استهداف تركيا للنساء في شنكال وشمال وشرق سوريا محور ندوة في لبنان

استهداف الدولة التركية للنساء دليل على همجيتها ووحشيتها فهي ترى في المشروع الديمقراطي حجر عثرة وخطراً أمام تحقيق أطماعها. لذا تعمل على تحييد المرأة عن المطالبة بحقوقها، وتستهدفها بالدرجة الأولى.

كارولين بزي

بيروت ـ تحت عنوان "لماذا تركيا تستهدف النساء في شنكال وشمال وشرق سوريا"، نظمت مبادرة "مناهضة العنف والاحتلال وإبادة النساء من أجل الأمن والسلام"، ندوة رقمية أمس الجمعة 19آب/أغسطس.

 

"إنجازات المرأة في شمال شرق سوريا"

في مستهل الندوة بدأت المحامية أينور باشا الحديث عن ثورة روج آفا وسبب الهجمات التركية، وقالت "دخلنا العام الثاني عشر من الثورة السورية التي جلبت معها الكثير من الويلات والخراب والدمار من جهة، ومن جهة أخرى أحدثت تغييرات كبيرة على المجتمع والمفاهيم التي كانت سائدة فيه. حاولنا في شمال وشرق سوريا المحافظة على الأمان والاستقرار في مناطقنا بخلاف المناطق الأخرى التي سادها الدمار والخراب، وكان ذلك من خلال توحيد المكونات والشعوب القاطنة في المنطقة من كرد وعرب وسريان وشركس وأرمن وغيرها من المكونات، وتوحيد إرادتها بإعلان إدارة تمثلها تضمن كل حقوق المكونات وتحقق الديمقراطية والمساواة لشعوبنا في مناطق شمال شرق سوريا وهي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا".

وأضافت "تم الاتفاق في الإدارة الذاتية على تبني فكر الأمة الديمقراطية الذي يصون التعايش المشترك والسلمي لكافة المكونات ويحمي ويضمن لها حقوقها، وكذلك يضمن حرية المرأة كمبدأ أساسي".

ولفتت إلى أن النساء كن من أبرز المشاركات في بناء الإدارة الذاتية، فهن كن السباقات في التظاهر في الحراك السلمي والمجتمعي الذي بدأ حينها في سوريا بشكل عام وفي مناطق شمال وشرق سوريا. وكنا مطالبات بضمان حقوق وحرية المرأة.

وأشارت إلى المكتسبات التي حققتها المرأة "اعتماد مفهوم الرئاسة المشتركة في الإدارة الذاتية وكافة مؤسساتها وتطبيق مبدأ المساواة الفعلية بين الجنسين، حيث يتم تمثيل النساء بنسبة خمسين في المئة في كافة الإدارات والمجالس التشريعية والقضائية والتنفيذية. شاركت المرأة في رسم السياسة العامة والعمل في المجالات الدبلوماسية القضائية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها. إلا أن من أبرز المكتسبات التي حققتها المرأة بقوة إرادتها وتصميمها هو تأسيس القوات العسكرية الخاصة بالمرأة وهي وحدات حماية المرأة؛ للدفاع عن حرية وكرامة المرأة وحمايتها من أي اعتداء".

وأكدت أن المرأة في روج آفا وفي شمال وشرق سوريا نظمت نفسها ضمن الأحزاب والحركات السياسية ومنظمات ومراكز نسوية وبعدها قامت بتوحيد صفوفها لحماية الحقوق والحريات التي اكتسبتها من خلال نضالها الطويل قبل الثورة وبعدها، وذلك ضمن مجلس المرأة في شمال شرق سوريا وأيضاً مؤتمر ستار ومجلس المرأة السورية".

 

"ثورة روج آفا هي ثورة المرأة"

وأضافت "من خلال ذلك تمكنت من إعلان المبادئ الأساسية والأحكام العامة والخاصة بالمرأة والتي عرفت بقانون المرأة والتي شكلت الوثيقة الأساسية أو كانت بمثابة عقد اجتماعي يفرض الإرادة الحرة للمرأة وحقها في تغيير الذهنية السلطوية التي كانت ولا تزال تحكم العلاقات الاجتماعية ورسمت بذلك حقوقاً للمرأة من كافة نواحي الحياة".

