السمفونية المريرة... نساء شهدن على القصف الكيماوي على سردشت

بالرغم من مرور 36 عاماً على تعرض مدينة سردشت للقصف الكيماوي إلا أهالي المدينة لا يزالون يعانون من آثار مجزرة يرون أنها لم تلق الاعتراف الجدير بها من المجتمع الدولي.

لارا جوهري

سردشت ـ تعرف سردشت على أنها أولى المدن التي تعرضت للقصف الكيميائي، تلك الذكرى الأليمة وآثارها لا تزال عالقة في مخيلة أهالي المدينة.

خلال سنوات الحرب ما بين ضفتي الخليج، اعتاد أهالي مدينة سردشت بشرق كردستان سماع الصوت المدوي لقصف الطيران العراقي، لكن بعد ظهر 27 حزيران/يونيو 1987، اختلف المشهد، فقد ألقت الطائرات قنابل على أربعة أحياء مختلفة، لكن صوت انفجارها لم يصم الآذان كما المعتاد.

لم يتصور العديد من السكان أن الغاز السام قد يستخدم ضد المدنيين، ولجأوا إلى التدابير التي كانوا أوصوا باعتمادها في حالات القصف التقليدي، لا سيما الاحتماء في ملاجئ تحت الأرض، غير مدركين أن الغاز سرعان ما سيتسرب إليها.

ولا تزال المدينة وسكانها يعانون من آثار القصف الجوي الكيماوي، فمادة الخردل لا تعتبر مميتة، بل تحدث مضاعفات خطيرة طويلة الأمد بما في ذلك مشاكل تنفسية خطيرة، وآفات في العين، ومشاكل جلدية، بالإضافة إلى مشاكل في جهاز المناعة.

تقول "خاتون. م" وهي إحدى الشاهدات على القصف الكيماوي، "في ذلك اليوم كان الأمر كما لو كانت الحجارة تتساقط من السماء. كان منزلنا الذي يقع في وسط المدينة هو الأكثر تضرراً من المواد الكيميائية، لقد تعرض أطفالي بشدة للمواد الكيماوية، وقد أرسلنا ابنتي ليلى إلى تبريز"، مشيرةً إلى أن هي أيضاً تضررت حيث أصبحت الرؤية لديها غير واضحة، لافتةً إلى أن ابنها كان جندياً لذا تم إرساله لمساعدة الجرحى.

وأوضحت أن شقيقها الذي كان متواجداً في مكان القصف فقد حياته مباشرةً ولم تره قط، لافتةً إلى أنه بالرغم من مرور سنوات على إصابتها إلى أنها لا تزال تعاني من آثارها الجانبية.

وينتمي غاز الخردل أو "خردل الكبريت" وهو مركب كيميائي لصنف المركبات العضوية التي تدعى الثيولات، وهو سائل يصدر بخاراً خطراً، ويسبب حروقاً وتقرحاً في الجلد المعرض، ويؤذي الجهاز التنفسي عند تنشقه، ويسبب التقيؤ والإسهال عند ابتلاعه، ويلحق أضراراً بالأعين والأغشية المخاطية، والرئتين والجلد والأعضاء التي يتولد فيها الدم.

 

لا يزال احتمال التلوث الكيميائي قائماً

عن تعرضها للمواد الكيماوية تقول "صغرى. ك" وهي معلمة في مدينة مهاباد "في ذلك الوقت كنت أُدرس في منزل قديم ومتهدم نسبياً. قررت أن أمد يد المساعدة حتى يكون لدى الأطفال المزيد من الحافز للدراسة. كان من المفترض إعادة بناء الجزء العلوي من السطح، ولكن عندما حاولوا إصلاح بالسقف المصنوع من القش، أثير البعض من الغبار، كنت هناك واستنشقت ذلك الهواء. بعد مرور بعض الوقت، شعرت فجأة بالغثيان وبدأت في التقيؤ وشعرت بضيق في التنفس. ومن ثم أصيبت بشرتي بالحكة. قالت إحدى نساء القرية اللواتي رأينني في تلك الحالة، أنني تعرضت لمادة كيمائية، لذا توجهت إلى المستشفى وهناك أخبروني أنني تسممت بغاز الخردل"، مشيرةً إلى أنه بالرغم من مرور عدة سنوات لا تزال تشعر بضيق في التنفس.

وبالرغم من مرور 36 عاماً على المجزرة لا يزال الناجون يأملون في أن تنال مدينتهم اعترافاً دولياً بما تعرضت له، وتصبح رمزاً للهجمات بأسلحة غير تقليدية، حالها كحال مدينة هيروشيما اليابانية التي ألقى عليها الجيش الأميركي قنبلة نووية خلال الحرب العالمية الثانية، وينتقدون صمت المجتمع الدولي حيال ما تعرضوا له.