اليوم العالمي للمكفوفين وضرورة التوعية بحقوقهم الاجتماعية
القضية المهمة المطروحة في إيران هي أنه بدلاً من حماية المكفوفين، أصبحت السلطات تتسبب بفقدان الناس لبصرهم.
فروزان احمدنیا
يتم الاحتفال باليوم العالمي للمكفوفين، المعروف أيضاً باسم يوم العصا البيضاء، كل عام في 15 تشرين الأول/أكتوبر، أي ما يعادل 24 مهر في إيران، وتم تسمية هذا اليوم للاحتفال بالإنجازات والاهتمام باحتياجات المكفوفين وضعاف البصر.
اليوم العالمي للمكفوفين مهم جداً لكونه يوماً للتوعية حيث يساعد على رفع مستوى الوعي العام حول تحديات واحتياجات الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر، كما أنه فرصة لإظهار الدعم والتضامن معهم والتأكيد على المساواة في الحقوق والفرص، ويقام هذا اليوم للاعتراف بإنجازات ونجاحات المكفوفين وضعاف البصر في مختلف المجالات، ويمكن أن يكون هذا اليوم حافزاً للحكومات والمنظمات والأفراد لاتخاذ إجراءات إيجابية وفعالة لتحسين ظروفهم المعيشية.
وبحسب آخر الإحصائيات، يعاني حوالي 223.209 أشخاص في إيران من إعاقة بصرية، وهو ما يشكل 13.5% من إجمالي عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد، وبحسب الإحصائيات المتوفرة فإن 55% من المكفوفين في إيران هم من النساء، وبذلك تبلغ نسبة النساء إلى الرجال بين المكفوفين حوالي 1.22 إلى 1، أي أنه مقابل كل 100 رجل كفيف هناك حوالي 122 امرأة كفيفة.
يواجه المكفوفون في إيران العديد من المشاكل والتحديات التي تؤثر على جوانب مختلفة من حياتهم، ويمكن ذكر التحديات في العمل فمن أكبر التحديات التي تواجه المكفوفين هي العثور على وظيفة مناسبة، فالعديد من أصحاب العمل يرفضون توظيف المكفوفين بسبب الجهل أو التمييز، ويؤدي هذا الأمر إلى البطالة والمشاكل الاقتصادية للمكفوفين وحرمانهم من فرص العمل المناسبة.
كما أن البيئات العامة والحضرية غالباً ما تكون غير ملائمة للمكفوفين، ويشمل ذلك غياب الإشارات الصوتية عند التقاطعات، وعدم إمكانية الوصول إلى أجهزة الصرف الآلي، ومشاكل في حركة المرور على الأرصفة، وتتسبب هذه المشكلات في مواجهة المكفوفين للعديد من المشكلات في وسائل النقل واستخدام الخدمات العامة.
أيضاً يحتاج المكفوفون إلى معدات خاصة مثل العصي البيضاء وأجهزة القراءة بطريقة برايل والبرامج المساعدة، ويعد توفير هذه المعدات إحدى المشكلات الرئيسية بسبب ارتفاع تكاليفها ومحدودية توفرها، ولا يتمكن العديد من المكفوفين من الحصول على هذه الأجهزة بسبب ارتفاع تكاليفها، وهذا الأمر له تأثير سلبي على نوعية حياتهم.
وكذلك الوصول إلى الموارد التعليمية المناسبة والمعلمين المتخصصين للمكفوفين محدود، ويمكن أن تؤثر هذه المشكلة على جودة تعليمهم وفرصهم التعليمية، ويحتاج المكفوفون إلى موارد تعليمية خاصة، والتي في كثير من الأحيان لا يتم توفيرها لهم بسبب نقص الموارد والمرافق.
وقد يواجه المكفوفون تحديات في الوصول إلى الخدمات الصحية والطبية المناسبة، ويشمل ذلك عدم توفر المعدات الطبية المناسبة لهم، وجهل الكادر الطبي بالاحتياجات الخاصة للمكفوفين، ويمكن أن تؤثر هذه المشكلات سلباً على الصحة الجسدية والعقلية للمكفوفين.