وقالت أن إنجازات المرأة في روج آفا وشمال وشرق سوريا، سببت الخوف للقوى الاستعمارية والرجعية والظلامية، لتقوم هي بالاستيلاء على الأرض بعدها. ولكن العكس حصل وأصبح هناك خشية من انعكاس ذلك على دولها وتأثر النساء بالثورة التي حققتها المرأة في شمال وشرق سوريا وخاصة في الدولة التركية، فما كان منها إلا أن قامت بتقويض الأمن والاستقرار وبدأت بتحطيم ما حققته المرأة بنضالها في شمال وشرق سوريا من خلال فرض الفكر الرجعي الذي يقزم المرأة ويجعل منها شيئاً غير ذي قيمة. مشيرة إلى أنها "قامت بتسهيل تمرير وصول مرتزقة داعش إلى سوريا بشكل عام وإلى مناطق شمال وشرق سوريا بشكل خاص بعدما كانت تخضعهم لتدريبات عسكرية تمهيداً لتأسيس الدولة الإسلامية في الشام والعراق والعودة إلى عصور التخلف والجاهلية متسترةً بالغطاء الديني، وتحقيق حلم حزب العدالة والتنمية بإحياء خلافة عثمانية بمفهوم جديد يجعلها تنهب خيرات المنطقة التي تعتبر من أغنى المناطق في العالم".

 

"واقع النازحات في المخيمات"

وأشارت إلى عدد من النساء المناضلات اللواتي استشهدن من أجل تحرير الأرض من داعش، وأكدت أن كل الجرائم التي يقوم بها الاحتلال التركي هي لكسر إرادة المرأة وتحقيق الثأر لهزيمة المرتزقة التي كانت تدعمها وتسّيرها تركيا.

كما تطرقت أينور باشا لواقع النازحات اللواتي أجبرهن الاحتلال التركي في مناطق عفرين وسري كانيه وكري سبي إلى العيش في مخيمات، وذلك بعدما كانت هؤلاء النسوة يعشن حياة كريمة، اليوم هن يعشن في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم.

ولفتت إلى أن 60 % من النازحين هم من النساء، هؤلاء النساء يواجهن فقراً مدعقاً في المخيمات، حتى المساعدات للأطفال محدودة.

وأضافت "لا زال الاحتلال التركي يطارد النازحات إلى المخيمات، حيث يقوم بممارسة حرب خاصة من خلال قطع المياه من محطة علوك والكهرباء التي تمد مدينة الحسكة بالإضافة إلى الحصار الذي فرضته الحكومة السورية على النازحين المتواجدين في مخيمات العز في الشهباء".

ودعت المحامية أينور باشا العالم إلى الوقوف إلى جانب المرأة في شمال وشرق سوريا وإيقاف مسلسل القتل الذي بدأته دولة الاحتلال التركي.

 

"الاحتلال التركي سيتوسع ليشمل الشرق الأوسط"

ومن جانبها استذكرت مسؤولة مكتب العلاقات العامة لوحدات حماية المرأة في شمال وشرق سوريا روكسان محمد، كل الشهيدات اللواتي تم استهدافهن من قبل الاحتلال التركي، كما لفتت إلى الفتيات الأربع اللواتي استشهدن يوم الخميس 18آذار، باستهداف مسيّرة لمدرسة البنات في الحسكة، وأسفرت عن استشهاد أربع فتيات وجرح 11 أخريات، وأكدت أن هذا الاستهداف الهمجي والوحشي يدل على همجية ووحشية تركيا.

وأوضحت "نشهد في مناطق شمال وشرق سوريا، مشروعاً ديمقراطياً يضم كافة المكونات وأفسح المجال أمام الشعوب لإدارة نفسها بنفسها، وتحقيق مكتسبات لطبيعة المرأة وفكرها وتنظيمها. فبتنا نرى المرأة في مراكز القرار بشكل فعلي، وأصبح هناك قوانين خاصة بها، لذلك الدولة التركية ترى في المشروع الديمقراطي الذي هو بريادة المرأة حجر عثرة وخطراً أمام تحقيق أطماعها. فهجماتها على المنطقة ليست بجديدة فهي تعود إلى بداية الثورة إذ سعت إلى تحريف الثورة عن مسارها الطبيعي عبر الدعم الكامل للفصائل الإرهابية ومرتزقة داعش أيضاً".

