عامٌ على الحرب... صمود الفلسطينيات رغم الحصار والمجازر والمجاعة والدمار

في ذكرى العدوان على غزة، تستمر الفلسطينيات في صمودهن، محوّلات المعاناة إلى قوة وعزيمة رغم الحصار والمجازر والمجاعة والدمار.

نغم كراجة

غزة ـ يصادف اليوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2024 الذكرى الأولى لاندلاع الحرب في قطاع غزة، حيث لا تزال أصداءها وآثارها المدمرة يخيمان على الحياة اليومية للفلسطينيين، وفي قلب هذه المعاناة شكلت الفلسطينيات رمزاً حياً للصمود.

على مدار عامٍ كاملٍ من النزوح والدمار والحصار، لم تتوقف الفلسطينيات في غزة عن مقاومة الظلم والقهر، كل واحدة منهن تناضل بطريقتها الخاصة، محولةً الظروف المأساوية التي فرضتها القوات الإسرائيلية إلى مصدرٍ للعزيمة والصمود.

فقد أكدت رغدة حجازي واحدة من النساء اللائي واجهن الحرب بكامل قوتها وأنهن تحملن العبء الأكبر لهذه الحرب، سواء في ساحات النضال أو في تدبير شؤون عوائلهن وحياتهن اليومية التي باتت مليئة بالتحديات، وقالت "لقد اضطررنا لمغادرة منازلنا مرات عدة، والعودة إليها بعد انتهاء القصف لنكتشف أن كل ما بنيناه قد دُمر، لكن رغم الدمار والخسارة، نرفض الاستسلام، فالمرأة الفلسطينية لا تعرف الهزيمة، بل تصنع من اللاشيء ما يُدهش العالم".

وأشارت إلى أن الفلسطينيات اليوم لا تقاومن فقط من أجل البقاء، بل من أجل حياة كريمة، واستعادة الحق المسلوب، والحفاظ على كرامتهن في مواجهة الظلم، والمرأة الفلسطينية تقوم بأدوار متعددة خلال الأزمة؛ فهي الأم والمربية والكادحة في آن واحد "لا يمكننا الاستسلام، الحرب لم تقتصر على القتال في الميدان، بل هي حرب على حياتنا اليومية، على كرامتنا وصمودنا".

وعلى مدار عام كامل من الحرب المستمرة، تحملت الفلسطينيات عبئاً كبيراً حيث يقع على عاتقهن مسؤوليات كبيرة تتعلق برعاية الأسرة في ظل انقطاع الإمدادات الحيوية، وكنّ العمود الفقري للأسرة والمجتمع في وقت اشتدت فيه الصعاب وكثرت الأزمات، حيث تقمن بإدارة شؤون الحياة تحت ظروف بالغة القسوة، حيث تقول رغدة حجازي "نحن نواجه نقصاً حاداً في المواد الأساسية، لكن رغم ذلك، نجحنا في إيجاد حلول بديلة لتدبير أمورنا بأبسط الوسائل، نحن نجعل من اللاشيء شيئاً".

 

 

بدورها تصف صبحيّة اليازجي، إحدى النساء اللواتي تعشن في القطاع المحاصر، الوضع الذي تعيشه الفلسطينيات في ظل هذه الحرب بأنه "أقسى من أن تصفه الكلمات"، وترى أن النساء في غزة تعرضن على مدار العام الماضي لأشكال عديدة من القمع والتنكيل، من القصف المتواصل إلى النزوح القسري وتدمير المنازل وانقطاع الخدمات الأساسية "نعيش في رعب مستمر، لا نعرف متى يبدأ القصف، ولا نعرف إن كنا سنستيقظ في صباح اليوم التالي".

رغم كل هذه المعاناة، تؤكد صبحيّة اليازجي أن الفلسطينيات استطعن أن تجدن في هذه الظروف القاسية مصادر جديدة للقوة والعزيمة "نحن لسنا ضحايا بل مناضلات، نعم نحن نتألم، لكن الألم يزيدنا إصراراً على مواصلة نضالنا، ونؤمن بأن هذه الظروف المأساوية ستنتهي يوماً ما، وأننا سنظل صامدات حتى آخر لحظة"، مبينةً أن العالم يقف عاجزاً أمام صمود المرأة الفلسطينية "لقد رأى العالم كيف تحولت النساء في غزة إلى رموز للصمود والنضال".

وأكدت أن الحصار الذي فرض على غزة منذ سنوات طويلة، والذي اشتدت وطأته خلال العام الماضي، لم يؤثر فقط على الحياة اليومية للفلسطينيين بل أحدث آثاراً اقتصادية واجتماعية هائلة، تحملت المرأة الفلسطينية الجزء الأكبر منه، كانقطاع مصادر الدخل وفقدان العمل وتدمير البنية التحتية، كلها عوامل ساهمت في تعقيد الأوضاع الاقتصادية ومع ذلك، ظلت النساء الفلسطينيات مستمرات في دورهن الأساسي في إعالة أسرهن.

وعن تأقلم النساء في غزة مع الظروف قالت إنهن ابتكرن أساليب جديدة لتوفير الاحتياجات الأساسية لعوائلهن "أصبحنا نزرع الخضروات في الحدائق الصغيرة، ونتبع طرق بديلة لطهي الطعام باستخدام ما يتوفر لدينا، نحن لا نملك الكثير، لكننا نحاول أن نحقق الاكتفاء الذاتي بأبسط الموارد".

على الرغم من أن النساء الفلسطينيات في غزة تتحملن عبء الحصار والعدوان، إلا أنهن تواجهن تحديات إضافية تتعلق بحقوقهن الاجتماعية والسياسية، تعتبر الظروف الصعبة التي تمر بها غزة عاملاً إضافياً يزيد من تعقيد القضايا النسوية في المجتمع الفلسطيني، فبينما تواصل النساء نضالهن تواجهن أيضاً معارك أخرى تتعلق بحقوقهن في المجتمع.

ورغم مرور عام على الحرب بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس على غزة، تواصل النساء الفلسطينيات صمودهن في وجه التحديات المتزايدة من خلال قوة عزيمتهن وإرادتهن الصلبة، فقد أصبحن رمزاً للنضال، وفي ظل هذه الظروف القاسية، تحولت المرأة الفلسطينية إلى أيقونة للصمود، حيث تواجه تحديات يومية لا تحصى وتنجح في تحويل المعاناة إلى مصدر للقوة والإلهام، وسيبقى لديها إيمان بأنها ستنال حريتها يوماً ما لا محالة.