"استهداف قيادياتنا لن يعيق ثورة النساء" محور ندوة حوارية في لبنان

تزامناً مع الذكرى العاشرة لاغتيال المناضلات الثلاث في العاصمة الفرنسية باريس، نظم مكتب المرأة الكردية ندوة حوارية تحت عنوان "استهداف قيادياتنا لن يعيق ثورة النساء".

كارولين بزي

بيروت ـ أكدت المشاركات في الندوة الحوارية على أهمية التضامن النسوي حول العالم مع قضايا النساء في كل من إقليم كردستان وإيران وأفغانستان.

تناولت الندوة الحوارية التي نظمها مكتب المرأة الكردية، أمس الاثنين 9 كانون الثاني/يناير، عبر تطبيق الزووم واقع المرأة في كل من إقليم كردستان، وإيران، وأفغانستان، بمشاركة كل من عضو مكتب المرأة الكردية ميرال جيجك، الناشطة السياسية شيفا محبوبي، الناشطة الأفغانية زولفار. 

 

"الهدف من قتل القياديات تدمير الثورة"

استذكرت عضو مكتب المرأة الكردية ميرال جيجك الشهيدات الثلاث، وأكدت بأن رحيلهن لن يذهب سدىً ولن يبقى من دون حساب، مشيرةً إلى أن ثورة النساء الكرديات التحررية في 9 كانون الثاني/يناير 2013، كانت نقطة تحول أو مرحلة جديدة في مسيرة النضال النسوي.

ولفتت إلى أن أغلب عمليات الاستهداف والقتل والاغتيال التي طالت القياديات الكرديات كانت خارج أراضي تركيا "أعتقد أن الهدف الأساسي من استهداف القياديات تدمير المقاومة وحركة التحرر". 

وأشارت ميرال جيجك إلى أن "النظام الفاشي والأبوي الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والنظرة النمطية للمرأة على أنها آلة إنجاب وعليها إنجاب المزيد من الجنود ليضحوا بأنفسهم من أجل النظام"، مبينةً أن "الفاشية عبر التاريخ لطالما كانت ضد النساء ويبدو ذلك واضحاً في الأنظمة منذ ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، من ألمانيا إلى إسبانيا وإيطاليا، مروراً بإيران وأفغانستان وغيرها".

وأضافت "بالعودة إلى ما حصل في باريس في عام 2013، وقبل ستة أشهر من مقتل ساكينة جانسيز، ليلى شايلمز وفيدان دوغان في باريس، كانت شرارة الثورة قد انطلقت في شمال وشرق سوريا، والثورة مستمرة والتي أصبحت ثورة المرأة، ليس فقط بسبب دور النساء في هذه الثورة ولكن أيضاً نظراً للنظام الديمقراطي السائد هناك، والذي يساوي بين الجنسين والمشاركة السياسية للمرأة الموجودة في مراكز القيادة، وبالتالي يأتي اغتيال القياديات الكرديات بهدف وقف ثورة النساء في روج آفا".

 

"لنحارب معاً ضد إبادة النساء"

وحملّت ميرال جيجك النظام التركي بالإضافة إلى الناتو مسؤولية عمليات الاغتيال التي تتعرض لها القياديات الكرديات، متسائلة "ما هو الحل؟ كيف يمكننا أن نعالج هذه الجرائم؟ وكيف يمكننا أن نحمي قياداتنا؟ هناك عامل واحد هو أن نحارب معاً ضد الإبادة النسائية".

وشددت على ضرورة أن يتم "وقف قتل القياديات والناشطات السياسيات حول العالم، علينا تدويل معاناة النساء ونبدأ بأن نحارب من أجل مجتمعنا، من أجل تحقيق العدالة. كما علينا أن نحمي قياداتنا النسائية".

 

"القادة لا يموتون بل يصبحون رموز"

ركزت شيفا محبوبي الناشطة والمتحدثة باسم حملة إطلاق سراح السجناء السياسيين في إيران؛ أن المرأة في إيران والثورة النسوية التي أشعلت شرارتها مقتل جينا أميني.

واعتبرت أن كل النساء اللواتي تملكن جرأة المواجهة هن ناشطات وقياديات، وعلقت على الفيديو الذي سلط الضوء على الشهيدات من مختلف دول العالم، لافتةً إلى أن ما يحصل هو إبادة نسائية موجودة في مختلف دول العالم.

