"المرأة الجديدة" تبدأ فعالياتها لحملة الـ 16 يوماً بندوة محورها العنف في أماكن العمل

بدأت فاعليات حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، والتي تحرص خلالها المؤسسات النسوية على تسليط الضوء على قضايا وأزمات النساء والذي يحتل العنف بأشكاله المساحة الأكبر منها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعمل المؤسسات النسوية خلال حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف الواقع على النساء على تعزيز مفاهيم الشراكة لمناقشة أدوات الحماية اللازمة من أجل منع الانتهاكات التي تقع على المرأة، في سياق مبني على النوع الاجتماعي لذلك حرصن على نشر الوعي كواحدة من الأساليب الضرورية الهادفة لتغيير ثقافة المجتمع.

استضافت مكتبة مصر الجديدة العامة مؤسسة المرأة الجديدة في ندوة حملت عنوان "اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة" وناقشت عدد من المحاور منها "العنف والتحرش في عالم العمل، والتعريف بتبعاته، والأسباب التي جعلته قضية مركبة ومربكة، وكذلك التعريف باتفاقية 190c".

وتضمنت الندوة فتح جلسة للنقاش المفتوح حول قضايا العنف والقوانين التمييزية التي يعاني منها المجتمع، وكذلك بحث عدد من المفاهيم اللصيقة بعمل المجتمع المدني والمؤسسات النسوية على وجه التحديد ومنها تلك المرتبطة باستيراد أفكار من الخارج لا تشبه الواقع المحلي وهو ما نال قدر من البحث والردود المختلفة وكذلك قضية المساواة في القوانين وجميعها نتاج اختلاف أفكار الحضور من رواد المكتبة.

 

المؤسسات النسوية تتبنى حملة مناهضة لدعم قضايا النساء

قالت مديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي لوكالتنا أن الحملة الدولية لمناهضة العنف الواقع على المرأة تبدأ في 25تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام وتستمر لمدة 16 يوم، وتطلقها الأمم المتحدة وتتبناها المؤسسات النسوية للفت أنظار المجتمع لتلك الظاهرة والعمل على تغيير الثقافة المتعلقة بها وخاصة التي تبرر العنف وتقبله بصيغة ما.

وأشارت إلى أن الأمم المتحدة أصدرت الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة في أوائل السبعينات، وخرج الإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فيما بعد وهو الذي عرف العنف بأنه الإيذاء المباشر أو التهديد به للنساء على خلفية نوعهم الاجتماعي وتم تصنيفه لثلاثة أنماط رئيسية وهي البدني والنفسي والجنسي.

وأوضحت أن الكثيرات قد لا تشعرن بحجم العنف الممارس عليهن لما أضفته ثقافة المجتمع من قبول لبعض أشكاله، مشيرة إلى أن النساء أنفسهن قد لا تدركن حجمه وخاصة عند الحديث عن ضرب الزوجة أو حتى الاغتصاب الزوجي.

وأكدت على أنه هناك قبول مجتمعي لبعض حالات العنف فما زال المجتمع يصنف التحرش على أنه معاكسة، وأيضاً يدين النساء من الضحايا خاصة إن قمن بتحرير محاضر ضد من يعتدون عليهن على مستوى الأسرة أو خارجها، لافتة إلى أن مجرد الخروج خلال حملة مناهضة العنف، للحديث عن تلك الانتهاكات وحجم تأثيرها على النساء وخلق حالة من النقاش والرفض والاستهجان في حد ذاته مكسب كبير.

وأشارت إلى أن مؤسسة المرأة الجديدة لديها عدد من الفاعليات خلال حملة الـ 16 أممياً، منها اجتماعين مع مكتبة مصر الجديدة أحدها للحديث عن العنف داخل أماكن العمل، والآخر في حي الأسمرات يستهدف الحديث حول أوجه الانتهاكات والعنف الذي يقع على كاهل المرأة.

وأكدت على أن مؤسسة المرأة الجديدة ستقوم بعقد فاعلية كبرى في ختام حملة الـ 16 يوم في العاشر من كانون الأول/ديسمبر ستشهد عروض لمجموعة أفلام ذات صلة، ومائدة مستديرة حول القوانين والآليات الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة، فضلاً عن حملتها الإلكترونية والموجودة على وسائل التواصل الاجتماعية وغيرها من الأنشطة المرتقب تنفيذها.

وعن الندوة المنعقدة بمكتبة مصر الجديدة أوضحت، أنها تحدثت عن العنف ضد المرأة وسياسات الحماية من قوانين وتشريعات وكذلك المادة 190 المنوط بها حماية النساء في أماكن العمل ومطالبة الحكومة المصرية بالتصديق عليها لما سيكون لها من دور فارق مع النساء.

