التعليم في اليمن... صراع بين التقاليد والتطلعات

بالرغم من جميع التحديات بدأت بعض النساء اليمنيات في مواجهة التقاليد وإثبات أن التعليم حق أساسي لهن، ففي السنوات الأخيرة، زادت نسبة الفتيات الملتحقات بالمدارس والجامعات في اليمن، وذلك بفضل جهود المنظمات التي تؤكد على أهمية تعليم المرأة.

هالة الحاشدي

اليمن ـ لطالما اعتُبر تعليم المرأة عيباً بحق أهلها في المجتمع اليمني، ففي الماضي، كان يُعتقد أن تعليم المرأة يؤدي إلى خروجها عن طاعته وإفساد أخلاقها، ونتيجة لهذه النظرة، تم حرمان العديد من الفتيات من فرصتهن في التعليم، مما أدى إلى معدلات عالية من الأمية بين النساء.

في ظل التحديات المتعددة التي تواجه اليمن، لا يزال التعليم أحد المجالات التي تبرز فيها العادات والتقاليد البالية كعقبات كبيرة أمام اليمنيات. على الرغم من التقدم المحرز في السنوات الأخيرة، إلا أن العديد من المناطق اليمنية، لا سيما ذات الطابع القبلي، لا تزال متشبثة بنظرة سلبية تجاه تعليم الفتيات.

تقول شيماء عبد الكريم راجحة، طالبة إعلام في سنتها الأولى من مدينة تعز "من الصعب تحديد رأي المجتمع اليمني حول تعليم الفتيات بشكل عام، لأن هناك تفاوتات كبيرة في وجهات النظر بحسب المنطقة والثقافة. فاليمن بلد متعدد الثقافات والحضارات. ففي المدن، يُنظر إلى تعليم الفتيات الجامعيات على أنه أمر طبيعي، بينما في بعض المناطق الريفية، لا تزال العادات والتقاليد تملي على الفتيات عدم دراسة تخصصات معينة، مثل الإعلام".

قد تواجه المرأة بعض التحديات في المناطق التي تتمسك بالعادات والتقاليد، مثل بعض المناطق الريفية حيث يُعتبر خروج المرأة بدون غطاء وجه غير مقبول. بالإضافة إلى ذلك، قد تفرض العادات أحياناً حصر دور المرأة في كونها ربة منزل، وأن من المستحيل عليها إكمال دراستها الجامعية، كما بينت.

وأكدت على أن تعليم المرأة ضروري لتطور المجتمع وازدهاره "يمكن للمرأة المتعلمة أن يكون لها تأثير إيجابي على حياتها الاجتماعية لأنها تصبح قدوة للمجتمع. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها المساهمة في مجالات مختلفة، مثل تعليم الأطفال والمشاركة في تطوير المجتمع المحيط بها".

وأوضحت أن الفتيات قد لا تحظين بالدعم الأساسي من المجتمع. فقد تواجهن نقصاً في التشجيع على التعليم، أو تصادفن معارضة بسبب ظروفهن المادية والاقتصادية، لا سيما الفتيات القادمات من المناطق الريفية إلى الحضرية. ومع ذلك، يمكن للنساء تطوير مهاراتهن وبناء جيل قادم أفضل من خلال التعليم، وتغيير الصورة النمطية التي تحد من دور المرأة في المجتمع، وإثبات أنهن قادرات على تحقيق المساواة وتوسيع معارفهن وثقافتهن.

وأشارت إلى أنه يمكن للمجتمع المساهمة في توفير بنية تحتية أفضل تدعم تعليم الفتيات وتساعدهن على تحقيق أهدافهن، فعند غياب فرص التعليم أو الوظائف المناسبة للنساء، يجب أن يكون الجميع داعمين لهن، خاصة وأن النساء قد أثبتن نجاحهن بشكل ملحوظ في مجالات مختلفة.

ووجهت رسالة أكدت فيها أنه على المرأة تثقيف نفسها وتطوير مهاراتها باستمرار، وعليها عدم وضع نفسها بنطاق معين، بل عليها الاستفادة من الفرص المتاحة لها. والبحث عن معلومات جديدة، وأن تكون واثقة بنفسها وبقدراتها. وأن تحصل على دعم وثقة أهلها، لأن ثقتهم بها ستكون مصدر إلهام لها "تذكري دائماً أن لديكِ القدرة على تحقيق النجاح والتميز في أي مجال تختارينه. لا تسمحي لأي عقبات أو تحديات تقف في طريق أحلامكِ".

 

 

وقالت سونيا محمد، البالغة من العمر 20 عاماً، إن لديها أحلام وطموحات تسعى جاهدة لتحقيقها في الحياة. تطمح لتكون امرأة مستقلة قادرة على تحمل مسؤولياتها وتحقيق كل أحلامها "أثناء تنقُّلي بين المحافظات في اليمن، لطالما كانت عائلتي بجانبي لدعمي ومساندتي في تحقيق أحلامي وطموحاتي كافة. اخترتُ الالتحاق بقسم الإعلام في دراستي، رغم عدم تقبُّل المجتمع لفكرة دراسة الإعلام من قبل النساء. حيث واجهتني انتقادات ومضايقات من المجتمع بسبب هذا الاختيار، بالإضافة إلى التحديات التي تعاني منها المرأة بسبب النظرات الدُّونية من حولها".

ونصحت جميع الفتيات بعدم التوقُّف عند نقطة معيَّنة، بل النظر إلى المستقبل وتحقيق ما ترغبن فيه حتماً، بالإضافة إلى التخطيط لتحقيق أحلامهن وتحديد ما ستفعلن في المستقبل.

وأوضحت أنها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى يستهدف الفتيات، باعتبارهن الفئة الأكثر ضعفاً في المجتمع والمعرضة للاستغلال. وتهدف من خلال هذا المحتوى إلى تمكين الفتيات وجعلهن أكثر ثقة بأنفسهن، وبالتالي حمايتهن من الاستغلال. كما تركز على تغيير العادات والتقاليد التي تؤدي إلى استغلال النساء، وتعمل على تشجيع الفتيات لمواجهة المجتمع بثقة دون خوف، وتسعى إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع وجعلها قوة فاعلة ومساهمة.

وبينت أنه عندما تواجه المرأة الاستغلال المجتمعي وتواجه وصمة العار، يصبح من الضروري أن تعتمد على نفسها وتسعى للاستقلال. فالاعتماد على الذات يمكنها من تحقيق أهدافها وتحقيق أحلامها دون الحاجة إلى الآخرين. وبهذه الطريقة، تكسر النساء القيود التي تفرضها عليهن المجتمعات المحافظة وتصبحن قادرات على بناء حياة تليق بكرامتهن وتطلعاتهن.