التحول التربوي في إقليم شمال وشرق سوريا
أكدت سميرة حاج علي أن هيئة التربية والتعليم في إقليم شمال وشرق سوريا تعمل على تحديث وتطوير المناهج وفق رؤية تشاركية، مع التركيز على دعم الطلبة وتأهيل المدارس، وتوسيع التعليم المهني، مشددةً على أهمية التعليم في بناء الهوية الوطنية.

سوركل شيخو
قامشلو ـ أعلنت هيئة التربية والتعليم في إقليم شمال وشرق سوريا عن اختتام العام الدراسي 2024ـ 2025 بنجاح، حيث بلغ عدد الطلاب والطالبات فيه 713.553 إلى جانب 35.013 معلمة ومعلم، موزعين على 3647 مدرسة.
بحسب الإحصاءات الرسمية، تم هذا العام ضم 386 مدرسة جديدة إلى هيئة التربية والتعليم في إقليم شمال وشرق سوريا، ليصل عدد المدارس التي ستستقبل الطلاب في العام الدراسي الجديد إلى 4,033 مدرسة.
وفي حديثها مع وكالتنا، تطرقت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم، سميرة حاج علي، لاستعدادات العام الدراسي 2025-2026، مشيرةً إلى أن الهيئة قامت بتقييم شامل للنجاحات والتحديات التي واجهت العملية التعليمية خلال العام الماضي، بما في ذلك النواقص التي ظهرت في البنية التربوية والمناهج، كما أجرت سلسلة من النقاشات والحوارات التربوية بهدف معالجة هذه التحديات، وتحسين جودة التعليم في ظل التغيرات التي طرأت بعد سقوط النظام السوري السابق، لا سيما فيما يتعلق بمصير الطلاب الذين كانوا يتلقون تعليمهم وفق مناهج حكومة دمشق.
"خطة ثلاثية لتحديث المناهج التعليمية في المنطقة"
وأكدت سميرة حاج علي، أن الهيئة تعمل حالياً على تنفيذ سلسلة من التطويرات التربوية بما يتماشى مع أحدث الأساليب التعليمية المعتمدة عالمياً، وذلك بهدف تحسين جودة التعليم وتحديث المناهج الدراسية، كما وضعت استراتيجية تمتد لثلاث سنوات لتحديث مناهج الإدارة الذاتية، بالتعاون مع نخبة من الأكاديميين وخبراء المناهج.
وقالت إنه "في عام 2024، تم تعديل وتطوير أربع مواد تعليمية، وفي العام الحالي تم الانتهاء من تعديل أربع مواد إضافية، ومن المقرر أن تُعتمد هذه المواد رسمياً مع انطلاق العام الدراسي الجديد، والعام المقبل سيكون المرحلة الأخيرة من هذه الاستراتيجية، حيث سيتم تعديل المواد المتبقية، وبذلك تكون الهيئة قد نجحت في تحديث شامل لجميع المناهج الدراسية خلال ثلاث سنوات، بمعدل أربع مواد في كل عام".
وأوضحت سميرة حاج علي أن "عملية تغيير المناهج الدراسية تمت وفق رؤية تشاركية وتقييم شامل، شمل مختلف أطراف العملية التعليمية من طلاب وأهالي ومعلمين، حيث أُخذت آراؤهم بعين الاعتبار لضمان أن تكون المناهج أكثر ملاءمة وواقعية".
وأكدت أهمية إشراك الطلاب في تطوير المناهج، مشيرة إلى أن إعداد المحتوى التعليمي تم وفقًا لمستوى تقييمهم ومشاركتهم الفعلية داخل الصفوف "قد يكون الطالب من أكثر الأشخاص نشاطاً، وقد يمتلك القدرة على التدريس والبحث والمناقشة داخل الفصل، بل وحتى طرح الأسئلة على أسرته ومشاركتها مع أصدقائه، وهذا النوع من التفاعل هو ما نسعى إلى تعزيزه".
وأضافت أن "التطور المستمر في العلوم والمعارف يتطلب أيضاً الاهتمام بتدريب المعلمين وتأهيلهم، وهو ما توليه الهيئة أهمية خاصة، ومن أبرز استراتيجيات الهيئة في هذا السياق، العمل على إطلاق نظام جديد للمدارس المهنية، يهدف إلى تزويد الطلاب بالمهارات العملية والمعرفية".
جهود مكثفة لتأهيل المدارس وتوفير المستلزمات التعليمية
وأشارت سميرة حاج علي، إلى وجود عدد كبير من المدارس المدمرة أو شبه المدمرة، مؤكدة على أهمية تجهيز البنية التحتية لهذه المدارس لضمان استقبال الطلاب في ظروف مناسبة وآمنة.
وفيما يتعلق بالحلول المطروحة، أوضحت أن "أعمال الترميم تُنفذ من خلال الميزانية العامة التي توفرها الإدارة الذاتية، إلى جانب تلبية الاحتياجات الأساسية للمدارس من الوقود والمستلزمات المكتبية لضمان سير العملية التعليمية بسلاسة".
وأضافت أن المعلمين باشرت بفتح أبواب المدارس أمام الطلاب في 14 سبتمبر/أيلول، وذلك بعد الانتهاء من تسجيل طلاب الصف الأول واستكمال التحضيرات اللازمة لانطلاق العام الدراسي الجديد.
وفي سياق الاستعدادات، شددت سميرة حاج علي على أهمية توفير الكتب الدراسية للطلاب منذ اليوم الأول للدوام، مشيرةً إلى أن عدداً كبيراً من الكتب قد تم طباعته بالفعل، بينما لا تزال بعض الكتب قيد الطباعة.
