الوضع الصحي في الشهباء بعد خمسة أعوام من النزوح

يعيش النازحون من عفرين في مخيمات اللاجئين بمدينة الشهباء في شمال وشرق سوريا، ظروف معيشية وصحية سيئة تزداد سوءاً مع مرور الوقت خاصة بالنسبة للأطفال والنساء.

قامشلو ـ أعد مركز أبحاث مؤتمر ستار تقريراً عن أوضاع مهجري عفرين الذين يعيشون الآن في مخيمات الشهباء على مدى الأعوام الخمس الماضية.

تعرضت مدينة عفرين بشمال وشرق سوريا، للهجوم من قبل تركيا ومرتزقتها في الثامن عشر من آذار/مارس عام 2018، ما اضطر الأهالي للهجرة إلى مدينة الشهباء.

وقد أعد مركز الأبحاث في مؤتمر ستار، تقريراً يسلط الضوء على ما حدث خلال السنوات الخمس الماضية من هجرة وصعوبات واجهت النساء والأطفال خلال نزوحهم من مدينتهم عفرين التي تم احتلالها من قبل تركيا ومرتزقتها، متطرقاً كذلك للحصار المفروض على مدينة الشهباء وأوضاع الأهالي بعد الزلزال، بالإضافة إلى الهجمات المستمرة والتقييم الاستقصائي.

كما يتناول التقرير الوضع الصحي في مخيمات النازحين في منطقة الشهباء مع التركيز على النساء والأطفال، كما يكشف عن الوضع الاقتصادي للنازحين من منطقة عفرين الذين يعيشون في خمس مخيمات مختلفة للاجئين في الشهباء.

ويستند التقرير إلى الدراسات الاستطلاعية التي أجراها مركز مؤتمر ستار للمعلومات في مقاطعة الشهباء في جميع مخيمات اللاجئين الخمسة التي تضم 500 عائلة، وقد ركز المسح على الوضع الصحي والاقتصادي وكذلك على الوصول إلى التعليم.

وجاء في تقرير مركز أبحاث مؤتمر ستار "بصفتنا حركة نسائية نراقب التطورات الاجتماعية في المنطقة. لدينا منسقيات ومراكز في جميع أنحاء روج آفا وشمال وشرق سوريا، تساعدنا في مراقبة الوضع وجمع البيانات. يتم جمع هذه البيانات وتحليلها من قبل مركز مؤتمر ستار للمعلومات، نتابع بقلق بالغ الأوضاع في مخيمات اللاجئين في الشهباء".

وأضاف التقرير "واجهنا الكثير من الصعوبات خلال التنقل بسبب الحصار المفروض من قبل حكومة دمشق، والذي جعل من الصعب العثور على الوقود في منطقة الشهباء. كان هذا هو السبب في عدم قدرتنا على الذهاب إلى المخيمات كثيراً، لذلك تمكنا من إجراء 500 استطلاع فقط، مقارنة بهدفنا الأولي وهو 1000".

ولفت التقرير إلى أن مركز أبحاث مؤتمر ستار زار مخيمات اللاجئين الخمس، بعد تقييم الاستطلاع ومراقبة المخيمات أجريت مقابلات مكثفة مع نازحين/ات من عفرين لفهم أفضل للوضع هناك.

وأضافت التقرير "بعد تقييم المسح ومراقبة الأوضاع في المخيمات، تبين أن هناك حوالي 300 ألف شخص نزح من عفرين إثر الهجمات واحتلال المدينة، ويعيشون الآن في مخيمات مدينة الشهباء التي تدار من قبل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وهي (مخيم عفرين، مخيم الشهباء، مخيم برخودان، مخيم سردم، مخيم فجر)"، لافتاً إلى أن "الأهالي القاطنين في المخيمات يعانون من ضعف الخدمات الطبية والصحية والاقتصادية".

وأوضح التقرير أنه "لموقع مدينة الشهباء الجغرافي، دفع بحكومة دمشق فرض الحصار على الطرق بينها وبين المناطق التي تدار من قبل الإدارة الذاتية، حيث لا يمكن إيصال البضائع أو المساعدات أو الأدوية إلى المنطقة، مما أدى إلى نقص الأدوية وغيرها من المواد الأساسية في مخيمات اللاجئين".

ونوه التقرير إلى أن الزلزال الذي كل من سوريا وتركيا وشمال كردستان في السادس من شباط/فبراير الماضي، أدى إلى انهيار العديد من المباني في مدينة الشهباء وحلب، والتي كانت قد تضررت بفعل القصف والحرب الدائرة في البلاد، لافتاً إلى أن 3000 شخص من أهالي عفرين القاطنين في مدينة حلب، نزح من مدينة حلب إلى الشهباء وقرروا البقاء في المخيمات.

وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من معاناة الأهالي وحاجتهم إلى المستلزمات الضرورية منها الأدوية، لم ترفع حكومة دمشق الحظر عن المدينة، بل قامت بعرقة جهود إيصال الوقود والمساعدات والأدوية إلى المنطقة، كما أنها احتجزت المساعدات القادمة من مناطق الإدارة الذاتية لأيام.

ولفت التقرير إلى أنه منذ احتلال مدينة عفرين، والشهباء تتعرض لقصف جوي بشكل شبه يومي من قبل الاحتلال التركي، مبيناً أن العديد من الذين فروا إلى مدينة الشهباء يتعرضون للترهيب بشكل يومي.