وعن الخلافات الجوهرية في فحوى النقاشات قالت أن جمهور المكتبة مختلف فهو أميل للثقافة العامة أكثر من القضايا المعنية بحقوق النساء، لذلك كان هناك حديث عن السياسة والتربية والتنشئة والمساواة في التشريعات.

وأكدت أن الندوات أحد وسائل المقاومة وهناك عدد ليس بالقليل من التجارب أخرجها الحضور في القاعة على درجة كبيرة من الأهمية، مشيرةً إلى أن الندوات والنقاشات وكذلك الموائد عناصر مؤثر بنسبة على تغيير الثقافة العامة بشأن قضية العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي وما يقع على النساء من انتهاكات وأزمات.

 

 

حملة الـ 16 يوم تدق ناقوس الخطر

واعتبرت استشارية النوع الاجتماعي والدعم المؤسسي في مؤسسة المرأة الجديدة مي صالح، أن بدء الحديث العالمي عن العنف خلال حملة الـ 16 يوم، أحد القضايا الهامة التي تدق ناقوس الخطر نحو تلك القضية المحورية المتمثلة في مناهضة العنف بمختلف أشكاله، خاصة أنها واحدة من أكبر الأزمات التي تعاني منها النساء خلال الفترة الأخيرة.

وأوضحت أن العنف الذي يحدث في عالم العمل يهدد بشكل واضح تكافؤ الفرص والمساواة، فالمرأة تعاني من عدم القدرة على التركيز والإبداع وتظل مضغوطة لحاجتها إلى مساحة أكبر من الثبات الانفعالي، وتقع في قبضة التأزم النفسي وهو الأمر الذي يضيف إلى أعبائها الأخرى ويقلل من إنتاجيتها بشكل لا يقبل التشكيك.

ولفتت إلى أن تأثير العنف على النساء في أماكن العمل جاء في مقدمتها النفسي، وتلاه الجنسي ثم أشكال التمييز المختلفة، وأخيراً البدني، وعن أماكن التعرض للعنف فيأتي على رأسها المكاتب وصالات الانتاج، والمخازن، ثم المواصلات والطرق، وأخيراً الأماكن غير المضاءة.

 

خطة عمل "المرأة الجديدة" في حملة لـ 16 يوم

وقالت استشارية النوع الاجتماعي والدعم المؤسسي في مؤسسة المرأة الجديدة مي صالح أن العاملات في القطاع الخاص والغير منظم تحتجن لحماية العديد من الأسباب منها هشاشة الوضع المهني مع سوء الأوضاع الاقتصادية العالمية، وضعف الوعي بالتشريعات القانونية والآليات الدولية للحماية، وعدم التزام أصحاب العمل بمعايير العمل اللائق، وضعف قدرة النقابات على المفاوضة، وكذلك غياب ضمانات الحماية القانونية والاجتماعية، وضعف توفر المعلومات الدقيقة حول العاملات بالقطاع الغير منظم.

وأكدت على أن العنف الواقع على النساء داخل أماكن العمل المختلفة جزء من معايير العمل اللائق داخل المؤسسات فهو لا يختلف كثيراً عن تعزيز دور النقابات والحماية من التمييز والترقي وغيرها من الأمور التي تتبناها المؤسسة، لافتةً إلى أن عدد من الأدبيات التي صدرت بعد الجائحة توصلت إلى أن العنف هو "جائحة الظل"، وأن ما يحدث من انتهاكات للنساء داخل أماكن العمل يؤثر عليهن على المدى الطويل حتى وإن تمت معالجة الأمر أو التحقيق في تبعاته.

وأوضحت أن العنف في عالم العمل يرتبط أكثر بالسلوكيات والممارسات التي تحدث به، ومنها الجسدي والنفسي والجنسي وكذلك الاقتصادي الذي يظهر في أشكال كثيرة كالتمييز في الأجور وجميعها أضرار تتعرض لها النساء، لافتةً إلى أن كونه مركب وله أبعاد أكثر تعقيداً ومربك، وذلك لأن القانون المصري لا يحمي منه بشكل أساسي باستثناء مادة واحدة في قانون العقوبات، كما أن إثباته صعب للغاية وفيه إشكاليات متعددة.

وأضافت أن الاتفاقية الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية رقم 190c والهادفة للقضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل والصادرة عام 2019، أحد أهم بدائل غياب التشريع الوطني لما سيكون لها من دور في الحماية والاستخدام كسند قانوني، لتحسين أوضاع النساء في أماكن العمل لتكافؤ الفرص، وتأثيره على الصحة النفسية والبدنية والجنسية.