المرأة صاحبة القرار والإرادة...هذا ما تتطلع إليه نساء شمال وشرق سوريا

تسعى نساء شمال وشرق سوريا لتحقيق قفزات نوعية وتطورات سياسية واجتماعية هامة، عبر تجاوز الأزمات والتَّكاتف وإيجاد الحلول للمشكلات، ووضع خطط عمل جديدة

قامشلو - .
لا تزال النَّساء في شمال وشرق سوريا، يعملنَّ على إيجاد الحلول وتمكين أنفسهنَّ رغم التَّقدم الذي حققنه في جميع المجالات، ويبزر ذلك عبر مساهمتهنَّ في النَّقاشات وإبداء الآراء، كما يحدث في المؤتمر التأسيسي الأول لمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا الذي انطلق اليوم 11 حزيران/يونيو، بمدينة قامشلو.
 
"لدينا أحكام وقوانين مُعدلة تحتاج للمصادقة"
 
 
تقول عضو منسقية مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا جورجيت برصومو، وهي من المكون السَّرياني أنه بعد تأسيس المجلس في الـ 14 من حزيران/يونيو 2019، ينعقد المؤتمر التأسيسي الأول في 11 حزيران/يونيو 2021 "كان من المُفترض أن يعقد هذا المؤتمر بعد عام من التأسيس، ولكن ظهور جائحة كورونا والاحتلال التَّركي لمناطق في شمال وشرق سوريا، حال دون ذلك". 
وتعتبر أن مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا يتميز بكونه صوت المرأة "المرأة هنا حققت مُكتسبات كبيرة، وتحولت لأيقونة وصورة تعكس حقيقة الإرادة والحرية".
وعن أبرز المواضيع التي يجب أن يتطرق إليها المؤتمر قالت "لدينا أحكام وقوانين المرأة التي لا بد من المُصادقة عليها، حتى ترفع للمجلس التَّشريعي ويصادق عليها، ليُطبق قانون المرأة الجَّديد بعد التَّعديلات التي طرأت عليه، من خلال اللجنة القانونية الموجودة التي تشكلت بعد تأسيس المجلس".
وتضيف "هنالك قرارات حاسمة نضعها لتكون خطوة حثيثة على درب تقدم المرأة، منها الوقوف على الاحتلال التَّركي والمجازر التي ارتكبها بحق الشَّعوب، والبيئة، والطَّبيعة، ومن المقرر عقد كونفراس خاص بهذا الموضوع، إضافة للقضايا المُتعلقة بتمكين المرأة والتَّحول الدَّيمقراطي".
وعلى الرَّغم من أن المواضيع آنفة الذَّكر طُرحت في مؤتمرات سابقة، لم يتم إيجاد حلول لها، والحديث لجورجيت برصومو "اليوم هنالك نساء من مختلف منظمات المجتمع المدني، والتَّنظيمات النَّسوية وكافة الأحزاب السَّياسيَّة، من كافة الأديان والطَّوائف، يعملنَّ على خلق امرأة حرة حقيقية، تثبت وجودها على مستوى سوريا في العمل السَّياسي واتخاذ القرارات".
وأكدت جورجيت برصومو على أهمية المؤتمر بالنسبة لنساء شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص وسوريا عموماً "نعرف دورنا ومسؤوليتنا تجاه المرأة في هذا المجلس، ونتعهد بأن نرتقي بالمرأة ونرشدها لموقعها الصَّحيح في المجتمع والوطن".   
 
