النضال النسائي المشترك هو ضمان الخروج من مرمى الحروب والإبادة
أكد تحالف ندى أن الوضع في العالم متشابه، فما تعيشه نساء أوكرانيا تعيش نساء الشرق الأوسط وضعاً مضاعفا له، وأن الحديث عن استثمار في النساء للتنمية في ظل العنف والتقتيل غير ممكن.
مركز الأخبار ـ أصدر تحالف ندى وهو التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بياناً اليوم الأربعاء 6 آذار/مارس أكد فيه على أن النضال النسائي المشترك هو ضمان الخروج من مرمى الحروب والإبادة، وأنه "لا يمكن أن نتحدث عن استقلال للنساء وأعياد واحتفاء، وهن يُبَدن علنا".
جاء في بيان التحالف أنه "بمناسبة حلول اليوم العالمي للمرأة في العام 2024، يمكننا القول أنه لا يمكن أن نتحدث عن استقلال للنساء وأعياد واحتفاء، وهن يُبَدن علنا، سواءً في فلسطين على يد الاحتلال الغاشم، أو في سوريا على يد الفصائل المسلحة والتنظيمات المتطرفة والقوات التركية، أو في السودان على يد قوات الدعم السريع والمليشيات، أو في ليبيا واليمن على يد الحوثيين، أو غيرها من الدول التي تُنتَهَك فيها الحرمة الجسدية للنساء، ويُنَكَّل بهن أمام مرأى العالم ومسمعه دون أن يحرك له ساكناً، برغم التحركات النسوية والحقوقية وصيحات الفزع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بكل اللغات لإيقاف التجاوزات التي بلغت درجة الإجرام المنظم المستهدف للنساء بشكل معلن في معركة يُشرِف عليها كارهو النساء".
وأضاف البيان "في فلسطين، تُرتَكَب أفظع إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني منذ 8 أكتوبر من السنة الماضية، وتشكل النساء والأطفال 70% من عدد ضحاياها. ويقترف الكيان الصهيوني سياسة التطهير العرقي من خلال الحرب الهمجية، التي شنها ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وسياسة التجويع والتشريد والتعطيش، التي جعلت الأطفال يموتون جوعاً أمام أعين أمهاتهم. كما تتعرض الأسيرات للاغتصاب والتحرش الجنسي والتعذيب على أيدي عناصر الجيش الإسرائيلي، حسب ما وثقته الأمم المتحدة نفسها في تقرير يدين نظام الأبارتهايد الصهيوني الغاصب، وهو ما وقفت ضده كل شعوب العالم منددة ومطالبة بوقف العدوان على غزة، ووضع حد للاحتلال الصهيوني لفلسطين، ومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب ضد الفلسطينيين".
وأكمل البيان عن قتل النساء خلال الحروب "أكدت تقارير أممية أن 16 ألف امرأة قُتِلت منذ بداية السابع من أكتوبر، وهو رقم خطير وغير مسبوق، فيما أكدت تقارير أخرى ان 29 ألف امرأة سورية قُتِلت منذ بداية الحرب على يد القوى المختلفة المحتلة للبلد، فيما قُتِلت 14 ألف امرأة وطفل في اليمن إلى حدود عام 2022، حسب تقارير غير محَيَّنة بسبب استمرار العدوان. هي أرقام تترجِم ماكينة العنف التي مسّت النساء بدرجة أولى، ولم توقفها أي جهة برغم المساعي المبعثرة والخجولة في إطار نظام عالمي رأسمالي يستهدف النساء، سواءً بالتشغيل الهش أو العنف المزدوج من السلطة المحتقرة للنساء ومن المجتمع الذي مازالت نظرته لهن بدونية واستنقاص".
ولفت إلى أوضاع النساء في السودان "لا يمكن أن نغَيِّب بشاعة ما تعيشه السودانيات من تنكيل وقتل واغتصاب وتهجير قسري منذ انطلاق العمليات العسكرية بين الدعم السريع والجيش السوداني، وقبل اجتياح منطقة الجزيرة كانت النسب 10 آلاف قتيل و15 مليون جريح ولاجئ، وتدفع النساء في جنوب وشمال السودان ثمن هذه الحروب، ففي آخر اتفاق سلام حول حكومة ديمقراطية بين الحركة الشعبية والحركات المتنازعة، استولت حكومة الإسلاميين على السلطة، قاطعةً الطريق أمام هذا الاتفاق، لتستمر الحرب بويلاتها، وعانت خلالها النساء من كافة أشكال العنف، ولم يسمع العالم بهذه الانتهاكات نتيجة التعتيم، فضلاً عن صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم. وتتعرض النساء في الكثير من المناطق في السودان للاغتصاب، فهناك مطالبات بحبوب منع الحمل من قبل النساء، وقد باتت كل امرأة وفتاة في خطر نتيجة تمدد العمليات في كافة المناطق، فالحروب تخاض على أجساد النساء".
كما أكد البيان أن العنف يقتصر على الحروب فالعنف المجتمعي والأسري أثر كثيراً على المرأة "لم تكن النساء اللواتي تعيش بلدانهن حروباً فقط المستهدفات، فحتى الدول المستقرة نسبياً عاشت نساؤها واقعاً سوداوياً محاطاً بالعنف والدم، فقد كان عام 2023 الأشد على التونسيات من حيث جرائم تقتيلهن، حيث بلغ عدد القتيلات 27 أغلبهن كن ضحايا للعنف الزوجي، وتشير الارقام إلى تضاعف نسب العنف بسبع مرات منذ سَن القانون عدد 58 لمكافحة العنف عام 2017، وتُعيب النسويات على الدولة عدم وضع إطار واستراتيجية لضمان تنفيذ القانون للضغط على النسب المخيفة، فلا يمر يوم دون أن تصل شكايات العنف على الرقم الأخضر الذي جهزته وزارة الأسرة والمرأة في تونس".