ويواجه المكفوفون التمييز الاجتماعي وعدم المساواة بين الجنسين، ويمكن للمعتقدات التقليدية والثقافية في بعض المناطق أن تخلق المزيد من القيود عليهم، وقد تشمل هذه القيود المفروضة على الحركة الحصول على التعليم وحتى التمييز في الأسرة.
ويمكن أن يؤدي التمييز والقيود الاجتماعية إلى مشاعر العزلة والاكتئاب والقلق لدى المكفوفين، كما أن نقص الدعم الاجتماعي والأسري يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذه المشاكل، ويحتاج المكفوفون إلى الدعم النفسي والاجتماعي لمواجهة هذه التحديات.
وتظهر هذه المشاكل أن المكفوفين بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام من المجتمع والمؤسسات ذات الصلة حتى يتمكنوا من مواجهة هذه التحديات والحصول على نوعية حياة أفضل.
ويواجه المكفوفون عموماً العديد من أشكال التمييز، لكن الكفيفات يتعرضن لمزيد من التمييز بسبب ظروفهن الخاصة، والتي تتجاوز حتى التمييز بين الجنسين الذي يحكم النساء الأصحاء، قد تكون الكفيفات أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهن بسبب زيادة اعتمادهن على أفراد الأسرة في القيام بالمهام اليومية، مما يعرضهن للعنف المنزلي، ويمكن أن تشمل أعمال العنف هذه العنف الجسدي والنفسي وحتى الاقتصادي.
وبالإضافة إلى ذلك، تواجه الكفيفات المزيد من العقبات في الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ويمكن أن تكون هذه العوائق ناجمة عن الجهل أو المواقف السلبية تجاه الإعاقة، وفي بعض المجتمعات، يمكن للمعتقدات التقليدية والثقافية أيضاً أن تخلق مزيداً من القيود على الكفيفات، وقد تشمل هذه القيود المفروضة على الحركة والحصول على التعليم وحتى التمييز في الأسرة.
ويمكن أن يؤدي التمييز والعنف الاجتماعي إلى مشاعر العزلة والاكتئاب والقلق لدى الكفيفات، كما أن نقص الدعم الاجتماعي والأسري يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تفاقم هذه المشاكل، وتظهر هذه القضايا أن الكفيفات بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام من المجتمع والمؤسسات ذات الصلة من أجل مواجهة هذه التحديات.
على سبيل المثال، في إيران، تواجه الكفيفات العديد من المشاكل في الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية، ويمكن أن يكون سبب هذه المشاكل عدم تكيف البيئات والخدمات العامة للمكفوفين، كما أن المواقف السلبية والتمييزية تجاه الإعاقة يمكن أن تحد من حصولهن على العمل والفرص الاجتماعية.
وعلى الرغم من كل هذه المشاكل والتمييز، تمكنت الكفيفات في الخارج وفي إيران من الوقوف بشجاعة ضد جميع المشاكل وإسماع أصواتهن.
أمثلة على الكفيفات الناجحات في العالم وفي إيران
مارلا رونيان هي عداءة أمريكية وهي بطلة وطنية ثلاث مرات في سباق 5000 متر للسيدات، وكانت أول رياضية كفيفة تتنافس رسمياً في الألعاب الأولمبية.
وهيلين كيلر من أشهر المكفوفين والصم في التاريخ، وهي كاتبة ومتحدثة وناشطة اشتراكية، تمكنت بمساعدة معلمتها آني سوليفان من التغلب على قيودها وأصبحت واحدة من أكثر الشخصيات إلهاماً في القرن العشرين.
وفي إيران سهيلة جوركيش وهي إحدى ضحايا الاعتداء بالأسيد في إيران، ورغم فقدانها بصرها، واصلت نشاطها الاجتماعي والحقوقي وأصبحت رمزاً للمقاومة والأمل، ورامونا هاشمي فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً من شرق كردستان تنشط في الكتابة والسباحة والشطرنج، وقد فقدت بصرها تماماً في السابعة من عمرها وبدأت الكتابة في التاسعة، وأصبحت رمزاً للأمل في أن ينظر كل إنسان ومجتمع إلى وجودها لاستعادة ما خفي في وجوده.
