إشكاليات متعددة تعرقل تحقيق المساواة بين الجنسين... الآليات الملزمة هي الحل
تحت عنوان "مسودة مبادئ عمان للآليات الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات"، نظمت جمعية معهد تضامن النساء الأردني بالتعاون مع منظمة فريدريش ايبرت جلسة افتراضية أمس الأربعاء 30 حزيران/يونيو، خُصصت لتسليط الضوء على التجربة اللبنانية
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/07/20220306-20jpj-jpga50220-image.jpg)
كارولين بزي
بيروت ـ .
"مبادئ عمان تهدف إلى تطوير استراتيجيات وبدائل نسوية لمواجهة التحديات"
في مستهل الجلسة، عرّفت منسقة مشروع مبادئ عمان للآليات الوطنية شهد فوزي واستعرضت المشروع وخطواته وأهدافه، كما تحدثت عن جمعية معهد تضامن النساء الأردنية التي تأسست في العام 1998 بمبادرة عدد من النساء الأردنيات اللواتي آمنّ بأن قضية المرأة هي قضية المجتمع، وبأن المرأة هي شريكة في العطاء والبناء والإنتاج والإقرار بحقوقها هو إقرار والالتزام بقيم المساواة والحرية والكرامة الإنسانية.
ولفتت شهد فوزي الانتباه إلى أبرز مجالات عمل الجمعية، وهي "حقوق الإنسان والنساء، المرأة والمشاركة السياسية والمواطنة، العنف ضد المرأة، المرأة واستخدام التكنولوجيا، برامج تمكين المرأة، المرأة والتنمية المستدامة".
أما فيما يتعلق بالهدف الرئيسي لمشروع مبادئ عمان للآليات الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، فهو "إعداد تطوير مجموعة من المبادئ الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بما يتماشى مع مبادئ باريس الستة، التي اعتمدتها الجمعية العامة 134/48 المؤرخة في كانون الأول/ديسمبر 1993، الذي ينظم وضع المؤسسات الوطنية، لحقوق الانسان من حيث اختصاصها ومسؤولياتها وتكوينها وضمانات الاستقلال التعددية وأساليب عملها. وبالتالي الدعوة إلى تبني هذه المبادئ على الصعيدين الإقليمي والدولي لاستخدامها في المستقبل لتصنيف الآليات الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إلى جانب الدعوة إلى إصدار قانون وإلزام كل حكومة دولة بتخصيص ميزانية لتلك المؤسسات".
وتابعت شهد فوزي قائلة "نحن ننظم مشروع مبادئ عمان بالتعاون مع منظمة فريدريش ايبرت من ضمن مشروع النسوية السياسية الذي يهدف بشكل أساسي إلى تطوير استراتيجيات وحلول مبتكرة وبدائل نسوية للتحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحالية في المنطقة، بالإضافة إلى خلق مساحة للنسويات من جميع أنحاء المنطقة لتبادل تجاربهن مع الجهات التقدمية الأخرى. تعزيز التحالفات طويلة الأمد بين النسوية وحركات العدالة الاجتماعية الأوسع نطاقاً، والمساهمة في إعادة تسييس الحركة النسوية في المنطقة".
"الدستور اللبناني يقر بالمساواة أمام القانون لا في القانون"
وتحدثت الناشطة النسوية والدكتورة جومانة مرعي عن التجربة اللبنانية، لافتةً إلى التحديات التي تعرقل تحقيق المبادئ الأساسية من أجل المساواة التامة بين الجنسين وكذلك الفرص.
واستهلت جومانة مرعي مداخلتها بالتطرق إلى الدستور اللبناني الذي ينص على أن لبنان دولة مدنية لا دينية، ولكن القوانين اللبنانية هي قوانين دولة دينية. وغاصت أكثر في الدستور اللبناني الذي تعتبر أن الإشكالية الأساسية هي في مواده، وتقول "الدستور اللبناني اعتمد مبدأ الحياد عن الطوائف، والدولة نأت بنفسها عن تنظيم أمور اللبنانيين/ات بالحيز الخاص وتركتها للطوائف، علماً أن المادة 9 من الدستور تنص على حرية الاعتقاد وعلى وجوب إقرار قانون لبناني للأحوال الشخصية والذي لم يتم إقراره منذ الاستقلال ولغاية اليوم".
وتابعت "الاشكالية الخطيرة في الدستور اللبناني هي أنه يقر بالمساواة أمام القانون ولا يقر بالمساواة في القانون، كما هو وارد في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، وبالتالي يعطي حيزاً كبيراً لتمرير العديد من القوانين التمييزية ضد النساء. والأخطر في موضوع الآليات هو تصديق لبنان على اتفاقية سيداو مع تحفظه على المادتين 9 و16، وهذا التحفظ يمس بجوهر الاتفاقية وعائق أمام تحقيق المساواة بين الجنسين، وبالتالي هذه إشكالية كبيرة إذ لا نستطيع إن كان على المستوى الدستوري أو الآليات الدولية تحقيق المساواة من خلال الواقع القائم".
