"الوعي السياسي للمرأة: مقاربة قانونية - سيكولوجية" مضمون ورشة عمل
تهدف جمعية "قضية نسوية" إلى دعم الحصانة النفسية للمرأة وتعزيز مشاركتها ووجودها في الحياة الاجتماعية، وتمكينها قانونياً لجهة القوانين المتعلقة بحقوقها على كافة الأصعدة.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ التوسع في تحديد مفهوم الوعي والتدرج في التوعية بالحقوق وتشجيع المرأة على فهم أدوراها بدءاً من الاقتصادي وصولاً إلى السياسي، أبرز توصيات ورشة عمل نظمتها جمعية "قضية نسوية".
في باكورة نشاطاتها نظمت جمعية "قضية نسوية" بالتعاون مع "مجلس بعلبك الثقافي" وجمعية "دار البر اللبناني"، ورشة عمل حول "الوعي السياسي للمرأة: مقاربة قانونية - سيكولوجية"، جمعت مختصين وناشطين في مجال علم النفس والقانون والنسوية.
تحدثت المديرة التنفيذية للتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني المحامية منار زعيتر خلال ورشة العمل، حول حقوق النساء في لبنان بين الواقع والقانون، وتناولت المعوقات التي تضعف مشاركة المرأة اللبنانية في الحياة السياسية، والمتمثلة في العقلية الذكورية الموجودة لدى الأحزاب الطائفية، والمجتمع الأبوي، فضلاً عن التوريث السياسي والنزعة العشائرية.
ولفت المشاركون في ورشة العمل إلى أن أبزر ما تعاني منه النساء، قوانين الأحوال الشخصية، مشيرين إلى أن 21 مشروع قانون موجود في أدراج المجلس النيابي حول الزواج المدني، موضحين أن منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها الذي جاء تحت عنوان "لا حماية ولا مساواة: حقوق المرأة في قوانين الأحوال الشخصية اللبنانية"، وصفت القوانين بالتمييزية ضد المرأة، ولا تضمن حقوق المرأة الأساسية، وتضع حواجز أمام النساء اللواتي ترغبن في إنهاء زواجهن.
وتناولت الأخصائية في علم النفس العيادي ورئيسة "جمعية قضية نسوية" الدكتورة سيلفا بلوط، المقاربة السيكولوجية للوعي السياسي، وبعض العوامل التي تقف في وجه انطلاقة الوعي السياسي لدى النساء.
وأوضحت "لقد أمعن المجتمع البشري بصورته غير العادلة والشرسة، إن جاز التعبير في التحكم بالإنسان الضعيف وقمعه، ووضع العراقيل أمام سعيه لنيل حقوقه المشروعة، ومن المعلوم أنه غالباً ما يتم استهداف المرأة، باستثناء بعض المجتمعات الأمومية والتي في طريقها إلى الاندثار، فالعقلية الأبوية التي اتسمت بها بعض الأديان، إن لم يكن جميعها، تؤكد على هذا التمييز الذي اتخذ مساراً مأساوياً أو أبعاداً مأساوية".
وأشارت إلى أنه "في لبنان أسهمت التعددية في تطوير القوانين اللبنانية المدنية التي وردت في الدستور، بحيث نادت بالمساواة بين المرأة والرجل إلا أن الشواذ بقي في قوانين الأحوال الشخصية، وهنا ومن بين الحقوق المدنية، نسلط الضوء على حق المرأة في المشاركة في الحياة السياسية".
وتساءلت "هل استطاعت المرأة أن تؤدي دورها في الحياة السياسية، وأن تتمتع فعلاً بما اكتسبته؟ نحن نرى أن هذا التمتع بما اكتسبته لا يزال يشوبه الكثير من الصعوبات وهذا يعود إلى العاملين الثقافي والنفسي، ويعكس بدوره مستوى وعيها الذي لم يرتقِ"، وأضافت "هل استُثمرت هذه النضالات لصالح المرأة في ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية؟ وماهي معوقاتها؟".
ومن العوامل السيكولوجية التي تؤثر في وعي المرأة السياسي والانتخابي كما أوضحت سيلفا بلوط "القيم الأبوية البالية التي لا زالت تتدخل بالمرأة خصوصاً المرأة المتدنية التعليم وكأنها وسيلة تعويض عن شعورها بالنقص نتيجة مستواها التعليمي أو حتى عند المرأة التي حصلت تعليماً عالٍ إلا أنها تعاني من رهاب أو خوف الحصول على حريتها. إذ تخاف هؤلاء النساء من تملكهن لحريتهن، لا يعرفن ماذا يفعلن بها! ماذا يصنعن بهذه الحرية! إن الحرية مرادفة للمسؤولية والمسؤولية تعترض طريق المرأة. إذ تعتبر الكثير من النساء أن نضالهن يمنعهن من القيام بأدوارهن".
بالإضافة إلى "التبعية الاقتصادية للمرأة التي تنعكس سلباً على وضعها النفسي، فهي تضعف تقديرها لذاتها وتخفض بالتالي ثقتها بنفسها، كما تتبدى المبالغة في تقدير الأنوثة عاملاً سلبياً باعتباره يتعارض مع الذكورية".
وعن أهداف ومهام جمعية "قضية نسوية" قالت سيلفا بلوط لوكالتنا "جمعية "قضية نسوية" جمعية حديثة، وورشة العمل هذه من باكورة أعمالها، وتهدف إلى دعم الحصانة النفسية للمرأة وتعزيز مشاركتها ووجودها في الحياة الاجتماعية، وتمكينها قانونياً لجهة القوانين المتعلقة بحقوقها على كافة الصعد، ومناقشة هذه القوانين ومن بينها المتعلقة بالمشاركة بالحياة السياسية، بما يخدم دورها في المجالات كافة للحصول على حقوقها المشروعة".
وأضافت "تتجه الجمعية إلى التركيز في عملها على الموضوعية والشفافية الكفيلة بصون قضايا النساء، وتركيزها على مقاربة هذه القضايا ومناقشتها من جهة الشمولية، وحمايتها من أن تتحول إلى سلعة".
وعن المشاريع المستقبلية، أوضحت "سنعمل في البداية على التوصيات التي خلص إليها نشاطنا الأول الذي حمل عنوان "الوعي السياسي للمرأة: مقاربة قانونية - سيكولوجية"، ومتابعتها ضمن مشاريع مستقبلية بمقاربة قانونية وسيكولوجية، فضلاً عن العمل على تعزيز الجانب النفسي للمرأة لجهة تقدير الذات وتمكينها من المشاركة الإيجابية التكاملية والتشاركية مع الرجل، دون أن تتحول العلاقة إلى علاقة تنافسية ونزاعية".
وجاءت في توصيات ورشة العمل "التوسع في تحديد مفهوم الوعي والتدرج في التوعية بالحقوق كافة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التأكيد على علم السياسة بدل السياسة الشعبية والرسمية، تشجيع المرأة على فهم أدوراها بدءاً من الاقتصادي وصولاً إلى السياسي".
كما تضمنت التوصيات "التشاركية ما بين المرأة والرجل للوصول إلى الحقوق والواجبات المتبادلة، وخفض الرسوم المالية المترتبة على ترشح المرأة، وإقرار قانون انتخابي عصري وعادل وتعديل التشريعات، وكذلك بناء وعي اجتماعي بحقوق النساء، وتمكين النساء من مناقشة القوانين المتعلقة بحقوقهن".