لذلك، من الضروري أن يولي المجتمع والمؤسسات ذات الصلة المزيد من الاهتمام باحتياجات ومشاكل الكفيفات وتقديم الدعم اللازم لتحسين نوعية حياتهن، لأنه إذا لم يتم تقديم الدعم اللازم، فسوف تتفاقم الإصابات والعنف والتمييز، وتزداد هذه المشاكل وتظهر على شكل اكتئاب ومشاكل نفسية.
النساء أكثر عرضة للاكتئاب من الرجال، فيمكن لعوامل مختلفة مثل التغيرات الهرمونية والضغوط الاجتماعية والأدوار المتعددة في الحياة أن تلعب دوراً في ذلك.
في حالة الكفيفات، يمكن أن تساهم التحديات الإضافية مثل القيود الجسدية والاجتماعية في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، وإحدى القضايا المهمة في إيران هي أنه بدلاً من دعم المكفوفين، أصبحت السلطة أحد عوامل إصابة الناس بفقدان البصر، فخلال انتفاضة Jin Jiyan Azadî"" تعاملت السلطات الإيرانية بقسوة مع المتظاهرين واستخدمت قوات الأمن لقمع الاحتجاجات، وشملت هذه الإجراءات اعتقالات جماعية، واستخدام الغاز المسيل للدموع، وإطلاق الرصاص، مما أدى إلى إصابة العديد من المتظاهرين بجروح خطيرة.
واستمراراً للتفسيرات السابقة، لا بد من القول إنه خلال احتجاجات عام 2022، لم يتمكن العديد من المصابين من الوصول بسهولة إلى الخدمات الطبية بسبب الظروف الأمنية والضغوط القائمة.
وعانى بعض الأشخاص من مشاكل خطيرة، بل وفقدوا بصرهم بسبب خطورة إصاباتهم وعدم حصولهم على العلاج المناسب، وقد أثار هذا الوضع قلقاً كبيراً في المجتمع الطبي والحقوقي، واحتجت العديد من المنظمات الدولية والحقوقية على هذا الوضع وطالبت بوصول جميع الناس إلى الخدمات الطبية مجاناً وبلا خوف.
ووفقاً للتقارير، أصيب خلال الانتفاضة ما لا يقل عن 580 شخصاً بإصابات خطيرة في أعينهم، وكان الكثير منها ناجماً عن طلقات نارية، وتم الإبلاغ عن هذه الإحصائية من قبل أطباء العيون في تشرين الأول/أكتوبر 2022 ومن المحتمل أن يكون العدد الفعلي للضحايا أعلى.
إن السلطة التي تسببت في إصابة شعبها بالعمى لا يمكنها أن تدعم المكفوفين وتوفر لهم الرعاية الاجتماعية والتعليمية والأمنية اللازمة، وعلى الرغم من كل هذه الضغوطات على النساء والرجال الذين فقدوا بصرهم من قبل الحكومة، ونحن نشهد أن هؤلاء الناس ما زالوا صامدين ضد الظلم وعدم المساواة. إن نضالهم ليس فقط من أجل فقدان أبصارهم، ولكن أيضاً من أجل الظلم والقسوة التي فرضتها الحكومة على الناس.
فاقدي البصر هم الأشخاص الحقيقيون الذين يوجهون أبصارهم إلى الاستبداد والقمع وينيرون الطريق الذي يجلب الفقر والقمع والتمييز والقتل والحرب إلى العالم. أتمنى أن نحتفل باليوم العالمي للمكفوفين لجميع نسائنا الشجاعات اللاتي قاتلن بأعينهن رغم فقدانهن لعيونهن. النظام الأبوي والاستبدادي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعتقد أنه من خلال سلب عيون المقاتلين وحتى حياتهم، يمكنه قطع طريق الحرية، دون أن يعلم أن المقاتل الحقيقي يسير في طريق الحرية بعينه وقلبه.