وأضاف "ليس بعيداً عاشت 1،5% من النساء المغربيات عنفا إلكترونياً العام الماضي وفق المندوبية السامية، حيث يشكل هذا الشكل من العنف 19% من أشكال العنف الأخرى، برغم وجود القانون 13\103، ظلت النسب مرتفعة. تواجه النساء في المغرب أوضاعاً صعبة بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي أدت إلى الغلاء الفاحش للأسعار وتدهور الخدمات الاجتماعية، وتسليع الموارد الطبيعية، وفي مقدمتها الماء، مما أخرج النساء في مظاهرات كبيرة ببعض مناطق المغرب. وشكلت النساء أيضاً الجزء الأكبر في المظاهرات العارمة والإضرابات التي نظمتها هيئة التدريس خلال الشهور الماضية دفاعاً عن حقوقهم وعن المدرسة العمومية. كما لازالت القوانين المغربية مليئة بمضامين تمييزية ضد النساء، وعلى رأسها مدونة الأسرة، التي تخوض المنظمات النسائية والديمقراطية حملة من أجل تغييرها، بما يضمن الحقوق والمساواة للنساء. وتواصل أمهات وزوجات المعتقلين السياسيين النضال، ومعهن الحركة الحقوقية المغربية، من أجل إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي بالمغرب، ومن ضمنهم معتقلة الرأي "سعيدة العلمي"، المحكومة بثلاث سنوات سجناً، بسبب كتاباتها المنتقدة للنظام السياسي بالبلاد".
وأثنى البيان على المجتمع المدني الذي كان واقفاً دائماً بجانب المرأة "برغم أن العنف ضد النساء كان مسكوتاً عنه في الدول المغاربية، لكن بفضل المجتمع المدني وظهور الحركات الحقوقية في العقود الأخيرة، تم كسر "التابو" والحديث عن هذه الظاهرة التي باتت تفتك بالنساء والفتيات".
وجاء في البيان أيضاً أنه "حتى الكرديات لازلن يتعرضن للقتل والخطف على يد الفصائل المسلحة والقوات التركية بشمال شرق سوريا، فضلا عن استمرار القصف والاستهداف لبيوتهن وللبنى التحتية، واستمرار اغتيال الرياديات والناشطات في مجال الدفاع عن حقوق النساء اللواتي يرفضن التنكيل التركي المنظم".
ولم ينسى البيان ما تعانيه نساء موريتانيا من أجل سن قانون يحميهن "تناضل النساء في موريتانيا منذ 2012، لسَنِّ قانون يجرم العنف ضد النساء والفتيات، وقد قدمت جمعيات حقوقية منذ ذلك الوقت مشروع قانون لم يرَ النور إلى اليوم وسط ارتفاع لظاهرة تعنيف النساء"
وبحسب البيان دول الشرق الأوسط تعيش فيها النساء وضعاً صعباً محاصراً بالعنف والإقصاء والتهميش، والتعتيم الإعلامي عن الأرقام الحقيقية للعنف "أوضاع متشابهة في شمال وشرق أفريقيا والشرق الأوسط محاصرة بالقهر والظلم المسَلَّطَين على النساء، برغم دور المجتمع المدني والجمعيات النسوية في الدفع بالنهوض بواقع النساء والنأي بهن عن الصراعات والحروب التي بتن دروعا لها".
وأضاف "يجدد تحالف ندى النسائي الإقليمي أسفه على أوضاع النساء في المنطقة، وعلى استمرار العدوان والإبادة لنساء غزة المحاصرة وفلسطين، والذي يعطي استمرار الإجرام لتطبيع المجتمع الدولي والأنظمة الإمبريالية والرأسمالية مع تقتيل النساء واستهدافهن، ويؤكد التحالف أن استمرار انتهاك حقوق النساء والحرمة الجسدية لهن لن يدفع إلا بنشر الفوضى والتطبيع مع العنف، ويدعو المجتمع الدولي إلى التحرك فعلياً لإيقاف مآسي النساء في غزة وسوريا والسودان والعراق واليمن وليبيا وتركيا وإيران وأفغانستان وكل المناطق التي تشهد حروباً وصراعات أهلية وقبلية ودولية، ويجدد التذكير بأن التنديد وحده لم يعد كافياً، ويحث الحركة النسوية في العالم على تحكيم أسس التضامن مع كل النساء دون تمييز واقصاء، ويدعو الهيئات الأممية إلى إطلاق حملات داعمة للنساء في مناطق الصراع، ويُذكِّر بأن الوضع في العالم متشابه. فما تعيشه نساء أوكرانيا نتيجة الغزو الروسي تعيش نساء الشرق الأوسط وضعا مضاعفا له، ويؤكد أن الحديث عن استثمار في النساء للتنمية في ظل العنف والتقتيل غير ممكن.
واختتم البيان بالتأكيد على أنه "بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، يجدد التحالف التأكيد على أن النضال النسائي المشترك هو ضمان الخروج من مرمى الحروب والإبادة.