وأضافت "الهدف الأساسي من هذه الهجمات هو ضرب مفهوم الأمة الديمقراطية والقضاء على التعايش السلمي بين جميع المكونات في المنطقة، وإعادة دور السلطنة العثمانية ذات التاريخ الدموي القائم على المجازر والقتل الجماعي والسيطرة على المناطق العربية أيضاً من خلال تدخلها في الأراضي العراقية والليبية".

وقالت "يهدد الاحتلال التركي مناطق شمال وشرق سوريا بشن عملية جديدة والتي لم تتوقف أبداً عبر استخدام الأسلحة الثقيلة أو عبر الطائرات المسيرة، ضد شعبنا المقاوم والمطالب بحقه المشروع في العيش بسلام وأمان على أرضه".

واعتبرت أن هذه الحرب ستتوسع لتشمل كل سوريا ومناطق الشرق الأوسط، وستؤدي إلى التهجير وتولد أزمات سياسية واقتصادية وإنسانية.

ولفتت إلى الوضع المأساوي في عفرين وكري سبي وسري كانيه بعد احتلالها من قبل تركيا ومرتزقتها، إذ أن هذه المنطقة تعيش فلتان أمني وتهجير وتغيير ديمغرافي واستهداف متعمد للنساء بشكل الخاص، وهذا خير دليل على ما تبغيه تركيا.

وأضافت "أن استهداف دولة الاحتلال التركي وبشكل ممنهج للنساء اللواتي قدن الثورة بمسؤولية وروح طليعية ليس فقط في منطقتنا بل في العالم، خير دليل على همجيتها ووحشيتها، وتدل على سياستها الفاشية في مواجهة كل امرأة تسعى وتناضل من أجل كسر قيود العبودية وتسعى من أجل التحرر، وهو دليل أيضاً على عدم تقبلها لثورة المرأة، لذا تعمل على تحييد المرأة عن المطالبة بحقوقها، لأن حرية أي مجتمع تمر بحرية المرأة".

 

"لحماية ثورة المرأة في روج آفا"

ولفتت إلى أن الدولة التركية جاءت للانتقام لداعش من اللواتي حاربن المرتزقة، والقضاء على إرادة المرأة الحرة والطليعية.

وأكدت على مبادئ الدفاع الجوهري وهي تكوين المرأة الحرة والمنظمة ذات الإرادة وتكون قادرة على تغيير الذهنية الرجعية ومنع المجازر التي ترتكب بحقها وبحق مجتمعها.

وأضافت "كوحدات حماية المرأة منذ تأسيسنا ركزنا على الناحية الفكرية والتدريبات رغم عدم وجود الإمكانيات وامتلاك التجارب وناضلنا أمام الذهنية الرجعية ولم نقبل الرضوخ للواقع المفروض علينا".

وشددت على أن إرادة المرأة ساهمت بتجاوز العراقيل التي كانت تعيق نضال المرأة في وجه الذهنية الأبوية.

وأكدت أن الحرية ليست سهلة المنال وليست متعلقة بالانخراط بالمجال العسكري فقط، إنما يجب انخراط النساء في جميع المجالات الحياتية والمجتمعية، وتصعيد النضال لترسيخ الثورة المجتمعية.

ودعت كل النساء اللواتي يناضلن في الشرق الأوسط والعالم إلى ردع السياسات الرأسمالية التي تقصي النساء ومواجهة المشاريع الاحتلالية للدولة التركية في المنطقة.

ووجهت رسالة قالت من خلالها "أوجه رسالة لكل امرأة حرة ومناضلة في الشرق الأوسط والعالم لحماية ثورة روج آفا وحماية ثورة المرأة ودعم وحدات حماية المرأة والوقوف بوجه سياسات الدولة التركية الاحتلالية الطامعة والساعية لإعادة الإمبراطورية العثمانية".