"انتهاكات حقوق النساء أغلبها ضمن إطار الأحوال الشخصية"
فيما يتعلق بالقوانين اللبنانية، قالت جومانة مرعي بأن "أخطر تمييز ضد النساء هو التمييز بالأحوال الشخصية، الذي يعتبر النساء والرجال في لبنان هم رعايا النظام الطائفي وليسوا مواطنين، والطائفة تتوسط دائماً في العلاقة بين المواطن والدولة"، لافتةً إلى أن "العديد من انتهاكات حقوق الإنسان للنساء تقع ضمن إطار الأحوال الشخصية".
فيما يتعلق بآليات حقوق الإنسان في لبنان، تقول "على الرغم من أن لبنان كان من واضعي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولكن لغاية اليوم لا يوجد هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان، هناك قانون بأن يتم تفعيلها لكنها لا تعمل ولا تستقبل الشكاوى عن الانتهاكات. والآلية الوطنية للمرأة في لبنان ضعيفة لا تستطيع أن تدافع عن النساء أو تتلقى الشكاوى... بالإضافة إلى أن المجلس الأعلى للطفولة والمجلس الاقتصادي الاجتماعي لا تتلقى أي شكاوى"، وتعتبر أن المنظومة في لبنان تشجع على التمييز، ومنظومة الحماية هشة جداً.
"للمجتمع المدني دور في تغيير الوعي عند الناس"
وتوضح بأن "التحديات بمعظمها قائمة من طرف الدولة، تزداد في هذه الفترة مع ضعف دور الدولة وتراجعه، بسبب الأزمة السياسية والبنيوية التي وصل لها النظام في لبنان".
وأكدت أن هناك نقاط قوة وفرص من قبل المجتمع المدني الذي يعمل بشكل قوي على حقوق النساء، لافتةً إلى أن بيوت الأمان ودور الإيواء موجودة فقط لدى منظمات المجتمع المدني وغير موجودة لدى الدولة.
لافتةً إلى أن المجتمع المدني لعب دوراً كبيراً على مستوى تغيير وعي الناس، على مستوى حضور الناس ودفاعهم ومطالبتهم بحقوقهم. فأغلب القوانين التي يتم إقرارها مقترحة من قبل المجتمع المدني، والتدابير التي يتم اتخاذها قام بتحضيرها المجتمع المدني.
وتطرقت جومانة مرعي إلى موضوع إعداد التقارير الذي يعتبر أحد الآليات، وأكدت أن أغلب هذه التقارير التي يعدّها المجتمع المدني تتبناها الدولة. موضحة أن المجتمع المدني حاضر بقوة في إعداد التقارير منذ مصادقة لبنان على اتفاقية سيداو وانطلاق هذه الآلية، حتى أنه في كل مرة تتأخر فيها الدولة اللبنانية عن إعداد التقارير يقوم هو بإعدادها، مثل "تقرير بكين الذي أعدّه المجتمع المدني وتبنته الدولة وأصبحت هذه التقارير تُعرف بالتقارير الوطنية".
"نحن بحاجة إلى آليات ملزمة"
وأشارت جومانة مرعي إلى أنه على الرغم تطرقها للاتفاقيات الدولية، تعتقد بأن "الآليات الدولية لحقوق الإنسان لا تؤثر على أي دولة، كما أنها لم تُحرج يوماً أي دولة". وانتقدت المصطلحات التي يتم استخدامها مثلاً في توصيات لجنة سيداو، والتي يأتي فيها "اللجنة تنظر بعين الخوف إلى جرائم العنف ضد النساء"، فمصطلحاتها "تقتصر على الخشية والتمني وهي غير ملزمة".
وأكدت في ختام كلمتها بأن قضايا النساء هي جزء من قضايا الحرية والديمقراطية في لبنان، وطالما أن هناك انقسام سياسي في هذا المجال تعتقد أن الإنجازات ستكون خجولة.
وفي مداخلة من قبل منسقة حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" كريمة شبو، أكدت على أهمية التقارير ولكنها انتقدت الآليات غير الملزمة للدولة، وشددت على أهمية إلزام الدولة بالتوصيات التي حملتها أو الاتفاقيات التي صادقت عليها.
وقالت "نحن بحاجة لإيجاد آليات أكثر فعالية وتقييم لهذه الآليات في أن تكون ملزمة وتترك مجالاً للمحاسبة". وشددت على ضرورة توحيد الخطاب النسوي والحقوقي على المستوى الإقليمي والدولي.
وأجمعت المتحدثات خلال اللقاء على أهمية توحيد الجهود، وأن القوة والتضامن هما الآلية الأقوى لحماية النساء.