بعد أكثر من 74 فرماناً... المرأة الإيزيدية تثبت وجودها في كافة المؤتمرات 
 
 
أما الرئاسة المشتركة للبيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة ليلى إبراهيم فتتحدث عن مشاركتها في المؤتمر "أنا هنا لأمثل جميع الإيزيديات، كوننا تعرضنا لـ 74 فرماناً، لذا وجب وجودنا في كافة المحافل، والنضَّال من أجل نيل حقوقنا". 
وتبين أن الإيزيديين تعرضوا لجميع أنواع الإرهاب، ولكن رغم هذا لا يزالون يعتزون بقوميتهم وديانتهم "نريد رفع مستوانا الثَّقافي والمعيشي، وإثبات وجودنا، ونضالنا من أجل شعبنا".
وعن طرح قضية المرأة في مثل هذا المؤتمر تقول "نساء سوريا عامة مُضطهدات، وأكثرهنَّ المرأة الإيزيدية، لذا نسعى لرفع مستواها العلمي والثَّقافي، نظراً لأن حملات الإبادة ضدنا تسببت بخلق نسبة كبيرة من الإيزيديات الأميات".
وتخطو الإدارة الذَّاتيَّة في شمال وشرق سوريا خطوات حثيثة من أجل دعم جميع المكونات، وتوضيح قوة الإيزيديات، ورؤيتهن الخَّاصة لجميع القضايا، كما تقول ليلى إبراهيم.
وتتمنى أن يتم الاعتراف بالجرائم المُرتكبة بحق المرأة الإيزيدية "نريد أن يعترفوا بحقوقنا، وينال من ظلمنا جزائهم في المحافل الدَّوليَّة وعلى مرأى من العالم".
وتعتبر أن الإيزيديات قادرات على رفع أصواتهنَّ والإدلاء بشهاداتهنَّ أمام المعنين بالأمر "ندعم القوانين التي تحمي المرأة وتحقق أمنياتها، ولا فرق بين جميع المكونات هنا، وكـ إيزيديين نمد أيدينا للسلام بشكل دائم".
وتؤكد على أن دورهنَّ من خلال المؤتمرات إبداء آرائهنَّ، ووضع الحلول للعديد من المشكلات، وإقرار دستور يتناسب مع قضاياهنَّ "توحيد صوت المرأة لوضع دستور يحمي حقوقها يرتقي بفكر مجتمعاتنا".
 
المرأة تبدأ بالخطوات الأولى لقفزة نوعية سياسية خاصة بها
 
 
تقول ممثلة حزب الاتحاد الدَّيمقراطي بمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا وتنظيمات المرأة في الأحزاب السَّياسية بمنسقية المرأة بيريفان فقي "بدأنا مؤتمرنا بشعار (ثورة المرأة ضمان مجتمع ديمقراطي حر) هذا بحد ذاته تأكيد على أننا نعمل على بناء سوريا ديمقراطيَّة".
وتبين أن هذا المؤتمر هو الأول لمجلس المرأة بعد المؤتمر التَّأسيسي "يأتي ذلك بعد عامين من الفعاليات والنَّشاطات التي قام بها المجلس، وهذا أسلوب لتحديد استراتيجية عمل جديدة".
وعن أهداف المؤتمر تقول "نريد أن نطور المرأة في كافة المجالات سياسياً، واقتصادياً وعسكرياً وإدارياً، واجتماعياً وثقافياً، فقضية المرأة مجتمعية بحد ذاتها لا يمكن حصرها، لأنها هُمشت من النَّاحية السَّياسيَّة خاصة، كون هذا المجال يضعها في مركز صنع القرار". 
وعبر برنامج العمل ضمن العام المقبل، هنالك مساعي لتكون المرأة قادرة على التَّمثيل بالشَّكل السَّياسي والاقتصادي والإداري، فهي عندما تُربي وتُهذب وتُدير أسرتها تقوم بعمل سياسي، فالسياسية فن وإدارة وإبداع، لذا يجب أن تزيد من ثقافتها وتدرب نفسها، وبرز ذلك عبر نظام الرَّئاسة المُشتركة الذي يعد إنجازاً لها، كما تقول.
وتضيف "يجب أن يعمم نظام الرَّئاسة المُشتركة على كافة بلدان الشَّرق الأوسط وليس فقط في شمال وشرق سوريا، ونسعى ليكون لها وجود في اللجنة الدَّستوريَّة بنسبة 50 بالمئة، ونركز على تمكين المرأة عبر إنشاء أكاديمية سياسية خاصة بها".
وترى أن قانون المرأة بحد ذاته قفزة نوعية حققتها القوة النَّسوية الثَّائرة في شمال وشرق سوريا، "على مدى عامين من عمل اللجنة القانونية تم مناقشة قوانين خاصة بالمرأة، ولكن مع اللجنة التي تم تشكيلها لمجلس المرأة ضممنا نساء من جميع المناطق، لتتناسب هذه القوانين مع التَّنوع الجغرافي الموجود في وطننا، وعلى هذا الأساس تم تعديلها لتتناسب مع وضع المرأة ولتصون كرامتها".
ولم تنسى التَّطرق إلى سياسيات الدَّولة التَّركيَّة المُعادية للمرأة "منذ فجر التَّاريخ تستخدم طرق غير إنسانية كالأرض المحروقة وقطع المياه والإبادة كما فعلت بالأرمن الإيزيديين، كل ذلك لتُغطي على أزمتها الدَّاخليَّة الخانقة، إذ أنها تعتقل السَّياسيين وأصحاب الرَّأي الحر".
وتؤكد بيريفان فقي على أن جميع السَّياسات التي تتبعها تركيا لا تؤثر فقط على المرأة، بل إن هنالك أطفالاً في المخيمات يُعطشون اليوم، من دون أي حراك من المجتمع الدَّولي لردع ذلك.