وأوضح التقرير أن "الوضع الاقتصادي المتدهور والفقر يأزمان الوضع الصحي في المخيمات، حيث أكدت حوالي 80% من النساء اللواتي تم استطلاع آرائهن، أن هناك نقصاً في فرص العمل داخل المخيمات وحولها، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي وتدهور الصحة إثر شبه انعدام النظام الغذائي المتوازن"، مضيفاً أن 82% من المستجيبين/ات للاستطلاع أنهم في كثير من الأحيان لا يذهبون إلى الطبيب لأسباب مالية على الرغم من مرضهم.

وللحصار المفروض من قبل حكومة دمشق على مدينة الشهباء دور في تفاقم الوضع الصحي في المخيمات بحسب التقرير، فالفرقة الرابعة التي تتولى فرض الحصار تمنع دخول أي مواد أساسية إلى المدينة تخفف عن الأهالي حر الصيف وبرد الشتاء.

وخلال الاستطلاع أجرى مركز أبحاث مؤتمر ستار لقاء مع ازدهار نازا، القابلة القانونية التي تعمل في مستشفى آفرين في الشهباء، حول الصعوبات التي تواجهنها بفعل الحصار، قائلةً "في الوقت الحالي، نشهد زيادة في عدد النساء الحوامل المصابات بالتهاب الكبد B وC، العديد منهن يتوجب علينا إرسالهن إلى مدينة حلب لعدم امتلاكنا الأدوية والمواد الطبية الكافية، كما أن نقاط التفتيش التابعة لحكومة دمشق غالباً ما تجعل الأمر صعباً علينا، وتعيق مرور المرضى"، مضيفةً "في إحدى الحالات فقدت امرأة حامل تبلغ من العمر 39 عاماً، حياتها لأننا لم نتمكن من نقلها إلى حلب، ولم تكن هناك أي وسيلة لعلاجها فهناك نقص كبير في الأدوية".

وأشارت ازدهار نازا إلى أن "الكثير من الأهالي يضطرون للذهاب إلى حلب لشراء أدوية باهظة الثمن ونقلها إلى الشهباء في الخفاء، وإذا تم الكشف عن الأدوية خلال تفتيش النساء على نقاط التفتيش التابعة لحكومة دمشق، يتم مصادرتها"، لافتةً إلى أن صحة المرأة الحامل تؤثر على الأطفال أيضاً "إن نقص المكملات الغذائية والأدوية في المنطقة وسوء تغذية النساء الحوامل في ظل الظروف السائدة في المخيمات، فإن صحة المرأة والجنين أيضاً تتأثر".

وأوضحت أن أوجه القصور في المرافق الصحية كثيرة من بينها وجود غرفة واحدة فقط لمعالجة النساء في مستشفى آفرين، وكذلك بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، فإن الأوضاع في المخيم سيئة للغاية، فبحسب التقرير فقد أفاد حوالي 10% من اللذين تم استطلاع آرائهم، أنه لا توجد مرافق ولا إمكانية لمعالجة ذوي الاحتياجات الخاصة، مشدداً على ضرورة تأمين خدمات الرعاية والعلاج للأطفال ذوي الإعاقة في منطقة الشهباء، فعدم توفر هذه الخدمات يسبب ضغوطاً كبيرة وخاصة النفسية منها على الوالدين والأسرة بأكملها.

وفيما يتعلق بنقص المراكز الصحية، أوضح التقرير أنه يشكل مشكلة خطيرة على المهجرين المقيمين في الشهباء خاصة النساء والأطفال منهم، حيث يتعين على النساء إلى حلب لتلقي العلاج أثناء الحمل والولادة، لافتاً إلى أنه غالباً ما يتم إجراء عملية قيصرية للحوامل، على الرغم من أنه ليس ضرورياً وغالباً ما يشكل خطراً على المرأة والطفل.

وذكرت النساء اللواتي تمت مقابلتهن أن الافتقار إلى الخصوصية من أكبر المشاكل التي تعانين منها في المخيمات، فالخيم قريبة جداً من بعضها البعض بحيث لا توجد خصوصية بين العائلات، وفي نفس الوقت غالباً ما يوجد أكثر من 6 اشخاص في الخيمة نفسها مما يؤدي إلى انعدام الخصوصية داخل الأسرة، مؤكدات على أن ذلك يشكل عليهن ضغطاً نفسياً كبيراً يودي بهن إلى الاكتئاب.

وأكد التقرير على أن النازحون من عفرين يعيشون في مخيمات اللاجئين في ظروف معيشية وصحية سيئة تزداد سوءاً مع مرور الوقت خاصة بالنسبة للأطفال والنساء، مشيراً إلى أن ظروف الحياة في المخيمات وتدخلات حكومة دمشق تزيدان من سوء الحالة الصحية، حيث تنتشر الكثير من الأمراض المعدية.

وشدد على أنه طالما يستمر الحصار والاحتلال، ستستمر معاناة سكان عفرين الأصليين، يعاني اللاجئون من قلة فرص العمل وبالتالي الفقر وقد تفاقمت هذه الأوضاع بسبب الحصار الذي فرض من قبل حكومة دمشق، حيث يجب على المجتمع الدولي أن يدرك خطورة وضع الآلاف من الأهالي الناس، يجب إدانة الحصار والاحتلال فالدعم غير مسموح به بسبب الحظر لذلك يجب على المجتمع الدولي أن يدرك خطورة حالة آلاف اللاجئين، هناك حاجة فورية لإنهاء الحصار والاحتلال وتقديم الدعم المالي وتأمين الأدوية والمراكز الصحية وظروف صحية أفضل.

ولفت التقرير إلى أنه بالرغم من كل تلك المعاناة، أكد الأهالي على أنهم يأملون في العودة إلى عفرين قريباً، وإنهاء الاحتلال، ليتمكنوا من العيش في أمن واستقرار وسلام.