وأكدت شيفا محبوبي أن القياديات هي كل امرأة تمتلك الجرأة لترفع الصوت لتواجه الظلم والنظام الأبوي، متطرقة إلى اغتيال الأخوات ميرابال في عام 1960 من قبل الديكتاتورية في جمهورية الدومينيكان.

ثم استذكرت اغتيال الناشطات الكرديات الثلاث في باريس في عام 2013، مشيرةً إلى أن العنف ضد النساء لم يتوقف وهو مستمر حتى يومنا الراهن من قبل تركيا، أفغانستان وإيران.

وأوضحت أنه بعد ثورة 1979، أول هجوم من قبل النظام كان على النساء، كان يتم استهدافهن من قبل الحكومة الإيرانية، إذ أن حرية المرأة هي أمر غير قانوني، وأن تمارس المرأة حريتها جريمة، وبالتالي فرضت الحجاب على المرأة، وأرادت أن تغيبها، لذلك ردة الفعل على الحجاب تأتي في غاية الأهمية في ثورة النساء هذه الأيام.

وعن سبب عدم وجود قياديات في إيران، لفتت إلى أن "الحكومة الإيرانية اعتقلت واغتصبت وأعدمت العديد من الناشطات منذ ثمانينات القرن الماضي. دعونا نتخايل المعاناة التي كانت تعيشها المرأة المعتقلة داخل السجن، وما يحصل لعائلتها عندما تعلم ما الذي تعيشه ابنتهم. لقد ابتكروا كل شيء لنعيش في سجن خارج السجن".

ونوهت شيفا محبوبي إلى أنه "عندما نفكر بالقادة، فإنهم لا يموتون بل يبقون معنا ويتحولون إلى رموز للمواجهة من أجل تحقيق المساواة"، لافتةً إلى أن سبب قتل النساء ليس لأنهن لا تلتزمن بالقوانين بل لأنه لا يوجد عقاب ولا محاسبة.

 

المرأة في أفغانستان مجردة من الحقوق

بعد خروج الولايات المتحدة التي استمرت لعشرين عاماً في أفغانستان، وتم تسليم السلطة إلى طالبان، تعيش المرأة الأفغانية ضمن قيود كثيرة، وعن ذلك تقول الناشطة الأفغانية زولفار أن المرأة الأفغانية محرومة اليوم من أبسط حقوقها، من التعليم والعمل وحتى من الخروج إلى الشارع من دون أن يكون معها رجل.

وأضافت "في هذه اللحظة هناك فصل عنصري على أساس جندري في أفغانستان، يمنع المرأة من الذهاب إلى الجامعة، وعليها أن تتزوج قبل سن الـ 18 عاماً. أما الناشطات اللواتي تذهبن إلى الشوارع وترفضن الواقع يتم اغتيالهن واغتصابهن، في ظل غياب وسائل الإعلام العالمية".

وأشارت إلى أن "كل ما تقوم به طالبان بحق المرأة، على مرأى ومسمع من العالم وحكوماته التي تستمر بعقد الاتفاقيات التجارية والصناعية مع حركة طالبان، مبينةً أن كل القنوات في أفغانستان لا تسلط الضوء على مقاومة الواقع، كما لا توجد حرية تعبير، يتم إسكات النساء، وإسكات المعاناة".

 

لا يوجد تضامن مع النساء الأفغانيات

على نقيض المرأة في إيران التي حازت تضامناً عالمياً، عبرت زولفار عن أسفها لعدم رؤية هذا التضامن مع المرأة الأفغانية، وقالت بما معناه "لا يوجد تضامن مع النساء في أفغانستان"، وحاولت نقل قسوة الواقع "لا يمكن لأي امرأة أن تخرج من البيت من دون رجل هن موجودات ولكنهن لسن على قيد الحياة. الكاميرات موجودة في الشوارع، لا يمكن للنساء أن تلتقين كمجموعات لأن ذلك سيثير الشبهة. لا توجد أي حقوق للمرأة في أفغانستان".

وعن النساء الأفغانيات في السجون، قالت "يتم اختطاف النساء في أفغانستان ولا نعرف عنهن شيئاً بعد ذلك. كل ما يحصل في القرى في الوقت الحالي لا نعرف عنه شيئاً لأنه لا يوجد أي نوع من التغطية الإعلامية".

وفي ختام حديثها أكدت زولفار أن التعبير عن التضامن لمرة واحدة لا يكفي، يجب استمرارية هذا التضامن والتكاتف مع المرأة الأفغانية من أجل إحداث تغيير، إذا لم يكن هناك استمرارية فذلك لن يجدي نفعاً.