"ارتفاع كبير في عدد الطلاب مع توسع مناهج الإدارة الذاتية"
كشفت هيئة التربية والتعليم في شمال وشرق سوريا عن بيانات العام الدراسي 2024-2025، حيث بلغ عدد الطلاب والطالبات المسجلين 713,552، إلى جانب 35,013 معلماً ومعلمة، موزعين على 3,647 مدرسة.
وفي هذا السياق، أشارت سميرة حاج علي، إلى أن العام الدراسي الجديد سيشهد تغيرات ملحوظة في أعداد الطلاب والمدارس والمعلمين، نتيجة للإقبال الكبير على التسجيل، خاصة في الصف الأول، بالإضافة إلى التحاق المزيد من الطلاب بمناهج الإدارة الذاتية.
وأكدت أن عدد الطلاب سيتجاوز الرقم المسجل في العام الماضي، مرجعةً ذلك إلى التوسع في اعتماد مناهج الإدارة الذاتية، مما سيؤدي بدوره إلى زيادة في عدد المعلمين والمدارس.
وفي ردها على سؤال حول مصير الطلاب الذين كانوا يتلقون تعليمهم في المناطق الخاضعة سابقاً لسيطرة النظام السوري السابق، أوضحت سميرة حاج علي أن جميع هؤلاء الطلاب باتوا اليوم جزءاً من منظومة التعليم التابعة للإدارة الذاتية، وأن كافة المدارس الواقعة ضمن المقاطعات التابعة للإدارة الذاتية أصبحت تحت إشراف الهيئة التربوية، وتُدرّس مناهج الإدارة الذاتية بشكل كامل.
وشددت على أن هؤلاء الطلاب سيواصلون تعليمهم ضمن النظام الجديد، وسيتلقون المواد الدراسية وفق المناهج المعتمدة من قبل الإدارة الذاتية، بما يضمن انسجامهم مع التوجهات التربوية الجديدة في المنطقة.
"نازحو عفرين والشهباء في قلب خطة التعليم"
في تقييمها للعام الدراسي، أكدت الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في شمال وشرق سوريا، سميرة حاج علي، أن الهيئة لم تغفل أوضاع نازحي عفرين والشهباء الذين هجروا إلى مقاطعات الطبقة والرقة والجزيرة قبل حلول رأس السنة.
وأشارت إلى أن هؤلاء النازحين يدخلون عامهم الثاني من النزوح، حيث يتم إيواؤهم في عدد من المدارس ضمن تلك المقاطعات، مما شكّل تحدياً إضافياً أمام العملية التعليمية.
ولفتت سميرة حاج علي إلى أن "عدداً من الطلاب النازحين تمكنوا من مواصلة تعليمهم جنباً إلى جنب مع طلاب مقاطعتي الفرات والجزيرة، كما استمر طلاب المعاهد في دراستهم داخل المؤسسات التعليمية، حرصاً على عدم حرمانهم من حقهم في التعليم".
وفيما يتعلق بخطط الهيئة لإخلاء المدارس من اللاجئين، أوضحت أن "جهوداً كبيرة تُبذل في مقاطعتي الطبقة والرقة لإيجاد أماكن بديلة لإيواء اللاجئين، بهدف إعادة المدارس إلى وظيفتها الأساسية كمؤسسات تعليمية".
وأضافت "من بين الحلول المطروحة توفير غرف صناعية جاهزة تُوضع في باحات المدارس، تطبيق نظام التناوب في الدوام المدرسي، بحيث يُقسم اليوم الدراسي إلى ثلاث فترات، وإخلاء بعض المدارس بالكامل لضمان استمرارية التعليم لجميع الطلاب".
وأكدت أن "هذه الخطط ستُنفذ خلال العام الدراسي 2025-2026، وأن الهيئة بذلت جهوداً خلال العام الحالي، إلا أن تقييم أداء الطلاب أظهر أن مستوى التحصيل العلمي لم يكن كافياً، لذلك، ستُكثف الجهود هذا العام لضمان حصول جميع الطلاب، وخاصة النازحين، على تعليم أفضل وأكثر تكافؤاً".
"التعليم هوية وطنية والمفاوضات مستمرة لضمان مستقبل الطلاب"
في سياق المفاوضات الجارية بين هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية ووزارة التربية التابعة للحكومة السورية المؤقتة، أوضحت سميرة حاج علي، أن اجتماعات رسمية عُقدت بين الطرفين، وأسفرت عن وضع آلية ناجحة لتنظيم امتحانات الصف التاسع والبكالوريا وفق مناهج دمشق".
وأضافت أن "هذه الاجتماعات تضمنت بنوداً متعددة، من بينها بند خاص بالامتحانات، إلى جانب استعداد لجنة التعليم في الهيئة لمناقشة مستقبل طلاب إقليم شمال وشرق سوريا، بل وفي سوريا عموماً، بما يضمن استمرارية التعليم للجميع".
وأكدت سميرة حاج علي أن المرحلة الحالية تُعد حساسة للغاية، داعية إلى تكاتف الجميع لتجاوزها بروح المسؤولية والتعاون، مشددةً على أهمية التعليم في بناء الهوية الفردية والوطنية، معتبرةً أن تحديد هوية الطلاب والأطفال من خلال المناهج التعليمية هو أمر جوهري، لأنه يُعزز وجودهم واستقلالهم في المجتمع.