الطمث يتحول إلى كابوس يضاعف معاناة النازحات

في ظل الظروف التي تعيشها النساء في مخيمات اللجوء في الدول التي تشهد حروباً ونزاعات، بتن تواجهن أزمة حادة فيما يتعلق بالمستلزمات الصحية الضرورية، في الوقت الذي تعانين فيه من أزمات اقتصادية.

رانيا عبد الله

اليمن ـ إن افصاح النساء عن دورتهن الشهرية أو الحديث عن احتياجاتهن الضرورية المتعلقة بها يعد من التابوهات، حيث يعتبرها المجتمع "مخجلاً"، وقد تتعرض النساء أو المهتمات بهذه القضية للتنمر والتشهير في حال تطرقن لها، وهو ما يزيد من معاناتهن.

ليس في اليمن فحسب تعاني النساء من النظرة الدونية لاحتياجاتهن الماسة والشخصية، فالحال نفسه في كثير من الدول العربية، وفي هذا الشأن عقدت مجموعة النسويات الشابات في الشبكة العربية للمجتمع المدني النسوي حلقة نقاشية بعنوان "واقع فقر الدورة الشهرية في البلدان في حالة النزاع والحرب في المنطقة العربية"، حيث تناولت الجلسات النقاشية الازمة الحادة التي تعاني منها النساء والفتيات في مناطق النزاع، خاصة فيما يتعلق بنقص المستلزمات الصحية الضرورية، وتم التطرق للتحديات الصحية الكبيرة في مخيمات اللاجئين، ووضع النساء في غزة، ووضع الأسيرات الفلسطينيات اللواتي تعانين من نقص تام في المواد الصحية.

وناقشت المشاركات غياب الدورات التعليمية والتوعية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية وغياب السياسات الداعمة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها النساء والفتيات، كما تم مشاركة واقع فقر الدورة في سياقات إقليمية أخرى من المغرب والأردن والعراق في حالات الأزمات، التطرق للأوضاع الصعبة التي تواجهها النساء والفتيات في سوريا بسبب النزاع المستمر، وصعوبة الحصول على مستلزمات الدورة الشهرية.

وقد تم استعراض تجارب وتكتيكات مختلفة للمناصرة والتعامل مع فقر الدورة الشهرية، بما في ذلك جهود المجتمع المدني والمبادرات المحلية والدولية التي تهدف إلى تقديم الدعم الضروري للنساء والفتيات المتضررات.

وتحولت الدورة الشهرية إلى معاناة أخرى أضيفت إلى معاناة النازحات، هنا تتحول الحياة إلى جحيم بالنسبة لهن، ففي أحد المخيمات بمدينة تعز جنوب غرب اليمن، تتوارى أحلام أحمد (اسم مستعار) البالغة من العمر 25 عاماً عن الأنظار وتقضي أغلب وقتها في خيمتها.

وتقول أحلام أحمد أنهن تشعرن وكأنهن إلى عدن بسنوات إلى الوراء "في كل شهر عندما يحين موعد دورتي الشهرية أشعر بالانزعاج، استخدام قطع لملابس قديمة وغير صالحة للاستخدام وأحياناً حتى هذه القطع لا أجدها ولا تتوفر، كما أنني لا أجد الظروف الصحية المناسبة للاعتناء بنظافتي الشخصية أثناء فترة الدورة الشهرية تحديداً، فجميعنا بالمخيم مشتركين بحمام واحد وغالباً نجد صعوبة في توفير المياه".

وأشارت إلى أنه "لا نملك في هذا المخيم إلا قوت يومنا، ولا نطالب إلا بالدقيق أو الأرز، أما الاحتياجات الشخصية فهي من ضمن الكمالية، ولا نستطيع التحدث عنها لأنها لا تعتبر ضرورية في نظر الكثير حتى أزواجنا".

وفي إحصائية للوحدة التنفيذية للنازحين فقد وصل إجمالي النازحين للعام 2022 على مستوى مدينة تعز 300 ألف نازح، 52% منهم من النساء، حيث بلغ عدد النازحين في مديرية المعافر جنوب مدينة تعز ما يقارب 7 ألف أسرة نازحة، منهم ما يقارب 3 آلاف أسرة متوزعة في المخيمات، وتشكل النساء النسبة الأكبر من هذا العدد.

 

مضاعفات صحية

وتقول فتحية علي وهي قابلة ومساعدة طبيبة أمراض النساء في احدى مستشفيات المدينة "إن عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية للمرأة وخصوصاً أثناء الدورة الشهرية وعدم استخدام الفوط الصحية وتغييرها بشكل متواصل قد يؤدي إلى كثير من الأمراض والمشاكل الصحية تصل أحياناً إلى السرطان بسبب استخدام البدائل الغير صحية".

وأشارت إلى أن المرأة قد تتعرض أثناء الدورة الشهرية إلى نزيف شديد، وبالتالي فهي تحتاج إلى عناية ورعاية صحية مضاعفة، والألم والمعاناة تتضاعف لدى النازحات بشكل كبير كونهن غير مستقرات ويلعب الجانب النفسي دور كبير في نزول الدورة الشهرية بشكل غير منتظم وغزير وغير صحي، مطالبة الجهات المعنية والمختصة بإيلاء هذا الأمر اهتماماً بالغاً فالصحة النفسية والجسدية تبدأ من الاهتمام بصحتها الإنجابية والجنسية لدى المرأة.

وأوضحت أن "ثقافة العيب التي تربت عليها الفتاة منذ بلوغها وبداية دورتها الشهرية الأولى سواءً في الأسرة أو المدرسة تجعل النقاش والحديث في هذا الموضوع عيباً مجتمعياً ولا يتم التطرق لهذا الموضوع حتى من الجوانب الصحية وكيفية الاهتمام بالنظافة الشخصية"، مؤكدة على "أهمية التوعية والاهتمام بالصحة الجسدية والنظافة الشخصية على مستوى واسع وأخذ الأمر باعتباره حق ضروري للنساء، وألا يتم تصوير الحديث في الحيض أو الدورة الشهرية بأنه عيب، ويقع ذلك ضمن مسؤولية الجميع".

والجدير بالذكر أن أغلب المنظمات التي تعمل في الجانب الإنساني والإغاثي في اليمن لا تولي قضية الصحة الجسدية والنفسية للنساء أثناء الدورة الشهرية أي اهتمام، ولا تراعي في استهدافها احتياجات ومستلزمات النساء للدورة الشهرية أو أثناء فترة النفاس، وخصوصاً في مخيمات النزوح.