحلة إنسانية فريدة، حيث تعلمت لغة جديدة وكونت صداقات غير متوقعة".

وأضافت "كسر حاجز الخوف والتردد في التواصل مع الصم والبكم كان خطوة كبيرة بالنسبة لي، كنت أعتقد أنني سأواجه صعوبة في التفاهم، لكنني وجدت أن الحوار معهم سلس للغاية، تعلمت من هذه التجربة أن كل شخص لديه شيء يمكن أن يقدمه، بغض النظر عن الظروف".

 

التمكين الاقتصادي وتحقيق الأحلام

وأكدت أن مثل هذه الدورات ليست فقط لتعليم حرفة، بل هي خطوة نحو تمكين النساء اقتصادياً واجتماعياً "في وقتنا الحالي، كثير من النساء أصبحن المصدر الرئيسي تعملن على توفير الدخل لأسرهن لذلك، هذه الدورات تقدم لهن فرصة للخروج من دور التبعية الاقتصادية، إنها تفتح لهن أفقاً جديدة لتصبحن قادرات على إنشاء مشاريعهن الخاصة وتحقيق الاستقلال المادي".

ورغم أن نور السقاف اختارت تخصصاً أكاديمياً كان يُعتقد أنه "حكر على الرجال"، إلا أنها استطاعت كسر هذا النمط المجتمعي وأوضحت "عندما قررت دراسة العلوم السياسية، واجهت تعليقات سلبية من المجتمع، لكنني تجاهلتها ومضيت قدماً، هذه التجربة علمتني أن الحلم الكبير يبدأ بخطوة صغيرة، وأن الإيمان بالنفس هو الأساس".

ووجهت رسالة إلى النساء قالت فيها "لا تستمعن للنمط السائد في المجتمع، إذا كان لديكِ حلم، ابدئي بتحقيقه خطوة بخطوة، لا تتركن الشكوك والأصوات الخارجية تثنيكن عن تحقيق أهدافكن، مثل هذه الدورات والفرص تُظهر أن المرأة قادرة على تحقيق الكثير عندما تُمنح الفرصة".

 

تعزيز إدماج النساء غير الناطقات

 

من جانبها قالت مترجمة لغة إشارة ومديرة مشاريع في مؤسسة "رموز" أريد أحمد "استهدف مشروع مبادرة شغف عشر فتيات من ذوي الإعاقة السمعية لتعليمهن أساسيات فنون الخياطة، نحن في مؤسسة رموز التنموية نؤمن بقدرات هؤلاء الفتيات ونؤكد التزامنا بدعمهن وتمكينهن لتكن جزءاً فعالاً في المجتمع المدني".

وأشارت إلى أنه "من خلال هذا المشروع لمسنا قدرات كبيرة لدى الفتيات المشاركات، ونأمل أن تحقق الدورة الاستفادة القصوى لهن، لقد كان اليوم الختامي للتدريب فرصة لتسليط الضوء على إنجازاتهن، ونتطلع إلى أن يكون هذا مجرد بداية لمزيد من الدعم والنجاحات المستقبلية".

وأكدت أنهم "نحن بحاجة إلى استمرار الدعم لهذه الفئة وغيرها من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم جزء لا يتجزأ من مجتمعنا، ولذلك يجب أن نتكاتف من أجل تعزيز قدراتهم وإتاحة الفرص لهم لتحقيق مشاريعهم وأهدافهم، مما يساعدهم على التغلب على التحديات التي يواجهونها في ظل الظروف المعيشية الصعبة".