 

"كأيزيديات حقوقنا مغتصبة"

وبدورها تحدثت عضو حركة حرية المرأة الأيزيدية من شنكال شمي رمو عن واقع المرأة الأيزيدية التي واجهت العنف والاضطهاد من قبل مرتزقة داعش، وقالت "نحن في شنكال واجهنا الكثير من المعاناة. قام مرتزقة داعش أولاً باستهداف المرأة الأيزيدية، إذ لم يترك هذا التنظيم سلوكاً همجياً ضد النساء الأيزيديات إلا وفعله".

ولفتت إلى القصف اليومي والهجمات التركية المستمرة على شنكال، وتسأل "ما الذي تريده منا تركيا؟".

وعبّرت عن أسفها لعدم حصول الأيزديين/ات على حقوقهم/ن كأي مواطن عراقي "نطالب بحقوقنا كنساء أيزيديات وكعراقيات"، قائلةً "تركيا تقوم يومياً بقصفنا واستهداف النساء نحن نطالب أن يكون هناك حق للمرأة الأيزيدية، وأن تصل لحقوقها وتعيش كباقي نساء العالم".

وأضافت "نحن نريد حقوق النساء اللواتي تم بيعهن في سوق النخاسة. نريد حقوقنا كبشر، نحن تحت ظل العلم العراقي واجهنا الكثير من المعاناة. قمنا ببناء كل شيء، نطالب بالاعتراف بحقوقنا، أعطونا حقوقنا، اقبلونا. لماذا كنساء ايزيديات حقوقنا مغتصبة؟"

وطالبت بمعرفة مصير المفقودين الأيزيدين والأيزيديات واستعادتهم "نطالب بأن نكون جزءاً من المجتمع العراقي. لماذا لا يتم احترام استقلالية المجتمع الأيزيدي؟".

وقالت "لم يكن هناك أي حفاوة أو مساعدة من الحكومة العراقية، لم نشهد أو نسمع بأنها قامت بشيء للمرأة الأيزيدية. فالحكومة العراقية لم تضع حداً للاحتلال التركي ولم تدافع عن حقوق الشعب الأيزيدي ولاسيما النساء".

وعلى الرغم من غياب الدعم العالمي للقضية الأيزيدية تؤكد شمي رمو بأنه "لو بقي أيزيدي واحد منا سنبقى نقاوم وهذا الفكر تم تثبيته بالعقيدة الأيزيدية. هناك 74 إبادة جماعية على الأيزيدين لم يتم وضع حد لهذا الاجرام. نعرف من يبيعونا ويشترينا ولكننا لن نطأطئ رؤوسنا".

 

"ناجية من الاختفاء القسري"

وكان هناك مداخلة للناجية السابقة من الاختفاء القسري غالية عبد الله محمد من الصحراء الغربية.

سلطت غالية محمد الضوء على الوضع القانوني في إقليم الصحراء الغربية. وأشارت إلى أن المغرب يدّعي أن هذه الصحراء أرضه، لكنه قام باقتسام أرض الصحراء الغربية مع موريتانيا.

وقالت "تمت اتفاقية تقسيم الصحراء الغربية في أواخر 1975، حيث حصل المغرب على إقليم الساقية الحمراء وحصلت موريتانيا على وادي الذهب. لكن الشعب الصحراوي واجه الاستعمار"، وأكدت بأن "نظرية استعادة المغرب لأرضه مغلوطة، لأن أحداً لا يتقاسم أرضه مع أحد كما فعل المغرب مع موريتانيا، ولكن الهدف هو الحصول على خيرات الصحراء الغربية، من خيرات بحرية بالإضافة إلى ثروة غنية بالفوسفات والأسماك، بالإضافة إلى تقارير تثبت وجود البترول والذهب والألماس".

"لم يكن هدف المغرب تحرير الشعب الصحراوي بل احتلاله، إذ قام بحرب أدت إلى القتل الجماعي والتهجير الجماعي، وبالتأكيد لم تسلم النساء من ظاهرة الاختفاء القسري بفترة تبدأ بأيام إلى عدة سنوات تصل إلى 16 سنة"، وفق ما تؤكد غالية محمد.

وشددت على ضرورة التعاون بين النساء حول العالم لإيصال الصوت والتأكيد على المطالب المحقة للمرأة.

كما تطرقت خلال اللقاء إلى المعاناة والاضطهاد والعنف الذي تعرضت له خلال مرحلة اختطافها.